أضف إلى المفضلة
الجمعة , 18 تشرين الأول/أكتوبر 2024
الجمعة , 18 تشرين الأول/أكتوبر 2024


البنوك يا حكومة

بقلم : ابراهيم عبدالمجيد القيسي
17-10-2024 11:39 PM

سبق أن قلناها هنا وفي غير المكان، بأن تحالف رأس المال قوة تسحق الحكومات الوطنية، ويزداد الأمر صعوبة بالنسبة لحكومات الدول التي تعاني من المديونية، وقد تابعنا تداعيات بالغة السوء عن تغول البنوك على حكومات في دول عديدة في المنطقة، حيث نتذكر مثلا وفي أعقاب مرحلة الكورونا كيف كانت البنوك تتعامل مع زبائنها في لبنان ومصر وبعض الدول الافريقية.. وكيف عجزت الحكومات في تلك الدول حتى عن إقتاع البنوك بصرف مستحقات الناس الموجودة من أرصدتهم في حساباتهم البنكية الخاصة، فالذي يريد ان يسحب مبلغا نقديا قوامه الف دولار مثلا، لا يسمح له البنك سوى بربعه أو بـ10% منه..
نحن في الأردن ربما لم نبلغ ذلك المستوى من الخطورة، لكننا اليوم نعاني من مسألة كنا قد اعترضنا عليها في السابق، حين عبرنا عن استهجاننا للخطوات التي اتخذتها البنوك بخصوص رفع أسعار الفائدة على قروض العملاء القديمة، وكان اعتراضنا وتحفظنا أولاً على قيام البنوك برفع الفوائد على القروض بناء على رفعها من قبل البنك الفدرالي الأمريكي، فتلك خطوات اتخذتها دولة اقتصادية كبيرة للحفاظ على سعر الدولار وغيره من المبررات، التي تخصهم، فقلنا عندئذ بأن القانون وحسب قرارات محاكم أردنية (أعتقد محكمة التمييز)، حكمت بعدم جواز قيام البنوك برفع الفوائد على قروض سابقة، لكن لم تسمعنا البنوك ولم تتمكن الحكومة آنذاك من ثني البنوك عن هذه القرارات، وتابعنا أكثر من قصة وتظلم، أصحابها مواطنون كانوا على مشارف انتهاء أقساطهم عن قروض سابقة، فزادت وأحيانا تضاعفت مدة التسديد، بسبب قيام البنوك برفع الفوائد على هذه القروض.
اليوم، وبعد قيام المصدر نفسه وهو (البنك الفدرالي الأمريكي) بتخفيض نسب الفائدة التي كان قد رفعها في السابق على مراحل، يقوم هذا البنك بتخفيضها على فترات، لكن الغريب العجيب يحدث عندنا للمرة الثانية، حيث لا تقوم البنوك العاملة في الأردن بالاستجابة لقرارات الفدرالي الأمريكي بتخفيض الفائدة وبالسرعة نفسها التي كانت حين ارتفعت الفائدة، وهذه نزعة معروفة عند رأس المال الذي يزداد ويحقق مكاسب وأرباحاً مع كل جزء من الثانية!!.
البنوك والمؤسسات المالية الكبرى تتحدى الحكومات في بلدان كثيرة، ولا تذعن لتوجيهاتها، وتخاصمها في المحاكم، وهذه حالة قانونية تحدث، لكننا في الأردن لم نبلغ بعد هذا المستوى من النزاع بين الحكومات والبنوك، وتعد البنوك نفسها ذراعا وطنية تدعم سياسات الدولة التنموية في مجالات كثيرة غير تقديم التسهيلات المالية للعملاء المستثمرين والعاديين، لكن هذه السابقة المتمثلة بتعنت البنوك وتباطؤها في تخفيض أسعار الفائدة وعكسها على أقساط القروض، تعدّ تحدياً في وجه الحكومة، ويلزمها بمواجهته، سيما وأن تصريحات منسوبة لهيئات تمثل هذه البنوك صدرت، وتضمنت ضبابية حول موعد انعكاس تخفيض الفائدة على الأقساط الشهرية، وتضمنت توقيتات قد تمتد لمدة عام، لتنفيذ هذه التخفيضات وانعكاسها على الأقساط الشهرية التي يدفعها العملاء المقترضون.
هذه النزعة المتوحشة عند رأس المال يجب أن لا نراها في بلدنا، الذي تميز عن غيره من البلدان بقوة التضامن والتحالف والتراحم بين مكونات هذه الدولة من جهة، وبين المجتمع والشرائح الضعيفة من جهة أخرى.
حلّوها يا حكومة.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012