أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


إيران وإسرائيل.. حافة الهاوية

بقلم : محمد جميل احمد
03-10-2024 11:06 PM

من خلال التطورات الدراماتيكية للحرب بين حزب الله وإسرائيل، لاسيما بعد الحدث المفصلي الذي حدث مؤخرًا باغتيال زعيم حزب الله حسن نصرالله، كان واضحًا أن التصعيد آخذٌ في الاتساع باتجاه الحرب الشاملة على نحو قد لا يمكن معه التحكم والسيطرة في ردود الفعل، وهو تمامًا ما يريده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أي المضي بسياسة حافة الهاوية إلى أن يصبح الوضع خارجًا عن السيطرة.

وهكذا لم يكد يمضي أقل من أسبوع على اغتيال حسن نصرالله حتى كان الرد الإيراني على إسرائيل، الثلاثاء، وعدًا قد تحقق بعد طول انتظار، وهو رد تدرك إيران تماماً أنه جزء من لعبة سياسة حافة الهاوية مع نتنياهو، بعد أن وجدت الأولى نفسها أمام تجاوز نتنياهو لجميع الخطوط الحمراء التي وضعتها.

فإيران تدرك أن صمتها دون رد على إسرائيل حيال كل ما جرى وحدث في لبنان من تدمير ممنهج ومميت لقدرات حزب الله في كوادره البشرية وعتاده الحربي على ذلك النحو الخطير؛ أمر يضعها أمام اختبار عسير، ويجعلها محشورةً في زاوية لا تحسد عليها، إذ كيفما قلَّب صانعو القرار في طهران الأمورَ؛ فسيجدون أنه لا مفر من الرد، وفي الوقت نفسه، تدرك إيران أن إسرائيل متى ما تم ضربها من طرف الأولى فإنها قد أعلنت بضرورة ردها الحاسم، وهذا ما كشفت عنه تصريحات المسؤولين الإسرائيليين وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو تعليقًا على ضربات إيران الصاروخية الأخيرة، حين وصفوا إيران بأنها ستندم على ما فعلته.

إذًا، يبدو أنه لا مفر من القول إن المنطقة ربما دخلت مرحلة نهايات فقدان القدرة على السيطرة والتحكم بالتداعيات الإقليمية الخطيرة لعملية طوفان الأقصى.

لقد ذكرنا أكثر من مرة، في مقالات عديدة؛ أن مآلات عملية طوفان الأقصى (تلك العملية النوعية غير المسبوقة في ردود فعل حركات المقاومة الفلسطينية) لن تفضي إلا إلى نتيجتين لا ثالثة لهما؛ إما قيام دولة فلسطينية كاملة الدسم (وهذا ما بات مستبعدًا في ظل حكومة اليمين الديني المتشدد برئاسة نتنياهو) وإما إلى حرب إقليمية في المنطقة وهذا ما يبدو أن مآلات الأمور بدأت تتجه إليه.

التعقيدات التي تطورت إليها مآلات عملية طوفان الأقصى، راهنًا (بما فيها احتمال اتساع نطاق الحرب إلى حرب إقليمية) هي نتيجة لاشتباك ملفات قديمة ومعقدة في المنطقة؛ أمنيًا وسياسيًا وإيدلوجيًا، وأن تعقيدها ذاك بكل ما ينطوي عليه من خطورة أصبح اليوم أمام استحقاق دفع الأثمان لكل محور من محاور المنطقة.

فمن ناحية، أصبحت إيران اليوم أمام استحقاق دفع ثمن رهانات إيدلوجية طالما ظلت تراهن عليها عبر أذرعها في المنطقة، لاسيما بعد أن تمادت إسرائيل كثيرًا في استفزازها بالضربات التحويلية المدمرة لحزب الله.

كما وجدت إسرائيل نفسها (وقد غدت يدها طليقة ووجدت الفرصة سانحة للقضاء على حزب الله لتأمين مستوطنات شمال إسرائيل) وجهًا لوجه بعد هذه الضربات الإيرانية أمام فرصة أكبر للتخلص، ربما، من هاجسها المعلن: (المشروع النووي الإيراني). هذا كله يعني أن الأيام والأسابيع المقبلة ستكون مليئةً بالمفاجآت في الشرق الأوسط، فعبر تهديد إيران للولايات المتحدة بضرب مصالحها العسكرية في المنطقة حال تدخلها لصالح إسرائيل في الحرب، بات جليًا أن أراضي لدول أخرى في المنطقة ستكون ميدانًا لاحتمال الضربات الصاروخية الإيرانية متى ما تطورت الحرب الإقليمية، وهذا تهديد ينطوي على تعقيدات أمنية خطيرة حال اتساع نطاق الحرب الإقليمية.

في الأثناء، ستبدو كل الخطوط الحمر متاحةً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في سبيل إشعال هذه الحرب الإقليمية بما الشروع في ذلك تنفيذ اغتيالات من شأنها قطع الطريق على أي عودة إلى السبل التفاوضية لإنهاء الحرب.

تبدو كل الأوراق مختلطة بعد أن تجاوز نتنياهو كل الخطوط الحمراء فيما أقدم عليه بلا هوادة وهو يدرك، تمامًا، أنه بذلك سيورط إيران والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والعالم في حرب لا يريدها أحد سواه في المنطقة، لكنه قد يكون مضطرًا لخوضها إذا بات خوضها أمرًا لابد منه. لذلك كله؛ ها هو نتنياهو يضع إيران والولايات المتحدة أمام وضع لابد منه لخوض الحرب، ربما!.

صحيفة عُمان

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012