بقلم : حازم عواد المجالي
25-08-2012 10:45 AM
اسرائيل تهدد بضرب ايران ضربة وقائية ليس لتدمير ايران وانما الاكتفاء بتعطيل صورايخها , إيران بمنهجها الفارسي الاصيل ستقوم بالرد فورا ولكن ليس على اسرائيل وانما بما تخدم مصالحها متعذرة بما قامت به اسرائيل , ستقوم بفرض سيطرتها على العراق كله , ستعطي العذر لنظام الاسد في سوريا بالاستمرار ومزيدا من القتل والدمار , احتلال البحرين عسكريا , وإطلاق يد حزب اللات في لبنان لقيام حرب اهلية , لعل هذا السيناريو هو الاكثر قابلية للتحقق مع الاخذ بعين الاعتبار ان ايران ستعلن الحرب على اميركا بما لها من قوات في المنطقة , وستبقى اسرائيل خارج المعادلة الا من شعارات ايران وحلفائها .
كشفت وثائق ويكيليكس مؤخرا محاولات كثيرة للنظام السوري وإيران لزعزعة الامن في الاردن وإحداث حرب اهلية فيه , وإيران لم ولن تيأس من زعزعة الامن في السعودية ودول الخليج وان تم السيناريو اعلاه فهي ستصبح على اعتاب الخليج برا , ان كل ما يجري وسيجري من حولنا يفتح عديد التساؤلات التي تفرض نفسها على واقعنا شئنا ام ابينا , الا ان عاندنا واصرينا متحججين بالإصلاح ومحاربة الفساد كغاية وليس كوسيلة لحماية الوطن وازدهاره.
لم اسمع احدا قط ليس مع الاصلاح او محاربة الفساد , الكل متفق على هذه النقطة فأين الاختلاف ؟؟ الاختلاف ان هنالك من يريده كطاولة بني اسرائيل ينزل مرة واحدة , وهنالك من هو مقتنع انه يأتي بالتدريج والمطالبة , وبين ها وذاك هناك من يريد الاصلاح بالتأسيس للمستقبل وليس معالجة الماضي , وليست الصعوبة ان تمزج بينهم كلهم بشرط ان يكونوا كلهم على قلب رجل واحد , وعلى مبدأ تحقيق مصلحة الوطن اولا , اما ان اختلفنا في تحديد ما هي مصلحة الوطن اولا فبالتأكيد سنختلف على الوطن كله , اختلاف سيؤدي ضمن معطيات الوضع العام العالمي والمنطقة المحيطة بنا الى نهاية الاردن كدولة .
علينا ان نوسع مداركنا بالنظر الى وضعنا الداخلي بصورة اكثر وضوحا وإدراكا لم هو مقبل علينا , فتحديد المسار والية العمل المنتظمة وفقا لمصلحة الوطن اولا امرا بات حتميا وضروريا , وان الانتظام في سرب الوطن ليس بالصعوبة ولا بالأمر المستحيل , لكنه ايضا يحتم علينا ويلزمنا بالتأشير على من يغرد خارج السرب بأنه ليس ضدنا بل ضد مصلحة الوطن العليا , على الجميع البدء بالعمل والتنازل والتراجع خطوات لنلتقي معا مجددا كدولة قوية متحدة شعبا ونظاما , ولا يحسب هذا التطور على انه تنازل كلي وانما تكتيكي , لان استمرار ما يسمى بالحراك الشعبي على ارض الواقع بهذه الصورة اصبح امرا يشكل خطر واضحا على مصلحة الاردن داخليا وخارجيا , والحكم هنا ليس بما يطرحونه وانما بنتائج ما يقومون به , ان البعض الان من المهتمين بالشأن الاردني من الخارج اصبحوا ينظرون الى الاردن على انه دولة متهالكة منتهية لا نفع فيها ولا يصلح معها شيء , والسبب نحن بما ننشره لهم بما نكتبه في الداخل وهم يقرؤونه , افلا نعقل قليلا ونزن الامور بما سيحدث بالمستقبل , ما نفع محاربة الفساد ان كانت الدولة كلها ستنتهي , وهل هذا هو الحل الوحيد , اليس بإمكاننا ومقدرونا ان نحافظ على هيكل دولتنا ونحميه وبنفس الوقت نقضي على الفساد ,لم يكن في عقيدتنا يوما ان ننزه احدا او نعصمه عن الخطأ , وليس الحديث الان عن تبرئة ساحة النظام انه لم يخطئ ولم يحد عن جادة الصواب , وانما الحديث الان عن بقاء هذا النظام بإطاره الواسع كدولة وليس كأشخاص او اسماء , وتحضرني هنا قصة سيدنا علي بن ابي طاب كرم الله وجهه وفي حرب الفتنة مع سيدنا معاوية رضي الله عنه , حينما بلغ الى ابي الحسن ان الروم بدؤوا يحشدون لاستغلال الفتنة والحرب بين المسلمين فيهجمون عليهم , فبعث الى ملك الروم رسالة يهدده فيها ان فعل ليصلح على معاوية ويتنازل له ويجتمع في جيش واحد ليحارب الروم , فوالله ما اشبه اليوم بالأمس .
ولقد كشفت لنا الثورة السورية المجيدة بعضا مما كنا نخشاه , هؤلاء المدعون الاصلاح الذين يريدون احداث الحرية كما يرونها في الاردن , المعارضون مدعوا الوطنية ولكنهم بكل وقاحة وسفالة يعلنون تأيد النظام الاسدي الطاغي في سوريا , ويجاهرون بذلك , موقف اوجب علينا التوقف قليلا والتفكر بما نحن نصنعه , احقا من يكون على الباطل في موقفه مع الثورة السورية يكون على الحق في موقفه في الاردن , لا والله لا يجتمع الشر والخير الا ان كان خيرهم في الاردن قناع البسوه لشرهم في سوريا , أأن حصل السيناريو اعلاه وبدأت العمليات العسكرية والتخريبية سيكونون مع الاردن والدولة والشعب ؟؟ , ام تراهم سيبقون على مكرهم وعهدهم لأسيادهم في موسكو و طهران و القرداحة , لا والله لا يتغيرون ولم تؤثر فيهم دماء الاطفال والأحرار وصرخات الارامل والحرائر في الشام كله.
وليست الخطورة ببعيدة عن تنظيم الاخوان المسلمين ايضا , فما حدث في مصر وأكذوبة الاخوان هناك , امر يجعلنا ايضا ان ننتبه لهم ونحذرهم , في عهد مبارك البائد لم يسمح للشيعة ان يفتحوا حسينية واحدة لهم , وفي عهد الاخوان سمحوا لهم , بل كيف التناقض في موقف الرئيس مرسي حين يرفض برقية بشار في رمضان مهنئا ويعلن انه سيزور ايران قريبا جدا , ما هذا التناقض وهذا الانفصام , وكأن دم ابرياء سوريا ليس لطهران وعمائمها علاقة به , في الاردن كما مصر يركبون الموجة حتى ان اعتلوا اعلنوا فتواهم من عارضنا خرج عن الملة ووجب عليه حد القتل كمرتد , حين يكون الحراك الشعبي كله صافيا لخدمة الوطن لا يمكن ان يكون ما يفعله يهدم الوطن , لا يمكن ان تكون مصالحك بملفات لحساب اعداء الوطن , موقف الاخوان من التجنيس معروف , موقفهم من ايران شائب واضح , فكيف نؤمن لهم وان ادعوا انهم يريدون الاصلاح , كلمة حق يريدون بها باطل هم وحلفائهم من اواخر اليساريين والعبثين الذين بقدرة قادر اتحدوا بين العراق وسوريا وقد كان صراعا حربا طوال الفترة الزمنية الماضية , الا في الاردن اتفقوا , فكيف نتبعهم وفي مواقفهم حملوا دماء احرار سوريا على ايديهم.
الاولى الان ان نحافظ على ما لدينا وان نمنع حالنا وننبذ من لا ثقة فيه تصلح ولا ذمة له تجوز , ما يحصل مؤخرا كشف لنا زيف اعمالهم وسوء نياتهم , فهل نحن ماضون معهم نحو نهايتنا ودمارنا , اليست العودة الان الى وحدة الصف الداخلي شعبا ونظاما في الفترة الحالية خيارا اصبح واجبا علينا تجاه وطننا وامتنا , مع ضرورة العمل والبقاء على التأكد من الاصلاح ومحاربة الفساد بمنعه اولا , لا تعارض بين هذا وذاك فالخيارات اصبحت كلها صعبة وان وقعت القنبلة فهي لا تفرق بين الرؤوس ولا تنتقي ,ان مناظر الاطفال في شوارع سوريا وهم يستصرخون يلزمنا ان نفكر مليا ونعيد حساباتنا وتوجيه مسارنا.
العناد قاتل والإصرار على الخطأ مدمر , وكم من دول ضاعت واندثرت من مبدأ سبق السيف العذل , فلا تأخذنا العزة بالإثم , خيار التلاحم الوطني الان هو مصيرنا الوحيد مع اشقاءنا العرب المجاورين لنا للبقاء كرماء احرار , وبين هذا وذلك يخلق الله ما لا تعلمون , فلنجعل الاردن هو هدفنا رفعة ومنعة ولا نهلك انفسنا بأيدينا , التنازل احيانا لا يعني الاستسلام والخنوع بل الحكمة في مواجهة الخطوب والأزمات , الوقوف وإعادة الحسابات لا تعني الخوف بل الشجاعة في حب الوطن والتأكيد والعمل عليه , لنبدأ من القاعدة من البيت من الشارع من المدرسة لنلجم كل من ينال من الاردن عامدا او جاهلا ولا تأخذنا في حماية وطننا لوم لائم وان البسوا علينا بكلمات حق يريدون بها باطلا ولنتخذ شعارا : ان افضل مبدأ نتبعه وفكرا نلتزم به هو ما يخدم الوطن ويحميه من الاخطار الخارجية التي اصبحت على عتبتنا وشهيد ذلك اطفال سوريا ودمائهم , اللهم فرجها عليهم وعجل الخلاص من طاغية هذا العصر وأتباعه وكل من ايده وكل من لم يلعنه على ما يفعل في شعب سوريا الحبيبة .
فلنتقي الله في اردننا فلقد نال منا جميعا الاذى الكثير , ولا يكفي ان نتغنى بمن بنوه وحموه فالغناء وحده لا يحمي وطنا.
حازم عواد المجالي
Hazmaj1@gmail.com