أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 01 نيسان/أبريل 2025
الثلاثاء , 01 نيسان/أبريل 2025


إطلاق سراحهم يسعدهم ويسعدنا أيضًا

بقلم : حسين الرواشدة
28-03-2025 01:00 AM

لا يوجد أحد محصن من الخطأ، لكن ثمة فرق كبير بين من يخطئ وقلبه على بلده، وهمه إصلاح الواقع الذي يعيش فيه، وبين من يتعمد إلحاق الأذى بالبلد والناس، وثمة فرق أكبر بين من يزل لسانه بالخطأ وبين من يمد لسانه ويده وينهش بلده، دون أن يرف له جفن، أو ينخزه ضمير، معظم الناشطين الذين يتحركون ويصرخون، قد يدفعهم حماسهم أحيانا للخطأ، أو تأخذهم غيرتهم على البلد لتجاوز المألوفات الوطنية، هؤلاء من السهل أن نكتشف، في أبسط حوار معهم، أنهم حريصون، أيضاً، على أمن البلد ومصالحه.
ميزة الدولة الأردنية، أنها أدركت منذ تأسيسها قيمة معادلة «الاحتواء» بالمعنى الإيجابي، فلم تمارس العنف مع الأردنيين، وحتى حين تقسو فسرعان ما تتراجع وتذهب لتطييب الخواطر، وفق ذلك نشأت علاقة فريدة من نوعها بين النظام السياسي والشعب، تبادل فيها الطرفان السماحة والثقة والاحترام المتبادل، وأنتجت بلدا آمنا مستقرا، تجاوز أزماته وكل المحن التي واجهته، بفعل قناعات وإحساس مشترك، بأن الجميع» أسرة واحدة»، قد تختلف فيما بينها، لكنها لا تقطع حبال المحبة بين أفرادها.
استدعاء مثل هذه المعادلة الذهبية، والتذكير بها، لا يتعلق، فقط، بالدعوة للإفراج عن الموقوفين في قضايا حرية التعبير، ولا بترطيب المناخات العامة التي أصبحت تضغط على أعصاب المجتمع، ولا بإعادة موازين العدالة لتنتصب أمام الجميع دون استثناءات، وإنما تتعلق، أيضا، بضرورة تدشين مرحلة جديدة، عنوانها « المصالحات» الوطنية، بما تقتضيه من ترسيخ للقيم التي تأسست عليها الدولة ومؤسساتها، السماحة والعفو و» الأبوة»، وإعادة الأردني إلى دولته، على أساس الثقة والانتماء والتضحية والاعتزاز.
بموازاة ذلك، لا بد من التذكير بمسألتين، الأولى أن مزاج الدولة، خاصة عند احتدام الأزمات، يفترض أن يكون مضبوطا على ساعة «الحكمة» والعقلانية، وإذا كان المزاج العام للناس يتعرض، كما هو الآن، لضغوطات واضطرابات، تدفع البعض للتجاوز هنا وهناك، فإن من واجب الدولة أن يتسع صدرها بما يسمح لتصحيح أي خطأ، بأقل ما يمكن من خسائر.
أما المسألة الثانية، فهي أن رأسمالنا الوطني ما تحظى به بلدنا من سمعة طيبة في مجالات حقوق الإنسان من جهة، وبما يحتاجه ويصر عليه الأردنيون من كرامات شخصية تعكس كرامتهم الوطنية، صحيح أننا شهدنا، للأسف، تراجعات بمؤشرات الحريات، لكن الصحيح، دائما، هو أن الأردنيين حريصون على سمعة بلدهم، مثلما هم حريصون على حقوقهم، وبالتالي فإن الخروج من هذه الالتباسات غير المفهومة، مصلحة عامة لا يجوز لأحد أن يدفع بعكس اتجاهها، أو أن يضغط على أعصاب الناس للتشكيك فيها، والتنكر لها أيضا.
أجزم، دائما، أن بلدنا بخير، ‏وأن مساحات الخير العام لدينا أوسع من مساحات اليأس والمناكفة، يمكن للسياسة أن تفرقنا، لكن لا يجوز أن تجردنا من إنسانيتنا، أو أن تجرح وئامنا الاجتماعي، أو ان تحولنا إلى وحوش، لأننا حين نفعل ذلك- يا خسارة – نفتقد أعز القيم التي بنى عليها أجدادنا وآباؤنا هذه الدولة، وأراهن على أننا لن نفتقدها، ولذا أنتظر ممن يهمه الأمر، أن يطمئن الأسر التي غاب عنها آباء أو أبناء عزيزون عليهم، بإصدار قرار إطلاق سراحهم، وهو قرار يسعدهم ويسعدنا أيضا.

الدستور

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : عرض لوحة المفاتيح
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012

تواصل معنا عبر :