بقلم : مهدي جرادات
05-08-2012 10:56 AM
مايدور في بلدي من مشاكل إجتماعية وإقتصادية وسياسية يجعل المتشمتين بنا يقولون:الأردن مجتمع عشائري والعشيرة هي التي تحكم وأنّ الدولة غائبة عن المشهد،بل سمعنا كلاماً حقيراً يندى له الجبين حيث شنّ البعض علينا هجوماً وقالوا أنّ القصر يرعى الإحتقان العشائري بين الشمال والجنوب وأنّ الفلسطينيين في الأردن هم برعاية ملكية ويعاملون معاملة ممتازة أكثر من أبناء الشرق أردنيون ويقولون أنّهم من بناة هذا البلد المعطاء..والعشائر تغلي في جميع أنحاء المملكة، وكأننا ننسخ نفس التجربة الجاهلية من حرب داحس والغبراء تلك الحرب التي دامت 40 سنة بين قبيلتين من أجل أسباب تافهة.
يا أبناء العشائر:
ما الذي يجري في الأردن – أصبح الغرباء يقولون لنا :العشيرة أم الدولة هي التي تحكم؟
لايكاد يمر يوماً واحداً إلاّ سمعنا أو قرأنا في وسائل الإعلام عن إشتباك عشائري بسبب قيام أحد أبناء العشيرة بقتل أحد أبناء العشيرة الأخرى،وفلان من إبن العشيرة يحب فتاة تدرس معه ولكن نازعها بحبها شاب آخر يدرس بنفس تخصصها،ومالبث إبن العشيرة الأول أن علم بذلك فبدلاً من تهدئة الخواطر وإستخدام الدبلوماسية ومنها الحوار العاقل،حيث يغير التكتيك لينتقم منه ومن عشيرته من أجل حب الفتاة،و يستخدم أسلوب الفزعة ويأتي بالأصدقاء والقرايب ومعهم الأسلحة النارية والأسلحة البيضاء فيقوم بتكسير مرافق الكلية الجامعية هو وأبناء العشيرة ومدعومين من البلطجية ويخوضون إشتباكات ضروس،وعندما تصدر إدارة تلك الجامعة قرارات الفصل لهؤلاء الطلاب ويتم فض الإشتباكات من قبل الدرك ،عندئذ نطلب الرحمة والشفقة بأن نعيد أبنائنا إلى الدراسة،أقول ذلك الأمر لأنّ أغلب مشاكل العنف الطلابي 90% منها التعصب للعشيرة والأخرى مطاردة الفتيات والقتال عليهنّ.
معقول أن نسمّي الأردن 'دولة العشيرة' فإذاً سميت المملكة الأردنية الهاشمية بهذا الإسم هل أشارت تلك التسمية لعشيرة أردنية دون الأخرى وهل الهاشميون هرعوا إلينا لأنّهم يريدون تدمير مصطلح العشيرة،ما هذا الهراء؟ حقيقةً سواليف حصيدة.
يا أبناء العشائر:
لايمكن لعربي أو مسلم بعد هذا اليوم يقبل ما يجري في بلادنا من أعمال العنف العشائري،ولايمكن في حال من الأحوال أن نحترم هذا المصطلح الخبيث ونحن ضد بعضنا البعض،فإذا كانت الأوضاع الإقتصادية سيئة هل هو الحل بإصلاح تلك الأوضاع 'القتال العشائري' هذا..وأنا أعلم كلّ العلم بأنّ الأردن مليئ بالقبائل والعشائر والأقليات وكذلك بالأصول الطيبة التي يملك كلّ منهما تاريخ مشترك وآمال مشتركة،ومن سابع المستحيلات أن نحلّ مشاكلنا والعشائر متضعضعة وغير متزنة،فأنتم أسباب ضعفنا وهواننا،فلايعقل أنه بعد حل أي مشكلة تخرجون علينا بمشاكل أخرى.
نحن نعلم بأنّ العشيرة في الأردن تاريخ مشترك ولكن لايحق للعشيرة بأن تعقد المؤتمرات الصحفية تحت قاعدة 'إبشر بالفزعة' يا إبن العشيرة،فعند قتل مطلوب أمني وعليه قيود وجنح تقوم عشيرة القتيل بحرق مخفر الشرطة الذي خرج منه رجال الأمن العام الذين تبادلوا إطلاق النار..ماذا يعني هذا ؟ ماظل إلاّ أن نقول لكم تفضلوا إحكموا وكأنّ البلد فوضى،ومن هذا المنطلق ماشأني بإبن العشيرة الفاسد والأزعر وتربية مخدرات ،كيف أفزع له؟ وأقول في قرارة نفسي:لو كان الأمن العام مخطيء كما تقولون في قصة الكمالية،هل أنتم أفضل من شفافية مدير الأمن العام والذي قال إنّ إبني لو كان معهم لوضعته في السجن، وهذه الجملة العادلة أطلقت من لسان الفريق الركن حسين هزاع المجالي والذي أشرف على القبض على الإرهابيين؟ أيعقل ونحن في القرن الحادي والعشرون وإقتربنا من تخطي عام 2012 أن نكذّب الأمن العام فزعةً لإبن العشيرة؟ ومن سيفزع لي يوم الفزع الأكبر حيث قال تعالى'يوم يفر المرء من أخيه*وأمّه وأبيه*وصاحبته وبنيه*لكلّ إمريء يومئذ شأن يغنيه'..أقرأتم تلك الآية القرآنية وفهمتم معناها قبل أن تبشروا بالفزعة..فيكفينا ضحك على الذقون!
يا أبناء العشائر:
أيرضيكم أن تخرب البلد من أجل تعطيل المصالح الشخصية لإبن العشيرة،أنجلب الهتيفة ونضغط على جلالة الملك وننعته بأحقر الكلمات لتخرج من أفواهنا ،وأنتم تعلمون أنّه بريء من تهم الفساد الموجهة إليه كبراءة الذئب من دم يوسف،عجباً لأمركم ولهذه الوسائل القتالية المسمومة التي تضغطون بها على القصر وبأجندة مشبوهة.
إبشر بالفزعة مسموح لكم أن تطلقوه عندما تفزعون لكرامة الأردنيين، فمثلاً طالب العلم الذي بحاجة إلى مال ليدرس إفزعوا له وساعدوه،وإفزعوا للفقير من عشيرتكم،وللمظلوم من عشيرتكم،ولكن أتركوا قطاع الطرق وحاملوا الكلاشنات إلى رشدهم..فما شأني بهم؟ هناك أجهزة أمنية وجهات تتابع الفاسد والمرتزق والمجرم وتتولى أمره،وليس مطلوب من إبن العشيرة الفزعة له وهم يعرفون أنّه ظالم ومؤذي للناس فدعوه والله يتولى الجميع.
أيها الأردنيون أنظروا إلى هذا المشهد المتناقض الآن أصبحت العشائر تحارب الأمن،ولكن قبل سنوات راقبوا بيانات العشائر عندما حصل الهجوم الإرهابي على الفنادق 2005 ،كلّ زعيم عشيرة أخذ يصرّح عاشت الأجهزة الأمنية ،نحن بلد الأمن والآمان،نحن بدون أمننا لن نحيى.واليوم أصبحنا نحمل أسلحة على رجال الأمن ونشن هجوماً عليهم لنقول أنّهم فاسدين ولعيبة قمار وغيرها من هذه التفاهات.فمن كان وراء هذا الإنقلاب؟
ما أودّ قوله بأنّني غاضب على القصور الكبير من قبل مسوؤلي الدولة في محاصرة وضبط أمن العشيرة دون الأخرى،ولهذا الرسالة الأولى توجه إلى رؤساء الأجهزة الأمنية، فمثلاً ألقي القبض على إبن العشيرة بتهمة أو جنحة وقد ثبت أن إبن العشيرة نفسها يعمل في أحد الأجهزة الأمنية وقدم له المساعدة بحجة قريبه أوصديقه،فإنّي أناشد رؤساء الأجهزة الأمنية بفصلهم لأنّ هذا أسمّيه بالفساد العشائري وسيعمل على تفكك العشيرة وضياع الحق لأصحابه.
وأمّا الرسالة الثانية فموجهة لزعماء العشائر لأقول لكم إنّ العشيرة يقتصر دورها في حماية المجتمع وليس بردع الأمن،ويجب أن تعملوا جاهدين وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية المختلفة لنزع الأسلحة النارية بأنواعها والتي يحملونها بدون ترخيص،فلايعقل أن يحمل شاب سلاح إلى جنبه ليقول أنا 'واصل'..كم أعرف أناس يحملون السلاح بهذه الطريقة ولكن معظمهم أصحاب مظاهر وهم أقرب إلى الشبيحة ..يا عيب الشوم!
وأمّا الرسالة الثالثة فهي إلى مستشار جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين لشوؤن العشائر الأمير غازي بن محمد،حيث أقول لك وضع العشائر مقلق للغاية فنرجو منكم أن تعدل بينهم..ونحن نطالبك بأنّ تصدر تعميماً ليبلغ به وجهاء وزعماء كلّ عشيرة إمهالهم فترة من الوقت لضبط الحالة الأمنية الخاصة بهم ،وإلا ترك ضبط الحالة الأمنية وتفتيش المنازل بالطرق القانونية من قبل الأجهزة الأمنية بما فيها دائرة الأمن العام لكل منازل كلّ عشيرة تثير القلاقل الأمنية والراحة الأمنية للمواطنين ..وأقسم لك أنّنا أصبحنا نخاف على أرواحنا ونقلق على مستقبلنا من هذا الهراء.
أيها الأردنيون العدو الصهيوني على أبوابنا وهم وراء مزابل الربيع العربي، ويتوعدون الأردن ليلاً ونهاراً،وهم الآن يحذرون عن طريق أبواقهم الشيطانية أن الأردن جاءه الدور..فلا تستسلموا لأصحاب الدولارات، وأقسم لكم وأنا على إطلاع يومي بما يجري في هذا البلد في جميع وسائل الإعلام،لقد إكتشفت أنّهم يريدون عمل قلقلة أمنية للضغط على العشائر من أجل زعزعة القصر ويجعلوا الوطن البديل حتماً مقضيا.ولهذا يا إبن عمّي جهّز سلاحك لهذا العدو.فنحن في رمضان شهر المغفرة 'أوسطه مغفرة' فلا تشهر سلاحك إلاّ بوجه عدوّك.هكذا سنفوز ونسأل الله لكم العفو والعافية!