أضف إلى المفضلة
الإثنين , 31 آذار/مارس 2025
الإثنين , 31 آذار/مارس 2025


براءة الأطفال بين نيران الاحتلال وصمت العالم

بقلم : ديما الفاعوري
25-03-2025 11:24 PM

في قلب النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، تتكرر الجرائم التي تُرتكب بحق الأطفال، الذين صبحوا ضحية سياسات الاحتلال الوحشية، وسط صمت دولي خانق، تُستغل براءة الأطفال كوسيلة لتبرير المزيد من العنف، حيث يُقصد أحيانًا تصويرهم بأنهم سببٌ في تصعيد المآسي، بغض النظر عن انتماءاتهم أو معاناتهم.
في تسجيل سري مُسجل أثناء لقائه مع الجالية اليهودية في إنسبروك، أعلن السفير ديفيد رويت، المبعوث الإسرائيلي للنمسا، عن مقترحات شنيعة تتعلق بالقاصرين الفلسطينيين في غزة، حيث صرح بعباراتٍ صادمة مثل: «يجب إعدام أي قاصر يحمل البندقية أو قنبلة»، وهذا التصريح يكشف بشاعة الجرائم الاسرائيلية ووحشيته تجاه براءة الأطفال وفي الوقت نفسه يؤكد تفاهة كيان صهيوني يسعى لتطبيع العنف وإضفاء طابع شرعي على أعمال الاحتلال، حتى وإن كان الهدف منها هو تبرير المزيد من القمع والاعتداءات ضد الأطفال.
لا يمكن النظر إلى هذه التصريحات بمعزل عن السياق الأوسع للأحداث التي تشهدها غزة والمنطقة، ففي 18 آذار/مارس، دوّت أصوات الانفجارات وألم الفقدان بعدما أسفرت العملية العسكرية عن استشهاد أكثر من 500 شخص، بينهم 200 طفل، وفي حربٍ اندلعت منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أفادت منظمة «يونيسف» بأن أكثر من 14,500 طفل قضوا نحبهم، دون احتساب ضحايا خرق وقف إطلاق النار. وزارة الصحة في غزة تؤكد كذلك أن حصيلة الشهداء تجاوزت 50,000 شخص، فيما أصيب 113,000 آخرون، ولا يزال 10,000 تحت الأنقاض، تلك الأرقام المروعة ليست مجرد أرقام، بل هي وجوهٌ بريئة تُفقد مستقبلها بسبب سياسة احتلال قاسية تستهدف أعظم الكائنات براءةً وأملًا.
ويظهر من خطاب الاحتلال محاولة لتشويه صورة الأطفال الفلسطينيين، وإلقاء اللوم عليهم كأسبابٍ لتصعيد العنف والقتل، فهناك من يُزعم بأن الأطفال هم من يقودون إلى المواجهات المسلحة، في حين يُهمل حقيقة أنهم ضحاياُ ظروفٍ لا يختارونها، إن استخدام عبارات مثل «أطفالهم سبب قتل الأطفال» هو محاولة لتضليل الرأي العام وتحويل الانتباه عن الجرائم المنظمة التي يمارسها الاحتلال ضد المدنيين، وخاصة الأطفال، الذين لا يفهمون معاني السياسة أو الحرب. وسط الانتهاكات المتواصلة، يبدو أن المجتمع الدولي قد خاب أمله في حماية الأطفال الفلسطينيين، الصمت الدولي لا يعني الموافقة أو اللامبالاة، بل يعكس ضعف الآليات والضغوط السياسية في مواجهة جرائم الاحتلال، كما يرسخ الصمت الشعور بالعجز في قلوب من يعيشون تحت وطأة العدوان، ويُؤجج فتيل الغضب والرفض للواقع الذي يُفرض عليهم.
إن الجرائم والفظائع التي يرتكبها الاحتلال بحق الأطفال في فلسطين هي جروحٌ عميقة تُثير تساؤلات حول مصير الإنسانية، فلا بد أن يكون هناك موقفٌ عالمي صارم يقف في وجه هذه الانتهاكات، وتحديدًا منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي، لوقف استمرار سياسات القمع والتمييز، وعلينا أن نعيد النظر في الخطابات التي تحاول تبرير العنف بإلقاء اللوم على أبرياء لا يملكون إلا البراءة، وأن نعمل على بناء مستقبل يضمن حقوق كل طفل في العيش بكرامة وسلام.
إن مسؤولية التغيير تقع على عاتق الجميع؛ المجتمع الدولي، والمنظمات الإنسانية، وكل فردٍ يؤمن بكرامة الإنسان، فلا مجال للمساومة على براءة الأطفال، ولا يمكن أن تبقى جرائم الاحتلال الوحشية دون محاسبة، حتى وإن كان صمت العالم رافضًا استيعاب الحقيقة المؤلمة..

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : عرض لوحة المفاتيح
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012

تواصل معنا عبر :