أضف إلى المفضلة
الخميس , 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الخميس , 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


العمالة الوافدة مشكلة أم حل؟

بقلم : أحمد حمد الحسبان
23-10-2024 10:25 PM

بحسب تصريحات لوزير العمل الدكتور خالد البكار ستعيد الوزارة فتح باب الاستقدام للعمالة الوافدة، مبررا الخطوة المنتظر تطبيقها الشهر المقبل بتداعيات سلبية تسبب بها وقف استقدام هذا النوع من العمالة في بعض القطاعات الاقتصادية.

وهي تصريحات تتقاطع مع كل ما درجت عليه الحكومات المتعاقبة التي صورت الوضع بطريقة مختلفة، واتخذت من القرارات ما اعتقدت أنه حل لتلك الإشكالية التي تجذرت على خلفية الفوضى التي بلغها قطاع العمالة الوافدة.

فقد أصدرت الحكومات المتعاقبة قرارات بإغلاق العديد من القطاعات أمام العمالة الوافدة، بدعوى الحد من البطالة بين الأردنيين، والتي تشير المعلومات الرسمية إلى ارتفاعها لما بين 22 و27 بالمائة.

حيث خلصت القرارات الحكومية إلى الإبقاء على العمالة المنزلية والزراعية والمقاولات والمخابز والمناطق المؤهلة، ومنعت ما دون ذلك بحجة توفر العمالة المحلية القادرة على تغطية متطلبات السوق، وقدرة المؤسسات التدريبية على تأهيل العمالة في مختلف التخصصات المطلوبة. وقامت الحكومة بوضع آلية لمنح التصاريح بالقدر المعقول الذي يحتاجه أصحاب كل قطاع.

القرار الحكومي لم يكن مريحا بالنسبة للقطاع الخاص، الذي واصل المطالبة بفتح باب الاستقدام للعمالة الوافدة ضمن ما يحدده أصحاب القطاع، واعتبر أن وقف الاستيراد لهذا النوع من العمالة التي يصفها بـ«الماهرة» و «المتخصصة».

ويبدو أن الحكومة الجديدة قد استجابت لهذه المطالب، مع أن موافقتها تبدو متناقضة مع كل ما كانت تتحدث به، وتقرره الحكومات على مدى عقدين من الزمان حيث نظمت حملات تفتيشية على مناطق تجمع العمال الوافدين، ومساكنهم وألقت القبض على عدد كبير من العمال المخالفين، وقامت بتسفير البعض والسماح للبعض الآخر بتصويب أوضاعه.

فعملية تصويب الأوضاع ما تزال مطروحة، وفقا لبيان مشترك بين وزارتي العمل والداخلية، حدد مهلة للتصويب تنتهي مطلع العام المقبل، وهي المهلة التي لا يتوقع الاستجابة لها إلا ضمن نطاق ضيق.

وبذلك تكون الحكومة قد سمحت بتصويب أوضاع العمالة المخالفة، بالتزامن مع السماح باستقدام عمالة جديدة يحتاجها القطاع الخاص على حساب العمالة المحلية التي باتت تدخل في منافسة غير متكافئة على فرص العمل المحدودة مع العمالة من جنسيات عديدة تتواجد على الأرض الأردنية.

فالمعلومات غير الرسمية تتحدث عن عدد تقريبي للعمال الوافدين من جنسيات عربية يتراوح ما بين 500 إلى 800 ألف عامل من بينهم نصف مليون مخالف، ويعمل بدون تصريح عمل. إضافة إلى من سمح له بالعمل بدون رسوم، بحكم وجوده ضمن قوائم اللاجئين أو النازحين من دول شقيقة عانت من ويلات الحرب وتشردت بحثا عن الأمان وصدر قرار حكومي بمنحه تصريح عمل وإعفائه من الرسوم.

المشكلة التي لا تنكرها وزارة العمل، عدم توفر معلومات كاملة حول حجم العمالة الوافدة المتواجدة في الأردن، فكل ما تعرفه هو أعداد العمال الحاصلين على تصاريح والمتواجدين بشكل قانوني. بينما العمالة المخالفة فلا معلومات كاملة حولها.

والمشكلة التي لا تستطيع المرجعيات الرسمية تجاهلها أن القطاع الزراعي يشكل المصدر الأكبر للعمالة المخالفة، فالنسبة الكبرى من هذه الفئة تأتي للعمل في الزراعة لكنها تتسرب إلى مجالات أخرى من بينها المقاولات، ما يبقي قطاع الزراعة بحاجة دائمة إلى العمالة المستوردة.

ويفتح باب المتاجرة بتصاريح العمل، بحيث يكون التصريح صالحا للعمل في الزراعة بينما صاحبه يعمل في مجالات أخرى، من بينها قطاعات الخدمات والنظافة وحراسة العمارات، وصولا إلى مجالات الميكانيك والحرف المتعددة والأعمال الحرة.

وقد نجح هؤلاء في توفير وسائل تحذير تمكنهم من الاختباء عن حملات التفتيش الموسمية التي تنفذها أجهزة وزارة العمل، والتي تنتهي سريعا على وقع اتصالات سياسية على مستوى السفارات والدول، أو ضغوطات محلية.

وفي المحصلة هناك تقديرات بضياع مئات الملايين من الدنانير على الخزينة كعوائد رسوم تصاريح العمل لهم، وكلها أسقطت بموجب العفو العام الذي صدر قبل عدة أشهر. وبرقم تراكمي يتجاوز مليارات الدولارات.

من هنا، فالقرار الحكومي الذي جاء متناقضا مع كل المشاريع الحكومية، سواء ما يتعلق منها بملف البطالة وتوجهات التخفيف من حدتها، أو بالنسبة للعوائد المالية المترتبة على المتهربين من تصويب أوضاعهم والذين تحول معطيات سياسية واجتماعية دون ملاحقتهم.

أو بالنسبة للمبالغ التي يتم تحويلها إلى الخارج من قبلهم والتي تقدر بأكثر من مليار دولار سنويا، أو بالنسبة للإشكاليات الاجتماعية التي يتسبب بها العمال الوافدون المخالفون.

فالقرار يمكن أن يلبي حاجة الصناعيين أو أصحاب المصالح التجارية في استقدام عمالة تناسب متطلباتهم، لكنها تزيد من حدة المشاكل التي كانت سببا في استنفار كافة الوزارات والمؤسسات من أجل تنظيم سوق العمالة الوافدة بكل تداعياته السلبية.

ويبقى السؤال قائما: هل كانت الحكومات السابقة على خطأ عندما حصرت الاستقدام في مجالات محددة؟ أم أن الحكومة الحالية تسرعت في الكشف عن مشروعها؟

الغد

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012