أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


صراع إخوان مصر مع القانون

بقلم : إياد حماد
15-07-2012 10:36 AM

أريد أن أذكر بأن كلماتي هذه ليست موجهة لمن ينظر إلى الأمور من منظار جماعة الإخوان لأن هؤلاء تحكمهم العاطفة وتسيطر عليهم بحيث تمنعهم من رؤية الحق حتى وإن كان ظاهراً مثل الشمس في رابعة النهار وإنما كلماتي موجهة لمن ينظر إلى الأمور بمنظار العقل والمنطق فيبحث عن الحق حيثما كان ويتمسك به حتى وإن خالف هواه أو خالف الفئة أو الجماعة التي ينتمي إليها فالحق أولى بالإتباع

كلامي سيكون محوره حول ما حصل في مصر من أحداث مؤخراً وبالتأكيد على رأس تلك الأحداث كان حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان مجلس الشعب المصري والصراع الذي دار حول ذلك

فالقضية بدأت بحكم المحكمة الدستورية ببطلان مجلس الشعب المصري وذلك بعد النظر في الدعوى المقدمة إليها بعدم دستورية قانون الانتخابات فيما يتعلق بالقائمة الفردية وقد رأت المحكمة بعد النظر في القضية بأن مجمل قانون الانتخابات سواء فيما يتعلق بالقائمة الفردية والقائمة الحزبية باطل وهذا مؤداه بطلان مجلس الشعب بالكلية لبطلان قانون الانتخابات وهنا علينا أن ندرك بأن المحكمة لم تعتبر مجلس الشعب منحلاً بل باطلاً كما أن المحكمة من حقها النظر في مجمل قانون الانتخاب حتى وإن كان أصل الدعوى حول القائمة الفردية كما أن قرارات المحكمة نافذة بقوة القانون بمجرد نشرها في الجريدة الرسمية دون الحاجة إلى أي إجراء أخر وهذا ما ورد في منطوق الحكم وهي ملزمة لكافة جهات الدولة وغير قابلة للطعن

وعلى كل حال أريد أن أبين بعض الملاحظات على سلوكيات جماعة الإخوان نحو هذا الحكم وبداية أريد أن أذكر القارئ بأمرين :
1: بأن المحكمة الدستورية حكمت في نفس اليوم الذي أبطلت فيه مجلس الشعب بعدم دستورية قانون العزل السياسي وقد تقبلت جماعة الإخوان بطلان قانون العزل دون اعتراض فما سر ذلك ؟ بالتأكيد لأن رد قانون العزل أصبح يسير ضمن مصلحة الجماعة إذ لو كان حكم المحكمة بخلاف ذلك لتوجب إيقاف الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية وإجراء الانتخابات من جديد مما سيشكل تهديداً لفرص الدكتور محمد مرسي في الفوز كون أن استبعاد شفيق سيعيد حمدين صباحي للمنافسة بقوة والإخوان يعلمون بأن فرصهم بالفوز أمام شفيق أكبر بكثير منها أمام حمدين صباحي لذا فإن الظاهر بأن حكم المحكمة الذي وافق مصلحة الجماعة تلقته الجماعة بالقبول وما خالف مصلحتهم حاربوه وهذا مؤشر خطير على مدى احترام أحكام القضاء من قبل الجماعة
2: أن رئيس المحكمة الدستورية العليا والذي حكم ببطلان مجلس الشعب كان هو نفسه رئيساً للجنة المسؤولة عن الانتخابات الرئاسية والتي أعلن فيها بأن مرسي هو الفائز فلماذا نسلم بحكمه هنا ونرفضه هناك أم هي المصلحة ؟
إذاً نلاحظ بأن جماعة الإخوان تتعامل مع أحكام القضاء حسب مصالحها الفئوية مستخدمة في ذلك مجموعة من الأساليب البعيدة عن الحقائق ومن هذه الأساليب على سبيل المثال لا الحصر
1: الترويج إعلامياً بأن المجلس العسكري هو من قام بحل مجلس الشعب المصري وقد أثبت مجريات الأحداث عدم صحة ذلك فمجلس الشعب لم يكن صحيحاً حتى يحل بل كان باطلاً وهذا منطوق حكم المحكمة الدستورية العليا وبالنسبة للمجلس العسكري فهو لم يصدر قراراً إنشائياً فيما يتعلق بالمجلس بل أصدر قراراً تنفيذياً لحكم المحكمة ولذلك عندما قام الدكتور محمد مرسي بسحب قرار التنفيذ تبين بما لا يدعو مجالاً للشك بأن من حكم ببطلان المجلس كانت هي المحكمة لذا أصبح الآن مرسي في مواجهة مباشرة مع حكم المحكمة وليس مع المجلس العسكري كما كان يظن
2: الزعم بأن المحكمة الدستورية العليا حكمت بحل ثلث مجلس الشعب فقط وهذا باطل لأن منطوق حكم المحكمة كان بطلان المجلس بالكلية
3: محاولة جماعة الإخوان الطعن على الحكم متجاهلة المادة رقم 48 من قانون المحكمة الدستورية العليا والقاضية بأن أحكام المحكمة الدستورية وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن وهنا نسأل لماذا كل هذه المحاولات البائسة في ظل وجود هذه المادة ؟ وإذا كان الرئيس مرسي أقسم على احترام الدستور والقانون فلماذا لا يسلم بعبثية الطعن على حكم محكمة دستورية ويلتزم بقانون المحكمة التي أقسم أمامها على احترام القانون ؟
4: الزعم بأن حكم المحكمة الدستورية العليا بإيقاف تنفيذ القرار الرئاسي بسحب قرار المشير طنطاوي ليس من اختصاص المحكمة الدستورية وهذا أيضاً ليس بصحيح ومن المؤسف أنه صادر عمن اتخذه الدكتور محمد مرسي مستشاراً قانونياً له فمن يعود إلى قانون المحكمة الدستورية العليا يجد المادة رقم 50 والتي نصها ' تفصل المحكمة دون غيرها في كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها ' وهذا نص قانوني واضح بأن من اختصاص المحكمة الدستورية النظر في المنازعات المتعلقة بتنفيذ حكمها فكيف يخرج علينا مستشار الرئيس مرسي ليقول أن ذلك ليس من اختصاصها ؟
5: الزعم بأن حل المجلس من اختصاص محكمة النقض وهذا ما فعله الكتاتني عندما أحال حكم المحكمة الدستورية إلى محكمة النقض وهذا باطل أيضاً لأن محكمة النقض وفق الإعلان الدستوري تفصل في صحة العضوية لكل نائب تم الطعن في صحة فوزه في الانتخابات وليس في صحة قانون الانتخاب ذاته والمجلس كما هو معلوم اعتبر باطلاً نظراً لبطلان القانون الذي أسس عليه كما أن هناك ملاحظة أخرى بأن محكمة النقض تنظر في صحة العضوية وذلك إذا رفعت الدعوى خلال شهر من إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية لذا أصبحت الإحالة لا محل لها
6: الزعم من قبل جماعة الإخوان أنهم ردوا المحكمة حين النظر في إيقاف قرار الرئيس مرسي بسحب قرار المشير طنطاوي لذا فإن حكم المحكمة منعدم وهذا غير صحيح وذلك لأنه حسب قانون المرافعات المادة رقم 151 يجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أي دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه وهذا ما حصل ويضاف إلى ذلك بأن الرد كان لجميع هيئة المحكمة الدستورية وهذا غير جائز وفق المادة رقم 164 من قانون المرافعات حيث نصت على أنه لا يجوز طلب رد جميع قضاة أو مستشاري المحكمة أو بعضهم بحيث لا يبقى من عددهم من يكفي للحكم في الدعوى الأصلية أو طلب الرد
7: الزعم بوجود الخصومة مع العلم بأن فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية الذي حكم ببطلان مجلس الشعب هو نفسه الذي أعلن فوز مرسي برئاسة مصر فعن أي خصومة تتحدثون ؟ وهل إذا لم يعجب المتهم حكماً يحق له أن يسقطه بقوله أن المحكمة خصم لي ؟ إذا لسقطت جميع المحاكم
8: محاولات الاستفتاء على حكم بطلان مجلس الشعب وهذا لا سند قانوني له حيث لا يجوز الاستفتاء إلا على القرارات السياسية أما أحكام المحاكم فلا يتم عليها استفتاء

بالتأكيد هناك العديد من الملاحظات والتي بلا شك يغفلها كل من ينظر إلى الأمور بمنظار الجماعة ومن المؤسف بأن الدكتور محمد مرسي يحيط نفسه بمجموعة تريد منه أن يقفز في الهواء دون أن يدرك ماذا سيحصل بعد هذه القفزة ولذلك نحن الآن نشاهد بعد أن فشلت جماعة الإخوان في إعادة مجلس الشعب وذلك بعد أن كشفت نفسها بأنها ضد دولة القانون حيث كانت تظن أن جميع القوى السياسية المصرية ستقف معها لكنها صدمت بالواقع فمعركتها كانت مع القانون وليس مع المجلس العسكري كما تحب أن يكون لذلك هي اليوم تعود إلى المطالبة بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل لكي تجمع حولها القوى السياسية من جديد

ستحاول جماعة الإخوان أن تجعل مرسي يقفز في الهواء مجدداً وقد يكون ذلك من خلال إعلان دستوري جديد أو حتى إلغاء الإعلان الدستوري المكمل وهنا ستقع مصر في صراع جديد ولنا أن نسأل هل مصر تتحمل كل هذه الصراعات ولماذا يغلب البعض عقلية الصراع على التوافق ؟ نأمل من الدكتور مرسي أن يكون رئيساً لجميع المصريين وليس مندوباً لجماعة الإخوان في القصر الجمهوري ...


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012