بقلم : ريماز موسى محمد الرواضية
05-08-2012 11:02 AM
ينادي وبصوته الخشن المليء بالحنان ينادي... يطلبني أن آتي اليه وبسرعة, أجلس بجانب أريكته الخشبية المقدسة وأقول : ها قد أتيت يا أبي , ها قد أتيت... يسألني هل أحضرت الجريدة معك؟؟ ليش يابا هو أنا بقدر أنساها..... أبي يبلغ من العمر تسع وسبعون خريفا تتالت عليه لكي تسقط أوراقه ورقة تلو الأخرى. ولظروفنا المادية الصعبة , لم نستطع امتلاك هذا الطبق اللاقط للقنوات ....كالذي عند جارنا أبو محمود.
ولكن أبي مدمن للأخبار ومن الدرجة الأولى حتى أن هموم المنزل وشؤون الحياة اليومية لم تعالج ولو جزئا من ادمانه الاخباري.
لم يعد باستطاعة أبي متابعة الأخبار على الراديو...فلم تعد محطاته كما كانت في ما مضى .
فلقد واكبت المحطات الاذاعية التطور العالمي لتصبح أكثر برامجها هي –أغاني مايعة –قولة الحج . أو برامج عن الحب والغرام ....
وهي أحداث لا يهتم بهى أبي –إلا اذا من وراي وانا مش داري- فلذلك اعتدت أن أجلب له الجريدة وبشكل يومي وأقوم بالقرائة له حتى الصفحة الأخيرة.
يالله اقرالي يابا شو صاير بهالدنيا.....
أقوم بفتح الجريدة فأجد بأن كل خبر فيها يعكر المزاج ....
فهنا ارتفاع للأسعار...وفي الصفحة الأخرى تطبيع علني.....وفي التالية بعض العلاقات السياسية المشبوهة.
-أي والله لو قريت هالحكي للحج إلا يروح فيها- أقرر الابتهال لكي أرسم ولو القليل من الأمل والابتسامة على وجه أبي.
فأبدأ بالقرائة : الحكومات العربية تمهل اسرائيل ثلاثة شهور لوقف العدوان على قطاع غزة وإلا فان الرد سيكون قاس جدا وبيد واحدة...
يقاطعني ابي قائلا: ول عليهم ثلاث أشهر ما يقوموا يتحركوا من هسا ليش يستنوا ثلاث أشهر.
بصراحة لم أستطع النطق بكلمة واحدة بعد هذا الرد العنيف.... لا بل انني قد أصبحت معقود اللسان....ولم أستطع الحديث نهائيا من بعد هذه الحادثة .
اصطحبني أخوتي الى أطباء عده...ولكن من دون جدوى...لقد أصبحت معقود اللسان.
وها أنا سأبقي تواصلي مع الآخرين عن طريق كتاباتي ...
وأعدكم بأن لا أكذب عليكم كما قد كذبت على أبي.