أضف إلى المفضلة
الخميس , 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الخميس , 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


اعادة ترتيب الأوراق الأردنية

بقلم : مالك العثامة
11-11-2024 04:45 PM

هناك قلق واضح يمكن تلمسه في الأردن من إعادة انتخاب دونالد ترامب سيدا للبيت الأبيض.

لا أحد يستطيع التكهن بمكنونات الرجل وسلوكياته، يمكن المراهنة قليلا على ضوابط الدولة في الولايات المتحدة الأميركية لكن قراءة الرجل من خلال أربع سنوات قضاها سابقا في البيت الأبيض بالإضافة إلى ما يورده بوب وودورد في كتابه الاستقصائي الأخير تحت عنوان 'الحرب'، توحي أن ترامب رجل لا يمكن التعامل معه بسهولة مؤسسية، وربما يمكن المراهنة أيضا على أن ترامب نفسه قد تغير قليلا، لكن هذا رهان في النهاية.

في المحصلة علينا– مثل غيرنا- أن نتعامل مع الحاكم بأمر الله الواشنطوني بمعطيات واقع الأمر لا الأمنيات والتمنيات.

المعطيات تقول إن سيد البيت الأبيض رجل أعمال يحب الصفقات ويفهمها جيدا، بمعنى أنه يبحث عن 'المصالح' في سياساته، وهو يحب العمل بمزاجيته التي تحاول مؤسسات الدولة في واشنطن ضبطها قدر الإمكان ووضعها في إطار صلاحياته فلا يتجاوزها، وهذا محكوم بالدستور الأميركي أولا، والحزب الذي حمل ترامب إلى سدة الرئاسة ثانيا.

بالنسبة للحزب الجمهوري، فهو ليس كتلة صماء واحدة، لقد تعرض الحزب منذ نهايات إدارة ريغان في ثمانينيات القرن الماضي إلى عمليات فك وتركيب جوهرية عديدة، بقي محافظا لكن تلك القيم المحافظة توزعت على تيارات متعددة في داخل الحزب الضخم والذي يعكس مزاجية قارية لقطاع واسع من الأميركيين الذين يعتبرون أنفسهم 'وطنيين'، تلك الوطنية التي التقطها تيار ترمب ليختزلها في شعار 'أميركا أولا'، وهو شعار فضفاض وواسع وحمال أوجه في دولة بحجم قارة واسعة وهائلة التعدد.

الحزب الجمهوري أيضا له حواضنه المالية والتمويلية التي تمثلها شركات اقتصادية وصناعات عملاقة ومجمع من رجال الأعمال والصناعة وحيتان المال الذين تتقاطع مصالحهم 'المالية' مع سياسات تعتمد خفض الأزمات أو تصعيدها في مناطق العالم حسب المصلحة.

في الأردن، الدولة الصغيرة في قلب أزمات الشرق الأوسط، لدينا الجغرافيا السياسية، وهي جغرافيا إما أن تكون نعمة أو نقمة، حسب نوعية الإدارة التي ننتهجها لكل مقدراتنا وأدواتنا و.. تحالفاتنا.

'الأردن أولا' سياسة أكثر من شعار، والآن وقتها ومكانها ومحلها، وهذا يتطلب رؤية حقيقية للدولة الأردنية في الحفاظ على مصالحها وتقديمها للمرور من تلك المرحلة التي يرى فيها الجميع أنها قد تكون صعبة ومليئة بالتحديات، مما يعني أن الدولة بمجموعها كاملا مطالبة بالحوار الثري الذي يصنع التوازنات بين عمليات إصلاح مستمرة في الدولة وضرورية يجب أن لا تتوقف، خصوصا في قطاع إدارة الدولة، وإدارة السياسة الخارجية ضمن رؤية مبتكرة جديدة تمثل مصلحة الأردن في مواجهة تحديات ممكنة بل ومحتملة ووشيكة.

علينا أن نقدم نحن المبادرات ونكون طرفا أساسيا في الحلول بدلا من حشرنا واستهدافنا المستمر كطرف في المشكلة الشرق أوسطية، والمبادرات دوما شرطها الأساسي في التحالفات الإقليمية التكاملية مع قوى حقيقية هي أيضا تبحث عن زيادة قوتها بما لدينا من أدوات ومعطيات.

كل ما نحتاجه الآن، حوارات حقيقية وثرية بين الجميع في الداخل، حوارات نخب مكثفة ومتخصصة لنضع رؤية الدولة على الأقل لأربع أو خمس سنوات قادمة مبنية على خريطة طريق واضحة تعين رأس الدولة والمؤسسات الرسمية والخروج من 'التقوقع الرسمي' وآليات 'الدفاع عن النفس' إلى رؤية واضحة مبنية على المصلحة الأردنية للدولة، والدولة فقط.الغد


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012