بقلم : عمر قاسم اسعد
02-08-2012 11:11 AM
الإنسان هو وحدة واحدة بكل مكوناته المادية والوجدانية والعقلية والروحية وعلى الأخرين التعامل معه من خلال هذه الوحدة .
جسد الإنسان هو ما يضفي عليه الشكل ويحدد ملامحه العامة والخاصة .
والعقل هو ما يميز الإنسان عن غيره من المخلوقات وهو الميزان الذي نزن به الشخص .
والروح هو ذاك الشئ الذي من خلاله نحيا ونستشعر أننا احياء بكل معاني الحياة الحقيقية .
الوجدان وهو ما يتعلق بمنظومة من الاحاسيس والمشاعر لتفاعل الشخص مع غيره وإكسابه صفة الانسانية .
والضمير هو المراقب لمكنونات النفس البشرية .
كل أقنوم مستقل بذاته يتصرف بمعزل عن باقي الاقانيم الأخرى ولكن لا بد من وجود رابط خفي بين أقنوم وأخر أو بين أقنوم ومجموعة أقانيم ، وفي لحظة ما تتحد هذه الأقانيم لتشكل الانسان كوحدة واحدة ــ وهذا من النادر حدوثه ــ .
أقنوم الجسد في الغالب يشكل الطابع المميز وله معظم السيطرة على الشخص ويتجلى ذلك في كثير من محطات حياته الغرائزية ، الجسد هو من يمتلك الغرائز وهو الذي يخضع باقي الاقانيم لسيطرته ، الطعام والشراب والمسكن واللباس ... الخ حاجات ضرورية وملحة للجسد وتنم عن أنانية فردية مطلقة لذات الشخص .
اقنوم العقل وهو الذي يميز الشخص عن الآخرين من خلال استعمال هذا العقل في حل كثير من المشاكل التي تعترضه ولكن العقل في النهاية يخضع للتجربة الخاصة أكثر مما يخضع للقياس على تجارب الأخرين ، للعقل سلطة ولكنها لا تظهر إلا من خلال مواقف ملموسة وتجارب شخصية .
الروح الأقنوم الذي نسعى دائما لإيجاده ، نسعى لامتلاكه داخلنا ، رغم أن الروح هي السر الرباني الذي اودعه الله فينا ـ وهي ملكا له ـ إلا أننا نبحث عن ألروح التائهة الهائمة ونادرا ما نجدها وهي بداخلنا ، وإن وجدناها سرعان ما نفقدها .
الوجدان ومنظومة الأحاسيس التي تجعلنا مميزين في تعاملنا مع كثير من المواقف الإنسانية ، وكم نفتقد أيضا لإبراز هذا الاقنوم ، وكم نتوق أن نعيش من خلال هذه المنظومة التي تحدد ملامح إنسانيتنا وطريقة تقبلنا لذواتنا وللأخرين من حولنا ولهذا لا نستطيع تحقيق الحد الأدنى من السكينة .
عندما نشاهد زهرة في حديقة ، سرعان ما تكون السلطة للجسد الذي يحد من نشاط باقي الاقانيم ، وكثيرا ما نمد أيدينا لقطف الزهرة ، نحتفظ بها قليلا أو نهديها لشخص أخر ، تذبل الزهرة ونرميها ، هي الغريزة الانانية وحب التملك لكل شئ جميل ونحرم الاخرين من حق التمتع بهذا الجمال ،
وفي نفس الموقف ربما نقترب من الزهرة ، نشتم رائحتها بعمق ونتفاعل معها كصورة جمالية ويبقى عبقها في وجداننا وبهذا تم إخضاع باقي الاقانيم من قبل منظومة المشاعر
وهنا يتدخل العقل بفكرة سريعة ان الزهرة ليست ملكا خالصا لذات شخص بل هي ملكا لكل من يقدر الجمال وهذا يساعد منظومة الاحاسيس والمشاعر ويدعمها للاستمرارية على ذات النهج . وفي نفس المثال ربما نقترب من الزهرة ونخاطبها روحيا نتوحد معها ونضفي عليها صفة الانسانية وهذا أبعد ما يكون وربما يكون نتيجة صراع ذاتي لعل ذات الشخص يحقق نوعا من الحب والعشق لكائن أخر بمعزل عن أهداف أخرى .
ثم يأتي الضمير وهنا يكون حضوره آني في نفس اللحظة والموقف وربما يكون حضوره بعد اجراء الموقف ، والضمير نادرا ما يستعمله الانسان إلا بعد اتخاذ قرارات ، الضمير يأتي في لحظة خاطفة ليؤنب ذات الشخص حول فعل معين ، الضمير يحاسب ذات الشخص كوحدة متكاملة ، يؤنبه إذا قطف الزهرة ويؤنب أنانيته حتى وإن تفاعل معه الشخص كوحدة سرعان ما يزول هذا التفاعل بعد ان ينتهي مفعول الضمير