بقلم : أحمد توفيق العبادي
29-07-2012 11:02 AM
أبدي إعجابي بحكوماتنا المتعاقبة على تفتق أفكارها في مجال التضييق على الرأي الآخر ومحاصرة المعارضة وتهميش الأحزاب وتطفيش الناس عن المشاركة في الإنتخابات والتفنن في رفع الضرائب وتعديل الأسعار ( التعديل يأخذ منحنى صاعدا دائما ) وقد تحصل حكوماتنا على إدراج إسم بلدنا في موسوعة غينيس على هذه الإيداعات والتي تؤشر على عقول عبقرية ]يندر وجودها في بلاد أخرى ولكن يفوتها ولسوء حظها أن شعبنا الذي أنجب هؤلاء الاذكياء هو ذكي بالمقابل , فهو يعرف أصول اللعبة ويكشف أسبابها ومآلاتها المختلفة .
آخر المآثر في هذا المجال تسييج الدوار الرابع والذي كان مؤخراً مسرحا للعديد من الوقفات الإحتجاجية والمطالبات والإعتصامات وهي تأخذ طابعاً سلمياُ وبرغم قمعها من قوات الدرك أحيانا , وقبلها تم زراعة دوار الداخلية بالخوازيق بعد حادثة 24 أذار المأثورة , فخوازيق الداخلية لم تمنع الأردنيين من البحث عن أماكن أخرى مثل الدوار الرابع وساحة النخيل والمسجدين الحسيني و الكالوتي وكلها أماكن مرشحة للتسييج والخوزقة , فحكوماتنا ليس لديها الروح الطويلة ولا المزاج الرائق لسماع صوت المحتجيين ونداءات المقهورين وآراء المعارضين بينما يتبجحون بإجواء الديمقراطية ومسيرة الإصلاح المتسارعة وإعدام قانون إنتخاب ذا الصوت الواحد المشؤوم ولكن على شاشات الفضائيات الاجنبية والعربية .
أحد المسؤولين صرح وبعد مقدمة طويلة عن الولاء والإنتماء أن على المحتجين والمطالبين الاتفاق على هايد بارك أردني للتعبير عن أرائهم ومطالبهم بإختيار مكان بعيد في الصحراء خوفا من تعطل حركة السير والإضرار بمصالح المواطنين حيث من الممكن أن الاعتصام على دوار الداخلية قد يؤخر سيارة إسعاف متوجهة الى المستشفى لإنقاذ مواطن ( كم هو ذكي هذا المسؤول وحنون) .
لن نوجه النصيحة للحكومة أن فرصتها ومن خلال الإحتجاجات والإعتصامات أن تعرف رأي المواطنين وإتجاهاتهم وتتعامل معها من منظور أتها لا تعبر عن رأي العدد المحصور في هذا الدوار أو ذاك وإنما هي تعبير عن رأي قطاع كبير من المواطنين ،فأحتجاجات 25 يناير في مصر شارك في أول يوم عدد لا يزيد عن 50 الف مواطن مصري ولكنها بعد 15 يوماً وصل عدد المحتجين الى 18 مليون في ساحات العديد من المدن المصرية , ورغم ذلك فأن أركان النظام في حينه قالوا أن عدد الشعب المصري 85 مليون ( ذكاء اليس كذلك ؟ ).
عندما يصرح رئيس الوزراء بأن حكومته لا تسعى الي الشعبية وهذا رأي كرره أكثر من رئيس وزراء منذ بدء الربيع العربي , فإن ذلك يعني أن ممارساتها وقرارتها غير الشعبية ستنقص من رصيد الدولة وعلى رأسها جلالة الملك وبالتالي فإنها تقف ضد المصلحة الوطنية وضد محبة الشعب الأردني لقيادته وإخلاصه لها وكانها تدفع بالبلد رويداً رويداً إلى المجهول وإلى تفاقم المطالبات بعد أن أصمت أذانها وأغلقت عيونها وقبعت في برجها العاجي بإغلاق أماكن الاحتجاج من دواوير وساحات ومساجد وزرعها بكتل الاسمنت والخوازيق .
ان غياب المنابر أمام فعاليات المجتمع يؤدي الى تفاقم الرأي الكامن والذي لا يعرف متى ينفجر وما أحداث العنف التي زادت حدتها في الفترة ألاخيرة وذروتها أقتحام جامعة مؤتة الا دليلاً على حالات الكبت والتشكيك لدى قطاع واسع من المواطنين يتزامن مع الإرهاب والتخويف والتلويح بإستخدام القوة المفرطة كما حدث مع إعتصام الايتام على الدوار الرابع بالامس .
إن المرحلة الحالية تتطلب النظر بجدية لإحترام الرأي الآخر وفتح المنابر والساحات له وخاصة بعد إقرار قانون الإجتماعات العامة قبل عام تقريباً والذي عد فتحاً مهماُ في الإصلاحات السياسية و إنتهاء مرحلة الاحكام العرفية , فالديمقراطية ليست قوانيناً ودساتيراً بل هي روحاً ونبراساً نحترمها جميعاً وإلا بقيت حبراً على ورق أو مكياجاً وديكوراً وهي بالتأكيد ليست مجلس نواب منتخب , فها هو مجلس النواب الحالي فقد إحترامه وشعبيته لدى الشعب الأردني فأسموه مجلس 111حيناً وآخرون مجلس الرواتب الابدية ومجلس الجوازات الحمراء تارة أخرى وكما تندر احد الظرفاء فأسماه مجلس 111 خازوقا .