بقلم : عبد الحليم المجالي
13-08-2012 10:32 AM
في ليلة الخامس والعشرين من رمضان ,احدى ليالي الوتر في العشر الاواخر من رمضان حيث يترقب الصائمون ليلة القدر, القى الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي كلمة احتفالية في قاعة المؤتمرات بالازهر الشريف . جاءت هذه الكلمة الاحتفالية – التي من المفروض ان تكون روحانية - لتعبر عن موقف سياسي لرئيس مصر بعد احداث دراما تيكية , امنية حيث الاحداث في سيناء , وادارية حيث التعينات والاحالات على التقاعد في المناصب العليا لرئاسة الجمهورية والجيش , وفي اطار الجدل القانوني والدستوري للمرحلة الانتقالية للشعب المصري في ثورته المجيدة . فرض الموقف نفسه على الرئيس المصري الذي يمثل المسلم الاخواني فبدا شخصا آخر ابتعد عن الشخصية الاخوانية واقترب من المسلم بدون القاب ,جاء كلامه بما يخص المناسبة دينيا ككلام اي مسلم يمجد ليلة القدر ويبين فضلها في الشهر الفضيل وارتباطها بنزول القرآن الكريم , واما كلامه في المواضيع الامنية والادارية والتوجه العام لسياسته محليا واقليميا ودوليا فقد رايت فيها الملاحظات التالية :
كان موفقا في اختياره لموقع ازهري للحديث فيه وكان موفقا في اختياره للكلمات التي وصف فيها رجال الازهر باصحاب الفكر والعلم والعمائم البيضاء ولفت الانظار اليهم ولدورهم المرجو من الامتين العربية والاسلامية كمرجعية دينية تحارب وتقضي على الفوضى الفكرية الدينية من تعدد المرجعيات واختلافها , هذا الدور الذي ينادي به دعاة الاصلاح الحريصيين على المصلحة العامة للعرب والمسلمين . الوضع طبيعي لو ان المتحدث غير اخواني وكلنا يعلم ان الاخوان المسلمون كجماعة وتنظيم لهم مرجعيتهم التي تبدو خاصة بهم في الافتاء, وكلنا يذكر الزوبعة التي اثارتها فتوى الاخوان قبل شهور بمن لا يشارك في المظاهرات والاعتصامات في الاردن وكيف عارضت دائرة الافتاء الاردنية تلك الفتوى وكذلك ردود الافعال المستنكرة من التيارات والاحزاب والفعاليات الاخرى , هذا ما جعلني ارى ان الرئيس سجل نقطة لصالح الاقتراب من الاخرين في توجهاتهم والابتعاد عن خصوصية اخوانية لاتبعث على الارتياح .
كان موفقا عندما دافع او بالاحرى وضح وجهة نظره بشكل مقتضب وحاسم حول الاجراءات الادارية في الاحالات على التقاعد والتعينات في الجيش الشريك له في رئاسة مصر (سابقا), وقد فرض عليه الموقف ايضا رباطة الجاش والثقة بالنفس اللتين انعكستا على حديثه الذي عبر عنه احد المعلقين على اجراءاته بالقول بان الوضع العام في مصر يبعث غلى القلق ولكن ما قام به الرئيس يبعث على الاطمئنان بسير الامور بشكل طبيعي ومناسب . كان موفقا عندما تطرق بشكل مقتضب الى دور مصر ورجالها في الفزعة لامتها وضرب الامثلة من الغزو المغولي الغاشم وكذلك الحرب التي فرضها ما يسمون انفسهم بالصليبيين . نقل المراسلون وقع تلك الاشارات على الاسرائليين حيث عبرت عناوين وسائل اعلامهم عن القلق والتوجس من تلك الاشارات . كان من المفارقات انه في نفس الوقت الذي عزز فيه الرئيس المصري من صلاحياته حصل نتنياهو على صلاحيات اوسع لمواجهة الاخطار المزعومة من الواقع الراهن على الكيان الصهيوني .
كمواطن عربي محبط , اتابع المآسي على الارض العربية من الجارة العزيزة بل الام سوريا الى العراق والى اليمن والى غزة والى سيناء وما يجري هناك من قتل وتدمير بايدي عربية وتمويل عربي وغياب القيادة العربية الراشدة , بعثت اشارات الرئيس التاريخية في نفسي الامل , وحفزتني الى قراءة التاريخ الذي اشار اليه فخامته بشكل مقتضب وابحث في اسماء القادة الذين ذكر قسم منهم كصلاح الدين العربي الكردي المسلم من الجناح الشرقي لمصر وابحث في الاسماء الاخرى كالسلطان قطز والظاهر بيبرس وعلاقتهم بالقلاع والساحا ت حولي في القدس وحطين و الكرك والشوبك وحوران وكل الارض الشامية . بعثت تلك الاشارات في نفسي الامل بتحقيق الحلم بالوحدة والقيام كل بدوره من الازهر الشريف كمرجعية دينية ومصر كالشقيقة الكبرى والجناح الغربي للامة, وبلاد الشام موحدة عزيزة كارض للحشد والرباط ومصدر الهام للقادة الافذاذ . حمى الله مصرواهلها واعادها الى دورها في الطليعة وفي القلب من الامتين العربية والاسلامية .