أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 16 تشرين الأول/أكتوبر 2024
الأربعاء , 16 تشرين الأول/أكتوبر 2024


السابع من أكتوبر.. عام من حربٍ بلا نهاية

بقلم : ساجدة أبو عودة
12-10-2024 06:26 AM

مرَّ عامٌ كامل على حرب طوفان الأقصى، مرَّ عامٌ كامل على تاريخ السابع من أكتوبر، عامٌ حُفرت فيه آلامٌ في القلوب، وسُكبت فيه دماء الشهداء لتروي أرضًا عرفت المقاومة والصمود كعنوانٍ للحياة، لقد قُتلنا بكل الأشكال، وصار الألم جزءًا لا يتجزأ من يومياتنا، حتى بَات الخوف من صوت الملعقة حين تسقط في الأرض هاجسًا يفزع القلوب، تبَّت يد العالم الذي باعنا بتراب، وانصرف عنا، تاركًا غزة لتغرق في بحرٍ من الدماء والخوف.

عامٌ من الفراق، من وداع أحبّتنا الذين كانوا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، كل يوم نودع أعدادًا كبيرة ممن ظننا أنهم سيبقون معنا للأبد، ماذا نفعل بهذا الكم من الفراق؟ كيف نستطيع الاستمرار ونحن ندفن قلوبنا مع كل شهيد؟ سؤالٌ يطرحه أبناء غزة كل صباح، على علماء النفس وعلى العالم بأسره، لكن الإجابة دائماً تأتي بالصمت، وكأن العالم قرر أن يطوي صفحتنا من ذاكرته.

غزة تعيش واقعًا لا يمكن للعالم استيعابه، مدينة تحدق بالموت منذ عام، والموت يحدق بها من كل زاوية، لا مجال للبكاء هنا، فالألم بات يسرق منا القدرة على البكاء، قلوبنا مثقلة بحمل الحرب، نبضاتها خافتة، وكأن الحياة نفسها تهرب منا، وتتركنا نواجه هذا الكابوس الذي لا ينتهي.

عامٌ من الحرب على الأطفال الذين حُرموا من براءتهم، على البيوت التي تهدمت فوق رؤوس ساكنيها، على الأحلام التي دُفنت تحت الأنقاض، عامٌ من الحرب على الإنسانية، على الأمل، على الحياة نفسها، كيف يمكن للإنسان أن يعيش في كابوسٍ مستمر دون غفوة واحدة؟ كيف نواصل ونحن نرى خذلان العالم يتجلى في كل لحظة؟

على مدار عامٍ كامل، هناك رجالٌ في غزة، أدركوا أن أرواحهم هي الدرع الذي يصد العدوان عن شعبهم، ليلتحموا في ميادين الشرف، هؤلاء المجاهدون، ليسوا فقط جنودًا يحملون السلاح، بل هم حاملو لواء الكرامة، يقفون بين الموت والحياة في كل لحظة، يواجهون الليل والنهار على حدٍّ سواء، إنهم يعلمون أن قتلهم للعدو ليس مجرد معركة عابرة، بل عبادةٌ تعلو بها أرواحهم نحو السماء، وقُربان يُرفع إلى الله كل يوم. ومع ذلك، نحن هنا.. صبرنا يتحدى الألم، وعزمنا لا ينكسر، نودع أسوأ صيف مرَّ علينا، نستقبل خريفًا جديدًا مع خريف أعمارنا المسلوبة تحت مقصلة الدبابات وأزيز الطائرات، لكننا.. رغم كل شيء، لن نستسلم.. إما أن ننتصر، أو نترك أرواحنا تفدي أعراضنا وأرضنا. وفي هذا الواقع المرير، لا يبقى لنا سوى الله، نشهدك يا رب أننا رضينا بكل ما أتيت من حرمان وكسر وألم، لكننا نطلب منك أن تملأ هذا الألم أملاً، وهذا القهر فرجًا، فنحن نعلم أن النصر آتٍ، وللمقاتل دائمًا نصرٌ يُنتظر. عامٌ من الموت، عامٌ من الدمار، لكنه أيضًا عامٌ من الصمود والصبر، لقد أثبتت غزة أنها رغم كل شيء لن تسقط، وأن إرادة الحياة فيها أقوى من أي قوة أخرى، وسط هذا الظلام الذي يحيط بنا، هناك ضوء لا ينطفئ، ضوء الأمل الذي ينبعث من كل بيت مدمّر، من كل قلب جريح. رسالتنا للعالم واضحة: لن ننكسر، وسنظل واقفين حتى يأتي النصر الذي وعدنا الله به.

الشرق القطرية

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012