بقلم : د. محمد الخطاطبة
16-08-2012 11:15 AM
لقد كان قرار الملك حسين رحمه الله حكيما وصائبا عندما أعلن حياد الأردن في وقت كانت فيه بوادر حرب الخليج الأولى تلوح في الأفق عام 1991, كان الأردن حينها اقرب الحلفاء للنظام العراقي, وقد تجمعت دول التحالف في حفر الباطن. فكان القرار الشهير الذي رفض فيه الملك حسين عروض مليارات الدولارات للدخول في تلك الحرب. لقد كان قرارا حكيما وصائبا جنب الأردن مخاطر حقيقية كان يمكن أن يتعرض لها الوجود الأردني ولا يتحملها الشعب بكلفها المادية والبشرية.
وها نحن اليوم نعيش وضعا أسوأ بكثير من حالنا آنذاك ابان حرب الخليج الأولى, فالوضع الاقتصادي السيء والمديونية غير المسبوقة الناتجة عن الفساد المستشري والضغوط الشعبية المطالبة بالإصلاح والمأزق الذي تعيشه الحكومة في محاولة تسويق قانون الانتخاب ذو الصوت الواحد والمرفوض شعبيا, إضافة الى الوضع الإقليمي الملتهب والضاغط والذي يوحي بالانفجار في أي وقت.
تأتي الضغوط الدولية والإقليمية لتضع الجزرة الخليجية أمام الأردن لاستغلال وضعه الاقتصادي لزجه للتدخل العسكري في سورية وبأي ثمن وبأي صيغة لإيجاد مناطق آمنة للمعارضة السورية.
إن الوضع الأردني الهش والذي يعتبر اضعف الحلقات في المنطقة يجعله يغامر بوجوده وبدماء أبناءه في حال تدخله في مثل هكذا مغامرة, وهو انتحار بكل المعاني يهدد الوجود الأردني برمته ويضعنا على فوهة بركان إقليمي سيعصف بالمنطقة كلها وحينئذ لا ينفع الندم.
الأردن اليوم بحاجة إلى قرار حكيم يشبه قرار الملك الحسين رحمه الله, يحفظ الأردن ويجنبه ويلات حرب لا يعلم نتائجها إلا الله ولن تنفع عندئذ كل المليارات. إن الملك عبد الله الثاني حفظه الله لا يمكن إلا أن يكون كوالده صاحب قرار حكيم في مثل هذه الظروف المصيرية والدقيقة.
حفظ الله الأردن وشعبه آمنا مطمئنا وجنبه الفتن ما ظهر منها وما بطن.