بقلم : مأمـون أبـونـوار
17-07-2012 09:41 AM
لواء طيار متقاعد
ينبغي عدم الخلط بين المواقف الروسية والصينية تجاه الازمه السورية فلكل منهما دوافعه ومبرراته. روسيا تستغل الوضع السوري لفرض نفسها كلاعب اساسي وقوة عالميه لتعيد مكانتها وكرامتها الدولية بعد التدخل الغربي في ليبيا وتبعاته اللاحقة حيث نفذت امريكا والناتو كل ما خططه له دون اى اكتراث بمكانة روسيا ونداءاتها المتكررة للالتزام بصيغة القرارات الخاصة بالقضية الليبية.
سوريا الان هي نقطة القوة لروسيا وليست نقطة ضعف كما يبدو للبعض . لكن بنفس الوقت انزلقت روسيا في المستنقع السوري وهى تدرك ذلك جيدا واصبحت مشاركة ومسؤوله عن النزيف الدموي السوري امام العالم اضافة ان امريكا والعالم ايضا اصبحوا مسؤولين على حفاظ استمرارية هذه المجازر لمواقفهم الباردة تجاه القضية السورية وخاصة في هذه المرحلة لكى توفر الوقت للوساطة الدبلوماسية لا نان التى جاءت في التوقيت الخطأ.
روسيا تقول قدمنا ما علينا وجعلنا النظام السوري يقبل بالنقاط السته ، كما أن روسيا ترغب في ان يبلور المخاض السوري نظاماً دولياً متعدد الأقطاب يلاقي اعترافاً به من القوى العظمى الأخرى، وفي مقدمها الولايات المتحدة الاميركية التي فشلت هي والعالم ان تجد للروس والصين ثمنا يعادل سوريا.
يتلخص موقف بكين من الازمة السورية بأن استقرارا لمنطقه امر حيوي للأمن ومصالح الصين القومية الذي يعتمد بنسبة كبيرة على نفط الشرق الاوسط. وتعتبر الصين ان مدخل الحفاظ على الاستقرار في المنطقة في هذه المرحلة هو الحفاظ على الاستقرار في سوريا، سواء في النظام الحالي أو من دونه، لكن الصين تحبذ حالياً بقاء النظام.
الغريب بالامر ان حجم التبادل التجاري مع سوريا بلغ 2.2 وهو رقم بسيط عند مقارنه ذلك بالتبادل التجاري بينها وبين دول الخليج الذى بلغ 90 مليار سنويا ومع ذلك لم يتغير موقفها من سوريا وهنالك تقارير تفيد بان احدى دول الخليج اتصلت ببكين واخبرتها بانه من المحتمل ان عمليات استيراد النفط للصين قد تتعرض للضرر اذا استمر موقف الصين هذا من سوريا.
كان الرد الصيني ان الصين ضد ان تتحكم جهة واحدة في تصدير النفط في اى منطقة والى اى منطقه وبذلك اظهرت الصين انها لا تقبل ان يمارس عليها الضغط النفطي وافادت انها ستعمل على خلق معادلات عالميه ضد احتكار دول لعملية توزيع النفط العالمي .
مع ذلك السياسة الصينية ليست سياسه صداميه وتتصف بالهدوء والذكاء وعندما تنفجر المشكلات السياسية فهم يفضلون البقاء على الحياد او الامتناع عن التصويت. لكن الصين قلقه من الانفلات في الشرق الاوسط وان سقوط سوريا سيؤدى الى تحكم الغرب في المنطقة وبالتالي يقودها الى التصادم في المواقف والملفات الصينية المختلفة في المنطقة وخاصه مع واشنطن لذلك يعتبروا ان سوريا هي مفتاح الاستقرار في الشرق الاوسط .
الصين ابلغت عنان ان بكين لا تؤمن بان مجرد اطاحة النظام الحالي يصبح كل شى على ما يرام وانها تؤمن بسياسة التدرج في تحقيق التغير والنظام السياسي من الاعلى الى الاسفل لتجنب حروب اقليميه في المنطقة.
هذا المسار من التحول السياسي التدريجي تطلق عليه بكين مصطلح عملية الهبوط الناعم التي تعتبره بان له ايجابيات كثيره مهمه ، سواء على الوضع الداخلي في سوريا او على استقرار المنطقة .مع ذلك ترى الصين أن ارضية الهبوط الناعم للوضع السياسي السوري غير معبده الان ولا تزال وعرة. وهناك مقاومة كبيرة لهذا الخيار، تجعل بكين لا تستبعد افشال النقاط الستة الحل الدبلوماسي.
المتابع للازمة السورية يمكن ان يستنتج بكل وضوح ان هنالك شلل في الدبلوماسية الدولية ومجلس الامن معطل ومن المفروض عند ارسال بعثات هيئة الامم الى مناطق النزاع ان تحد من تفاقم الازمات وتجعل من الهجوم على المدن والقري امر صعبا لوقف هذه المجازر ومن المفروض ايضا ان يكون هنالك بشكل موازى عمليه سياسيه لحل الازمه وصولا الى وقف اطلاق النار يتعهد الجانبين الالتزام بها .
التاريخ يشير بكل وضوح بان عمليات بعثات حفظ وقف اطلاق النار لا يرتبط تاريخها بالاستقرار والسلم الدائم فهي عمليات هشة ولايعتمد عليها وقد اعاقت في عدة حالات تسويه النزعات لفترة طويله من الزمن وهى فقط مجرد ترتيبات مؤقته ممكن في اى لحظه ان تنقلب الى عنف دموي هستيري . خطورة الازمه السورية اصبحت مربوطة بصراعات اقليميه ودوليه وبالتالي لا يوجد خيارات بديله الا احتمال التدخل العسكري الذى يبقى ورادا لكنه ضعيف ويعتبر هذا التدخل انتحارا يهدد بحرب اقليميه لانعرف نتائجها ويدمر الدولة السورية .