أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


مقاطعة الانتخابات وحدها لا تكفي

بقلم : د.ســفــيــان الـــتــل
01-08-2012 12:14 PM

لابد من إشارة سريعة إلى تاريخ تزوير الانتخابات البرلمانية في الأردن. وللاختصار نقول: إن جميع المجالس النيابية في الأردن باستثناء مجلس 1989 كانت مزورة، وبالتالي ففي الواقع العملي إن جميع ما صدر عنا من قوانين لم تمثل إرادة الأمة وإنما مثلت إرادة ومصالح الهيئات التي زورت تلك الانتخابات.

عندما تم التخطيط لتوقيع اتفاقية وادي عربة مع الكيان الصهيوني ، (والتخطيط يتم عادة قبل عشرات السنوات على الأقل) خططت نفس الجهة لإيجاد طريقة تضفي الصفة التشريعية, ولا أقول الشرعية, على تلك الاتفاقية. ولهذا الغرض كان لابد من عمل دراسة لمعرفة كيف ستكون نتائج الانتخابات لو تمت بدون تزوير، وبصورة أخرى لمعرفة أين هي مراكز الثقل الانتخابية وما هي القوى والدوائر التي تفرز القيادات الوطنية والتي ستقف ضد الاتفاقية. وفي هذا السياق أجريت انتخابات 1989 حرة ونزيه فعلا, وحصل الإخوان المسلمين على حوالي 27 مقعدا. كنت اعلم تماما في ذلك التاريخ أن هذه الانتخابات كانت فخا للقوى الوطنية بشكل عام والإخوان المسلمين بشكل خاص. وبما إنني احترم واجل حركة الإخوان المسلمين, فقد التقيت بعدد من رموزهم في ذلك التاريخ وكان من بينهم فضيلة المراقب العام الحالي الدكتور همام سعيد وشرحت لهم وجه نظري واستشرافي للمستقبل، والتي تلخصت في ما يلي:
1- إن لدى الولايات المتحدة الأمريكية علم يسمى جيري مندرينج Gerry Meandering وخلاصة هذا العالم: كيف يمكن من خلال قانون انتخاب وإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية إخراج الشخصيات الوطنية التي تتمتع بشعبية واسعة والتي يعتبر نجاحها مؤكدا في الانتخابات الحرة والنزيه،كيف يمكن إخراجها من اللعبة وإسقاطها او تحجيمها في الانتخابات.
2- إن على الإخوان المسلمين والقوى الوطنية الأخرى إن تمرر عبر برلمان 1989 قانونا انتخابيا يضمن النزاهة وعدم التزوير.
3- وإذا لم ينجحوا في ذلك, فسوف تقر السلطة التنفيذية قانونا للانتخابات التي تلي برلمان 1989بهدف تمرير قضايا مصيرية يرفضها الشعب وهي على درجة عالية من الخطورة وتهدد مستقبل الأمة.
4- إن السلطات التنفيذية ستشغل برلمان 1989 بسيل من التشريعات التي لا تتعلق بمصير الأمة، وبالتوازي سوف تروج إعلاميا للديمقراطية المتميزة في ذلك التاريخ حتى تقطع الطريق على المشككين في البرلمان القادم, الذي سيتم تزويره.
5- إن التزوير ليس فقط تزوير الهويات أو البطاقات الانتخابية أو وضع ورقات مزوره في صناديق الاقتراع, فهذه مرحلة من مراحل التزوير, يليها مرحلة أخرى وهي طريقة إعلان النتائج . أما التزوير الحقيقي فيبدأ بتزوير القانون والدوائر الانتخابية.

وقد تابعت هذه الرؤيا مع عدد من رموز الإخوان المسلمين والقوى الوطنية، وفيما إذا كانوا قادرين على تمرير قانون مناسب للانتخابات خلال برلمان 1989 . وكانت الإجابات تأتي دائما إننا كلما فكرنا أو حاولنا تقديم مشروع قانون نكتشف أن لدى السلطة التنفيذية قانون جاهز في الدرج.

بعد ذلك تم حل البرلمان, وبعد ثلاثة عشر يوما من الحل, أقرت حكومة عبد السلام ألمجالي قانون الصوت الواحد المؤقت. وكان واضحا من ذلك أنهم يريدون من البرلمان المزور الجديد أن يمرر امرأ خطيرا يرفضه الشعب وكافة القوى الوطنية, وكان ذلك الأمر هو اتفاقية وادي عربة.

قبل الإخوان المسلمون المشاركة في الانتخابات التي أسقطت عددا كبيرا من رموزهم بموجب القانون المؤقت الجديد, وكان يمكن لها أن تنجح لو كانت الانتخابات نزيه كانتخابات 1989
اقترحنا عليهم في ذلك التاريخ أن يقاطعوا البرلمان لان وجودهم فيه مع القوى الوطنية الأخرى يشكل أقلية رمزية (تعزز مسرحية الديمقراطية ) مقابل الأغلبية المزورة, ولا يمكن أن تمنع هذه الأقلية تمرير أمر خطير ترفضه الأمة. وان بقائهم في البرلمان يعطي البرلمان الصفة الشرعية, ويحرمهم مستقبلا من أي ادعاء إن البرلمان وقراراته غير شرعية ولا تمثل الأمة.
وهكذا سقط الإخوان المسلمين وغيرهم من القوى الوطنية البرلمانية في الفخ الذي نصبه نظام الحكم لهم، ومررت اتفاقية وادي عربة مكتسبة شرعية برلمانية بوجود معارضة رمزية.

كيف نتعلم الدرس وماذا نتوقع مستقبلا ؟

البرلمان المزور القادم سيمرر اخطر قضية في تاريخ الأردن، أنها اخطر من اتفاقية وادي عربة, وتتعلق بوجود الأردن بالكامل وتتلخص فيما يلي:
أولا: تفتيت الأردن وتقسيمه إلى 3 أقاليم جهوية, باسم اللامركزية, وبث الفتنة فيما بينها وتأليبها على بعضها البعض. ( وهو ما نبهنا له منذ سنوات )

ثانيا: تصفية القضية الفلسطينية, وخلق فتنة أردنية فلسطينية.

ثالثا: دمج (إسرائيل) في المنطقة والدخول معها في فدرالية على أشلاء فلسطين.

رابعا: إعطاء الشرعية البرلمانية لتحويل الأردن من منطقة فاصلة إلى منطقة واصلة, وجسر تعبر منه (إسرائيل) إلى العمق العربي ومنابع النفط.

كيف يمكن أن نوقف ذلك ؟

1- إن إعلان مقاطعة الانتخابات وحدها لا تكفي, لأن هذا سيعطى للهيئة الحاكمة وبرلمانها المزور فرصة ذهبيه لتمرير كل ما سبق.

2- الحل يكمن في إعلان تشترك فيه كافة القوى الوطنية, بان البرلمان المزور القادم غير شرعي, ولا يمثل الأمة, وان كل ما سيصدر عنه من قرارات أو اتفاقيات غير شرعية, ولا تلزم الأمة بشي.

3- الدعوة لتشكيل برلمان شعبي انتقالي يمثل كافة القوى الوطنية ليكون في مواجهة البرلمان المزور, ويشل حركته.

4- تشكيل حكومة ظل موسعة تشترك فيها كافة القوى الوطنية.

5- يلتزم البرلمان الشعبي وحكومة الظل بتركيز الأضواء على الدور الخطير الذي تقوم به قيادات الأجهزة الأمنية وفضح هذا الدور في تصفية الأردن ودمجه مع (إسرائيل).

رسالتي الأخيرة إلى الإخوان المسلمين الذين يعرفون إنني أحبهم واجلهم, واقدر تاريخهم النضالي, وحملهم السلاح والقتال من اجل تحرير فلسطين.

رسالتي إليهم : إذا لم يعلنوا عدم شرعية البرلمان القادم, وعدم شرعية كافة القرارات والاتفاقيات التي ستصدرعنه، فأنهم سيرتكبون خطأ تاريخيا لا يقل عن خطاء وجودهم في البرلمان الذي اقر اتفاقية وادي عربة.

والملاحظة التي لا بد من الإشارة إليها : إن هذا الموقف الذي أدعو إليه يختلف جذريا عن موقف الرئيس المصري محمد مرسي, والذي أعلن عن احترامه لكافة الاتفاقيات الدولية, فمرسي والبرلمان المصري ومن ورائهم الإخوان المسلمين لم يمكنوا أنفسهم من الحكم بعد, وعلاوة على ذلك فهم أمام اتفاقية موقعة كاتفاقية كامب دفيد, بينما نحن في الأردن أمام اتفاقيات ستوقع ويمكننا بالمقاومة منع ذلك.

وفي الختام أن ما اطرحه, هو رأي واستشراف للمستقبل يحتمل الحوار والخطأ والصواب. ولكنني أردت أن أثبته خطيا قبل فوات الأوان، والمستقبل القريب وحده كفيل بالحكم على صحة أو خطاء هذا الاستشراف.
والله من وراء القصد


عمان 14/7/2012
د ســفــيــان الـــتــل


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
01-08-2012 01:42 PM

هو هاظ ما عنده سوالف جديده ؟؟؟

2) تعليق بواسطة :
01-08-2012 03:42 PM

اخي العزيز د سفيان التل، تحية من القلب و رمضان كريم وبعد،
اود الدخول بالموضوع الذي اشرت اليه مباشرة:
- اتفق معك بحزئية كبيرة مما طرحته من رؤية استشرافية فيما يتعلق بواقعنا المستقبلي المبني على التجربه سيئة الذكر الماضية. لقد اصبحت الصوره لدى كافة فئات وافراد المجتمع الاردني واضحة فيما يتعلق بالانتخابات وبمخرجاتها سواء السابقة اواللاحقة ! وما تحقق من مؤشرات سلبية للاداء والانجاز على صعيد الوطن والدوائر؟
- يقع علينا جميعاً بما فيه التيار الاسلامي ايها الاخ الكبير اجراء عملية التقييم الحقيقيه للبناء على خلاصات الانجاز واثارها كما اشرت اليها استاذنا الفاضل! من حيث مراجعة مستوى النجاح والفشل الذي تحقق ومديات انعكاسه الايجابي او السلبي ضمن المعايير والاسس العلمية والعملية القابلة للقياس والتي تتوافق عليها كافة الشرائح المجتمعية لافراز ما يسمى بنائب الوطن والدائرة أملاً بالتخلص من عملية استنساخهم.
إن رأيي الذي اراه واعتقد به بأن مجمل ما اًفرز من نواب في الماضي والحاضر وما سيكون في المستقبل، لم يأتي بدافع من الحس الوطني بل جاء بناء على مقايسس التقييم غير الموضوعية التي لا تخلو من العاطفة الشخصية والمناطقية ضمن الأطر التي خططت لها القوى الخلفية ذات النفوذ المحلي الممتد والعالمي الكبير؟ وهذا ما أكدته الشواهد في فشلهم جميعاً مشتركين مع مؤسسات الدولة التي ساهمت في الاتيان بهم. فمثلاً اتفقوا وتوافقوا على هدم ما تم بناؤه لإرددننا الغالي عبر السننين الماصية؟ الحقيقة الماثلة ايها الدكتور الفاضل بأنهم كلهم بما فيهم بعض الكيانات الحزبية المصطنعه قد ساهموا في دفع عجلة الفساد السابق في هذا الاطار النيابي لعملية التدمير حيث كرسوها واستثمروها باتجاه يخدم مصالحهم وانانيتهم وعلى حساب الامه والوطن بأكمله؟ اعترف ومعي جمهور كبير من الشعب الطيب اننا ارتكبنا خطأْءً جسيماً حين انتخبناهم عن جهل لأن الاسس التي اعنمدت ومعطياتها انذاك وجهت لتعزيزالخطأ والسير نحوه؟ نحن الأن قد اتفقنا ودون ان تترك لنا مؤسسة الدولة مجالاً للحوارات فيما بيننا على المقاطعه تجنباً للفخ الذي يمكن ان تضعنا فيه مؤسساتنا الحاكمة وعندها فكبف بنا اذن ان نفكر!
فقد التقيت وعلى عجل مؤخراً مع فضيلة المراقب العام الدكتور همام سعيد وشرحت له وجه نظري واستشرافي للمستقبل ايضاً الذي رسمته : وبينت له باننا نحن جمهور الشعب مع بعض المكونات الحزبية القائمة والتي قيد التأسيس لم تصل بعد الى الدرجة الكافية من النضج السياسي ...على الرغم من تأهلينا العالي والتي تفرض على الدولة احترام رأينا باساليب ديمقراطية. حيث انها لا زالت تسير بالتروتج إعلاميا كما ذكرت للديمقراطية التي تحقق اهدافها لا اهداف الوطن والمواطن، وذلك من خلال عدم الضبط والاساءة لتطبيق القانون والدوائر الانتخابية.
الحقيقة المره ألمره والصورة ما زالت غير واضحة ياخي الدكتور ان الكثير من القوانيين والاتفاقات التي ابرمت بحاجة الى اعادة تقييم ورفض الضار منها؟ حيث ان الخطوة المتبقية في الشأن الاردني قد اُحكم ضبطها وتوجيها وستشكل خطوره على المشهد الاردني والاقليمي وتاريخ بلدنا؟ وعليه فان الاسئلة المقرونه باليات العمل التي طرحت قد تكون المرجعية المؤهلة لنواة عمل مجتمعي ووطني واعي وفاعل تشترك فيه كل الاطياف بما فيها الاخوان المسلمين مع اعادة النظر في صياغة جزء منها بطريقه توافقية تقبل التنفيذ حفاظاً على اردننا الغالي الذي نفديه بالمهج والارواح. والله من وراء القصد .ولكم الشكر.

3) تعليق بواسطة :
01-08-2012 06:16 PM

وجود شخص مثلك يكتب و يذهب الى الفضاءيات في الخارج و الداخل هو اكبر دليل على ان هذه الدولة سقف حرياتها لم تصلة دولة عربية او اجنبية الا اذا كان النظام ينظر لك بمنظار اخر.

4) تعليق بواسطة :
01-08-2012 08:49 PM

كلام منطقي من ابن وطن منتمي .....

5) تعليق بواسطة :
01-08-2012 10:46 PM

أولا: تفتيت الأردن وتقسيمه إلى 3 أقاليم جهوية, باسم اللامركزية, وبث الفتنة فيما بينها وتأليبها على بعضها البعض. ( وهو ما نبهنا له منذ سنوات )

ثانيا: تصفية القضية الفلسطينية, وخلق فتنة أردنية فلسطينية.
*********************
يا د سفيان ، الحمد لله بلدنا بخير وشعبنا اوعى مما تتصور وملكنا الانسان نفتخر به ونؤمن برؤيته الثاقبة لتدبير شؤون هذه الاسرة الاردنية الواحدة ، شعبنا قليل وبسيط ويحتاج الى بوادر حسن نية للم شمله بس احنا نصّفي النية ،، ونطالب بوقف الفساد النابع من شخصيات تنتمي لهذه الامة بالاسم باعت ضمائرها مقابل حفنة من المال الحرام ومحاكمتهم محاكمات عادلة امام القضاء .

الله يعطيك العافية يادكتور وياخذ بيدك الى ما فيه مصلحةالجميع لنبقى اخوة متحابين في الله ..

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012