بقلم : د. صالح سالم الخوالدة
15-07-2012 10:42 AM
بعد عامٍ ونصف العام من مسيرة الإصلاح المزعومة، والتي أدارها لنا من خلف الفوانيس عدوّنا الأوّل والأخطر المدعو فساد؛ نقف اليوم أمام واقعٍ جديد ويُنبئ لنا دونَ ريبٍ أو شكّ عن استمرار ما نحن فيه لا بل أسوأ، وهو أنّ أعداءَنا الفاسدين، وحسب شروطهم لا بشروطنا؛ يصلبوننا للتّو ويجعلوننا نختار إمّا بين (الجهلِ والجهل)، وإمّا بين (القاتل والطّامع)، ويقولون لنا: اختر من بينهما حريّتك يابن (زبيبة)، و لا يقصدون سوى عُبوديّتنا!
لقد تحرّكنا فتحرّك الفاسدون معنا جنباً إلى جنب،اعتصمنا فاعتصموا بذيلنا،كتبنا فأثنوا علينا وزوّدونا بموضوعات مجانيّةٍ عن فسادهم لتساعدنا في الطّرح والكتابة والتّنوّع، تحزّبنا فوضعوا أنفسهم رؤساء أحزابنا فدعمونا جهراً وأفشلونا خفية، لقد كانوا معنا في كلّ شيء...؛ ولكن عندما رأوا بأنّنا أصبحنا بالفعلِ (نَعطُسُ) بالحرّيّة والكرامة الإنسانيّة، وأخذ رذاذُ أُنوفِنا يلصقُ على وجوههم القاحلةِ من كلّ عضلٍ وماء؛ كانوا الأسرع والأوقح في قولهم لنا: (ههههههه...إحنا كُنّا نمزح معاكم)!
إنّهم يصطفّون من جديدٍ، ويبدون الآن أقوى من ذي قبل! بفضلِ (طمس) معالم فسادهم قانونيّاً، والذي كان يُسبّبُ لهم صداعاً من خلال إخلاص ووفاء نوّابهم المُراهقين لهم، وبفضل قانون (انتخابهم) الجديد الذي أرادوه ليُحافظ على خدمهم ورجال حمايتهم وهم يُمارسون أولى هواياتهم وأبرزَ دوافعهم في (التّكويش) على ما تبقّى من المال والسّلطة...، هذا في حال بقي شيءٌ منهما!
وحسب مُقتضى الحال الذي نعيش...؛ نجد بأنّ سلطة التّشريع تعود إليهم مرّةٍ أُخرى، وبحالٍ أفضل وأجرأ، والسّؤال هنا هو: كيف ومن أعادها أو سيُعيدها إلى ذلك المنبت السيّئ؟
اسمع يا رعاك الله:
لقد عادت إليهم عندما (شَمَّسوا) وكشفوا القوى السّياسيّة التي سعت (وحجّت واعتمرت وصلّت وصامت وزكّت) لمصالحها الشّخصيّة فقط، ولم ولن تعمل يوماً من أجلِ وطنٍ ومستقبله، ولا من أجلِ شعبٍ وكرامته!
لقد عادت إليهم بعد أن (كَفشوا) وكشفوا الأحزاب التّابعة والخادمة للسّلطة بغض النّظر عن نوعيّتها ومنهجها، وفهموا أنّ رؤساءها والمسيطرين عليها...؛ يعملون من أجل مصالحهم...، لذا...؛ هم سيُقدّمون خدماتهم لأيّ فاسدٍ سواء أكان خارج السّلطة أو داخلها ما دامت الغاية عندهم تُبرّر الوسيلة!
لقد عادت إليهم بعد أنِ (استضرطوا) الّنصفَ وأكثر ممّن صنعتهم السّلطة وأشاعوا بيننا واستنطقونا على أنّهم (شخصيّاتٌ ورموزٌ) وطنيّة، وليس لهم اسمٌ عند شُرفاء الوطن والصّادقين إلّا (الطّحالب)، إذ كشف الفاسدون هؤلاء المتسلّقين بأنّهم يُقدّمون الطّاعة والولاء وغيرهما أثناء قربهم من السّلطة والعيش فيها، وليس إلى هذا الحدّ فقط...؛ بل هم المتحدّثون باسمها، والمدافعين عنها، ويقلعون (سراويلهم) ذكوراً كانوا أم إناثاً دون وجلٍ أو عيب أو تأخير إنِ اقتضت المنافع...؛ فيبرّرون ذلك من بابِ أنّه واجبٌ وطنيٌّ لا من بابِ أنّ (السّلطات تُبيحُ المستُورات)!
لقد عادت إليهم بعد أن رأوا أنّ الأردنيين بكلّ ما أُتوا...؛ لم يستردّوا ديناراً واحداً من ملياراتهم المنهوبة، أو متراً من أراضيهم التي نهبها (رجالٌ بلا أعمال)، وحصلوا عليها بثمنٍ بخسٍ، ومن ثمّ باعوها بالملايين لُيُشار إليهم من قبل (عنترة وأخوته) بعد برهة قصيرة جدّاً؛ بعلية (عبسٍ) وفرسانها، وأصحاب جاهها ومالها! تلك الأموال المنهوبة والتي لن تفاجئنا بعد أن رأيناها أكثر من مرّةٍ وسنراها قريباً وهي تُضخُّ في الانتخابات هنا وهناك، وتُصرف على إعلامهم وإعلاناتهم وفضائيّاتهم بما يخدم عودتهم وفسادهم من جديد وبقوّه...!
أمّا كيف نمنع الآن عودتهم، ونفضّ اصطفافهم...؛ فبالتّخلّصِ من قداسة المنصب، وبالتّضحية من أجل الحريّة والكرامة، وبالإصرار الرّهيب على ما نُريدُه بعد صبرنا الطّويل، وبتغيير الحياة ولفظ الماضي الذي لم يعد البتّة ينفعنا الآن، وبعدم ترك العصابة الفاسدة وملاحقتها في كلّ زمانٍ ومكان إلى أن نحقّق أُردنّاً خالياً من كلِّ مُفسدٍ وفساد...!
نمنعهم في حالِ أخذنا (الأَردُنَّ) غلابا، وكففنا عن نيل المطالبِ بالتّمنّي وعن: ليت هز!عٌ يعود ويعود وصفي، ونخبرهما بما فعل لعّيبةُ (الطّرنيبِ)!