أضف إلى المفضلة
الإثنين , 24 آذار/مارس 2025
شريط الاخبار
بحث
الإثنين , 24 آذار/مارس 2025


ضرب الهدنة في عرض الحائط : السيناريوهات المحتملة لغزة

بقلم : ديما الفاعوري
21-03-2025 06:22 AM

في قلب غزة، حيث تتصارع أمواج الألم والآمال، وتتصدر مشاهد الدماء والعنف وقوافل الشهداء التي لازالت تتلاحق بشكل متواصل حتى في شهر رمضان المبارك، هنا يتجلى المشهد وكأننا على مفترق طرق تاريخي، يعيد رسم ملامح المقاومة والسياسة الفلسطينية، ففي ظل توترات دبلوماسية متزايدة وإعادة صياغة المشهد السياسي في المنطقة، تتجلى في غزة ملامح عودة للمربع الأول، إذ يُعاد النظر في معادلة السلطة والشرعية بعد أن بُذلت محاولات سابقة لفرض هدنة هشة لم تعد تحظى بثقة الشارع الفلسطيني.

لطالما كانت غزة ساحة معركة ليس فقط على الأرض بل في قلوب وعقول الفلسطينيين، فقد شهدت موجات متلاحقة من الاضطرابات والعنف، تخللتها لحظات من الصمود الباهر، حيث ارتفعت في الآونة الأخيرة، أصوات الانتقاد ليس فقط ضد الجهات المسلحة التي طالما اعتُمدت كرموز للمقاومة، بل شملت أيضاً السياسات التي اتُبعت في سرد التاريخ الفلسطيني.

وفي الوقت الذي يحاول البعض توجيه اصابع الاتهام لحماس بفشلها في حماية القضية الفلسطينية، يرى آخرون أن إعادة النظر في الاستراتيجية السياسية والعسكرية قد تحمل في طياتها فرصاً لإعادة ترتيب الأوراق في المشهد الداخلي، أما على صعيد الهدنة وعلى الرغم من أنها ظلت شعاراً تتردد صداها في المحافل الدولية، إلا أن تنفيذها بات يشوبّه الكثير من التناقضات.

وفي كل مرة يُعلن فيها وقف إطلاق النار، تظهر مشاهد من استمرار الاشتباكات وتفاقم الانقسامات بين الجماعات المختلفة، حيث تجد هذه الهدنة، التي كانت تبدو وعداً بالسلام على الورق، نفسها تُدق في عرض الحائط أمام واقع غزة المظلم؛ واقع يتطلب أكثر من مجرد كلمات متبادلة في محادثات سياسية، بل يتطلب تغييرات جذرية.

وفي خضم هذه التطورات تلوح في الأفق عدة سيناريوهات مستقبلية قد تحمل لمعان أمل أو تحذر من مأساة جديدة، فمن المحتمل أن نشهد إعادة تقارب بين الحركتين الرئيسيتين، فتح وحماس، في محاولة لإعادة صياغة مفهوم المقاومة بما يتناسب مع معطيات العصر الجديد، حيث من الممكن أن يحدث هذا التقارب نقلة نوعية في مسيرة القضية الفلسطينية، وفي لوقت نفسه من المحتمل أن يخلق جبهة موحدة تعبر عن صوت الشعب بأكمله، بعيداً عن الانقسامات التي أدت إلى تآكل الشرعية والفعالية.

وخلافًا لذلك قد يستمر الانقسام وتفكك الوحدة الوطنية، مما يؤدي إلى استمرار الحالة الأمنية المتردية في غزة وزيادة الاعتماد على العنف كوسيلة للسيطرة على المشهد السياسي، وهنا يُحتمل أن تتدخل القوى الإقليمية والدولية لتشكيل معادلة جديدة، تستهدف فرض هيكل تنظيمي يُعيد غزة إلى موطئ قدم جديد، ربما على حساب بعض المصالح الإقليمية أو الدولية.

إن إعادة ترتيب الأوراق في غزة تعتبر بمثابة وجود وهوية، ولا بد من إيجاد حل لإمكانية إصلاح شقوق المقاومة الفلسطينية، إذ تُبرز الحاجة إلى مواجهة واقع معقد يتطلب حكمة سياسية وشجاعة إصلاحية، وهنا يبرز دور القيادات الفلسطينية، في العمل على تجاوز الأزمة التي ألحقها التاريخ بأثر بالغ على نسيج المجتمع الفلسطيني.

وبينما يواصل العالم مراقبته لتطورات غزة، يبقى السؤال معلقاً: هل ستتحول هذه التوترات إلى فرصة لإعادة بناء القضية الفلسطينية على أسس أكثر عدالة وشمولاً؟ أم أن الانقسامات الداخلية والخارجية ستدفع غزة إلى المزيد من العزلة والانتكاس؟

إن أجوبة هذا السؤال ستحدد ليس فقط مصير غزة، بل مستقبل نضال الشعب الفلسطيني بأكمله في مواجهة التحديات التي تعصف بلا هوادة.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012