بقلم : د. صالح سالم الخوالدة
22-08-2012 10:51 AM
أصرّ إلحاحاًّ...، وألحّ إصراراً الخط الرّسمي (القبعة بالربعة) في الأيّام القريبة الماضية ولا يزال في هذه الأيّام على أنّ الانتخابات النّيابيّة المقبلة ستكون نزيهة، وأنّه قد صدر تعليمات واضحة وتوجيهات مشدّدة تضمن تلك النزاهة... .
(عال العال) وحلوٌ وجميل، إنّ هذا لهو توجّه وطنيُّ وسامي، وكلّ الأردنيين توّاقون له ويتمنّونه...، ولكن السّؤال هو: ألم يلتفت خطنّا الرّسمي إلى ما يُكمن من خطورة في (لبّ) هذا التّصريح؟ فمتى كانت النّزاهة بشكلٍ عام تحتاج إلى تعليمات إذ أنّها تنشئةٌ وطبعٌ وليس تطبّع؟ أمّا بالنّسبة لنزاهة الانتخابات بشكلٍ خاص؛ فهل نزاهة الانتخابات يا (نااااس) بحاجة إلى تعليمات؟
من هذا التّصريح الذي يدلّ على فقرٍ في الخيال السّياسي و(استظراط) الرّأي العام واستغفاله؛ نستنتج أمرين:
الأوّل: الاعتراف الواضح والصّريح بأنّ الانتخابات السّابقة جميعها كانت كلّها مزوّرة وكلّ ما قبل هذا التًصريح ليس إلّا (حْرَاث بعارين) أو ليُسمح لي أن أقول بأنّه: (ضْرَاطْ معز) مع احترامي للقارئين...!
الثّاني: علاوة على أنّها كانت مزوّرة؛ فإنّه كذلك أقل من عادي أن تكون مزوّرة لدرجة أنّها تحتاج لأوامر وتعليمات فوقيّة وعليا لكي تكون نزيهة...!
أجهزة الدّولة الأمنيّة والإداريّة وعلى رأسها الوزارة المعنيّة مباشرة بتلك العمليّة – وزارة الدّاخليّة – لن تنفّذ التعليمات وستزيّف الانتخابات بطرافة، وستصادر إرادتنا وصوتنا وهي مطمئنّة ولن تخشَ مُحاسبة أو تخاف أدنى عقوبة...، فقط المرّة بعد القادمة سنسمع تصريحاً جديداً (الله أعلم على لسان من) ونصّه: (ستكون الانتخابات مُنزّهه علاوة على أنّها نزيهة)...!
من الطّبيعي جدّاً أنَّ التّعليمات الرّسميّة العليا واحترام المواطن وإرادته ستكون جميعها على رأس و (خشم) وعين الأجهزة الحكوميّة برمّتها وعلى (براطمْها وشدوقها بَعَدْ)...، لكن بالمُقابل...؛ فإنّ هذه الأجهزة ستطبّق ما تفهمه وتعرفه ونُمِّطت واعتادت عليه سابقاً، لذا...؛ فإنّها ستُنفّذ روح التّعليمات وليس نَصَّها...، عدا عن أنّ أجهزتنا ومؤسساتنا الرّسميّة ومعها بعض الفرق الشّعبيّة المستفيدة (أُبشّركَم) بأنّها قد تجاوزت الهواية في التّزوير إلى قمّة الاحتراف فيه؛ فأضحى ذلك لديها شِرْعَةً وعقيدة...، ويمكن لنا أن نكون أسياد آسيا وأفريقيا في هذه اللعبة – لعبة التّزوير – في حال خدمنا الحظ ولم تفز علينا بعض الدّول المزوّرة للانتخابات بنصف سلّة أو صندوق وليس أكثر (لا قدّر الله)!
وبما أنّ أمريكا تتطلّع وتأمل أن تكون انتخاباتنا القادمة بأنواعها وأشكالها نزيهة حرّة، وكي لا يُصاب (بوش الأسود) – أوباما – بخيبة أمل كبيرة رغم معرفته بمدى حجم الضّغوطات التي يتعرّض لها نظامنا من تيّارات رسميّة سابقة ولاحقة، وعشائريّة كثيرة ومتشعّبة غير مؤمنة بالديمقراطية، وعدوّة لدودة للدّولة المدنيّة وتخافها وتخشاها للأسف، ويعرف أنّها لا يمكن لها أن تستغني أو تتخلّى عن التّزوير إذ أنّه بالنّسبة لهذه التيارات هو (مسألة حياة أو موت)، وبما أنّكم الآن ونوّابكم تحاولون تحجيم الصّحف وبخاصة الالكترونية منها وهي خطوة متقدّمة ونصف الطّريق، فإنّني ولضمان احتواء التّرقّب الأمريكي لأداء حكومتنا ومجلس نوّابها؛ أنصحكم بثلاث نصائحٍ تصاعديّة لا رابع لها مع علمي أنّ عينكم عليها وأنفسكم تتحدّث بها، ومحسوبٌ حسابها (ولا أوصِّي هنا حزين عَ بْكّى) ولكن لعلّ الذّكرى هنا في الدّنيا تكون حجّة عليكم هناك في الآخرة إن زوّرتم:
أوّلها: تحجيم الإعلام الفضائي (ضيوف، ومكالمات هاتفيّة فقط، أمّا مُقدّمو البرامج من العيله مقدور عليهم)، وثانيها: سن تشريعات عاجلة لخنق حريّة تعبير الأردنيين على الانترنت (ولا أسهل منها)!!! وآخرها: وهي الخطوة الرّئيسيّة والحسّاسة والأهم والأخطر على الإطلاق، وتحتاج وزراء ونوّاب مُخضرمين لا يرقبون إلّاً ولا ذمة في تطبيقها وهي: (حِصار القدرة على فضح وكشف التّزوير)، وتتم هذه الخطوة بالانتقال من (موضة) ومرحلة تزوير الأصوات إلى تزوير الأرقام، وهذا الانتقال يعني التّوقّف والإقلاع عن اللعب ببطاقات التّصويت كونها من خلال التجارب السّابقة تسبّب الفضائح (وعليها شْهود) و (تخلّي أمريكا إذا ما اشترت تتفرّج) ، إذن ما لحل؟ سهل جدّاً وهو الانتقال من اللعب بالبطاقة إلى اللعب بالآلات الحاسبة وعمليّاتها الحسابيّة (جمع، طرح، قسمة، نسبه وتناسب).
طريقة التّزوير بالآلة الحاسبة؛ أهدأ وأرقّ وأسهل لكم ...، فصوت المواطن يصل إلى الصّندوق ويُخرَج منه بطريقة آمنة، ويصل إلى اللجنة اشدّ أمناً كذلك، ولكن الفن والمهارة هما: هل سيتمّ احتسابه أم لا، فكيف سيكلّم النّاس حينئذٍ آلةً خرساء وليس لها روحاَ أو ضميرا، وتأخذ ولا تعطي، لذا هي آمنة أمينه؟ ومن خلالها يتم الفوز والخسارة حسَب التّوجيهات والضّغطات لا حسب التّصويتات، وبالتّالي: (لا من شاف ولا من دري)...!
ولأنّ الأردنيّ دائماً ما يكون أمام أمرين أحلاهما مرُّ، نعمة النّسيان أو فَرجة الموت، ولأنّ الخط الرّسمي لدينا مفضوحٌ على كلّ الأوجه؛ فنعَم وألف نعم للتّزوير بتغيير أرقام الآلة الحاسبة...(فضيحه بْسِتِرْ ولا فضيحه بْخساره)، ولا وألف لا للتزوير (بقطم) البطاقات وفضائحها بعد اليوم عدا عن أنّ التّنويع (مش غلط) فالأردنيّون بأمسّ الحاجة لتزوير عصري جديد يتناغم مع عواطفهم الجيّاشة...أي (تغيير الطريقة لا تعديلها)...!
وما دمتم مزوّرين مزوّرين...؛ فإنّنا نطمح منكم بطريقة تزويرٍ عصريّة تتواكب مع روح الرّبيع العربي من حولنا، وبما يضمن احتوائه ايجابيّاً في دواخلنا، وبما يضمن كذلك أن نبقى نصعب على المسلم فقط لا أن نصعب كذلك على الكافر... .!
في الأردن فقط...؛ (عِيش اكثير تشوف إكثير...)! إذ ما أخشاه...؛ هو أن يتمّ طلي شعر الأردني (بالْمِغْرَة) بعد قيامه بالتّصويت بدلاً من طلي إصبعه بالحبر السّري كطريقة قديمة لا تُليق به، وضماناً لعدم تصويته لأكثر من عشر مرّات على الأقل...!