بقلم : إبراهيم القعير
11-08-2012 12:13 PM
هل تعد تحركات الشعوب العربية التي تحدث الآن ثورات ؟ . هذا التساؤل يطرحه العديد من المواطنين. لان البعض يرى بأنها تحركا ت عفوية ( أو فوضى خلاقة كما يدعي المهزومون ). ينقصها الفكر والمعاناة والتنظيم ويسرد العديد من المبررات والحجج التي تثبت برأيه أنها ليست ثورات لان كلمة الثورة حسب قناعتهم جامدة لا تقبل التحديث.
أجمل ما قرأت في تعريف الثورة للكاتب سليم ألرقعي :'الثورة كظاهرة اجتماعية وسياسية هي انتفاضة الشعب والفطرة والضمير ضد الظلم الذي تجاوز كل حدود تحمل الطاقة البشرية .'
ويضيف أن الثورة من منظور التحليل النفسي هي انتصار عامل الغضب في النفوس على عامل الخوف من القوة وإرهاب السلطان.
إن احتقان الشعب وصبره على القهر والظلم والفساد وممارسة الاستبداد والديكتاتورية ضده من قبل الحكام . يعتبر إعدادا مسبقا لتكوين الفكرة في أذهان المواطنين بالإطاحة بالحكم في اقرب فرصة تتيح لهم ظروف ألمواجهه مع النظام . ويصبح الشعب في حالة غليان وتذمر وتململ يشعر به الجميع منتظرين الفرصة للانفجار . لذلك كانت حادثة أبو عزيزية شرارة الانفجار الشعبي المنتظرة . والتي نظمت من خلالها وبسرعة فائقة فاقت خيال رجال الحكم والأمن سيول المواطنين في الشوارع حتى أنهم أطلقوا عليها تسونامي العرب . عاصفة واكتظاظ بشري مرعب افزع و أخاف ألجميع . ولم يتح الفرصة للحكام ورجال الآمن لمجرد التفكير في آليات علاج هذه الظاهرة التي تعتبر معجزة القرن الحادي والعشرين . وثورة بكل المعايير . لان الشعب تخطى حاجز الخوف والرعب من النظام .
إذا هي انتفاضة الشعب من خلال احدث وسائل الاتصال والتكنولوجيا التي كانت السبيل الوحيد في تنظيمهم والتجمع لمواجهة النظام القائم . هذا دليل على أن الشباب كانت لديهم أفكار مشتركة . هي الخلاص من الحالة القائمة. لذلك التف حولهم الناس في الشارع مؤيدين لهم لمواجهة الحكام . وتغيير الحكم في بلادهم كما حصل في تونس ومصر وتطورت المواجهة في ليبيا واليمن وسوريا بين الأنظمة والشعب إلى استخدام الأسلحة كوسيلة لتغيير الحكم في بلادهم .
هذا اكبر دليل على أن التحركات العربية التي تحدث الآن ثورات وبامتياز.
إن النموذج المراد تحقيقه لإحداث ثورة في أي بلد عربي كان يحارب في المهد لذلك تجد العديد من السياسيين في السجون أو المنفى هذا إذا بقي احدهم على قيد الحياة . وكانت الأحزاب تحارب وتُهمش ويقوم الحكام بإقصائهم عن الرأي العام وتحجيمهم . ويحارب جميع الأنشطة التي يقومون بها . ويستمر في استخدام القبضة الأمنية القاسية التي تدعم استمرار الحكم في البلد . وبناء عوائق سياسية واقتصادية واجتماعية أمام أي تحول متوقع. وحرمان الأحزاب وفئات من الشعب من المشاركة السياسية .
لا احد ينكر بأن التقدم التكنولوجي والعلمي وكثرة الفضائيات ووسائل الاتصالات .وكما قال الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية كلينتون ' العالم أصبح قرية صغيرة '. لم يفهمها الحكام العرب ولم يستطيعوا منع الشعوب من إدخال التكنولوجيا إلى بيوتهم . لما لها من الأثر الكبير على تنوير الناس ومعرفتهم بما يدور حولهم . لان الوسائل الإعلامية الحكومية الموكلة بتوجيه الرأي العام كما يريد الحكام أصبحت مهجورة .
لذلك تكونت أفكار حديثة لدى الشباب لا تحتاج إلى مزيد من الدماء والفوضى وهي الاعتصام والمسيرات في الشوارع والميادين التي أدت بدورها في خلخلة الموازين لدى الحكام وأضعاف قبضتهم الأمنية . مما أدى إلى عجز ألمواجهه وهزيمتهم أخر المطاف .
عند البحث عن المعنى اللغوي لكلمة ثورة في ' لسان العرب' : فعلها 'ثار ' بمعنى الهياج , الغضب , الإثارة , الظهور...... من خلال المعنى اللغوي يتبين لنا بأن تحركات الشباب والشعوب في الدول العربية ثورة. والتغيير المفاجئ والعنيف في بعض الدول العربية للوصول إلى السلطة وتحقيق أهداف الثوار والتغلب على المعيقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وإزاحة النظام الحاكم دليل أخر على أنها ثورة وليست تحركات عفوية .