أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الأردنيون بلا حريات: وداعاً لدولة الإصلاح

بقلم : د. لبيب قمحاوي
27-08-2012 10:39 AM

تتصرف حكومة فايز الطراونة بعقلية أستاذ مدرسة ينتمي إلى الحقبة العثمانية، ما تقوله أو تفعله هو الحق وفيما عدا ذلك 'العصا لمن عصى'. التلويح بالتهديد اللفظي انتقل وبسرعة إلى خطوات عملية أقل ما يمكن وصفها به أنها خطوات عرفية تعكس غياب أي حساسية من قبل حكومة الطراونة تجاه المزاج الوطني العام، ورغبة أكيدة لديها في التعامل مع مختلف القضايا بمنطق 'العصا لمن عصى' وكأن هذه الحكومة باقية إلى الأبد ناسيةً أو متناسية الحكمة العظيمة القائلة 'لو دامت لغيرك لما وصلت إليك'.
تُعتبر حكومة الطراونة مثالاً على الأذى الذي يمكن أن تسببه قوى الشد العكسي للاستقرار السياسي العام في البلد. فهذه القوى، وحكومة الطراونة جزء منها، تعتبر نفسها وبدون وجه حق، الممثل الوحيد لمصلحة النظام والبلد وتعتبر أن موقفها من كافة القضايا هو الموقف الصحيح الذي يتوجب على الجميع إتباعه.
ومن هذا المنطلق تَعْتَــــبر حكــــومة الطراونة أن الحراك الشعبي ومطالب الإصلاح هي فقاعة هواء يمكن تجاوزها والسباحة من فوقها دون أي خوف من ردود فعل مؤثرة، انطلاقاً من الفرضية الواهمة بأن من لا يؤذي فهو غير موجود!! كلام غريب يعكس عقلية منغلقة قد عفا عليها الزمن.
هذه العقلية دفعت بأصحابها لاتخاذ جملة من القرارات ابتدأت بِسَن قانون الصـوت الـواحد في أسـوأ صـورة ممـكنة، بالـرغم من بعـض الملطفات التـي جاءت من خلال زيادة عدد مقاعد القائمة الوطنية. وبذلك مارست حكومة الطراونة السحر الذي أدى إلى إحياء الميت، بالرغم من أن جميع القوى ابتداء من رأس النظام ملك البلاد ومروراً برئيس الحكومة السابق ورئيس مجلس الأعيان ومجلس النواب ولجنة الحوار الوطني التي كفل الملك شخصياً مخرجاتها، قد أعلنوا جميعاً وفاة مبدأ 'الصوت الواحد'.
ماذا جرى؟ وهل ما جرى ويجري سيؤدي بالنتيجة إلى انقلاب السحر على الساحر؟
تخوض حكومة الطراونة الآن معارك لفرض إرادتها عوضاً عن الاستجابة الايجابية لإجماع شعبي عام على رفض مبدأ الصوت الواحد. بمعنى آخر فإن حكومة الطراونة أبدت استعداداً ملحوظاً لخوض المعارك من أجل فرض إرادتها الخاطئة على الجميع عوضاً عن بذل أي جهد، ناهيك عن أي جهد حقيقي، لإدارة حوار وطني فعال يهدف إلى ايجاد قواسم مشتركة تؤدي إلى تخفيف الاحتقان السياسي والاقتصادي في البلد.
منطق عجيب لنهج أعجب. لماذا اللجوء إلى الحل الأسوأ وإلى الخيار الصدامي مع قوى عريضة في الشارع الأردني؟ هل الهدف هو الانقلاب على مسيرة الإصلاح؟ ولماذا لا يتم الإعلان عن ذلك صراحة؟ ولماذا يتم العمل على تكميم أفواه الأردنيين عوضاً عن تلبية مطالبهم العادلة والسلمية المنادية بالإصلاح ومحاربة الفساد؟ لماذا يتم تهديدهم بشكل مستمر من قبل رئيس الحكومة الحالي تارة باعتبار الدعوة إلى مقاطعة التسجيل للانتخابات إجراءً معادياً للدستور ويستوجب العقاب، وتارة أخرى بالتلويح بإعلان حالة الطوارئ. وقبل ذلك كله لماذا يتم اختيار رئيس حكومة غير إصلاحي، إن لم يكن معادياً للإصلاح، لقيادة أهم مرحلة في عملية الإصلاح السياسي وهي تمرير قانون الانتخاب والتحضير لإجراء انتخابات نزيهة؟ ولماذا يتم إغلاق قناة فضائية لأنها بثت مقابلة صريحة وجريئة ويتم استدعاء من شاركوا في تلك المقابلة من قبل الإدعاء العام وتوجيه مختلف التهم العجيبة والغــــريبة إليهم ومنــــها تهمة 'تقــويض نظام الحكم'؟ هل من المعقول أن تؤدي مقابلة وحوار تلفزيوني إلى تقويض نظام الحكم في أي بلد؟
الإجابات قد تبدو بسيطة على السطح ولكنها معقدة في الحقيقة. الحكم في الأردن يريد إنهاء حقبة الإصلاح وما تمخض عنها من مكاسب هامشية دون الإعلان عن ذلك. بل على العكس، الحكم يريد أن يتشدق طوال الوقت بمنجزاته الباهرة وإصلاحاته العظيمة ، بينما يقوم في الواقع بالإجهاز، وبقوة القانون، على حركة الإصلاح وعلى الإصلاحيين في الوقت الذي تسعى فيه هذه الحكومة العجيبة للعودة بالأمور إلى حقبة ما قبل الإصلاح. وهذا يدعو إلى التساؤل المنطقي عن الأسباب وراء إصرار قوى الشد العكسي على اعتبار نفسها صاحبة البلد والوصية عليه حصراً. وانطلاقاً من ذلك فهي تعتبر المعارضة شيئاً مارقاً وعارضاً ومطالبها الإصلاحية غير محقة ومضادة لمصلحة البلد.
دعونا نعيد تفسير الأمور بشكل أوضح، وبالتالي نضع الأمور في نصابها. قوى الشد العكسي هي في الحقيقة المعارضة كونها الأقلية، وما يسمى بالمعارضة من وجهة نظر قوى الشد العكسي هي ، في الواقع، الأغلبية وهي تمثل الضمير الوطني.
لقد وصل الغرور بحكومة الطراونة إلى حد اعتبار نقدها أو نقد سياساتها ونهجها تعدياً على هيئة رسمية تستوجب تدخل الادعاء العام وتوجيهه تهمة ذم هيئة رسمية لمن تريد ومتى تريد. القانون الأردني لا يحمي إلا الملك ولا يحمي رئيس الوزراء أو الحكومة من النقد، ومن المطالبة بإسقاطها أو تغييرها. والحكومات في كل الأنظمة الديمقراطية تسمع نقد الشعب وتقريعه يومياً، ولا يوجد نظام على وجه الأرض يحمي أي حكومة من النقد أو من المطالبة بإسقاطها أو تغييرها.
إسقاط حكومة فايز الطراونة أصبح مطلباً شعبياً هاماً وملحاً، وكذلك إسقاط كامل نهج معاداة الإصلاح والديمقراطية وشطبه من الأجندة السياسية الأردنية.
كما يتوجب اعتبار هذه الحكومة حكومة مارقة ونهجها السياسي وأسلوب تعاملها مع المواطنين مصدر خطر على النظام وقاعدته الجماهيرية، نظراً لما يشكله نهجها من إخلال بالسلم الاجتماعي والإساءة إلى الوحدة الوطنية. وحكومة الطراونة التي فشلت في كل شيء تقريباً، نجحت، مثلاً، في اعتقال الدوار الرابع ووضعه خلف القضبان الحديدية في زمن قياسي، مع أنه أحد رئات التعبير السلمي في الأردن. وتصرفت الحكومة وكأن هذا الموقع هو ملك لها مع أنه ملكية عامة للشعب، فالحكومة في خدمة الشعب وليس العكس.
إن لجوء أي حكومة إلى أساليب التهديد والوعيد والابتزاز، والتلويح بإمكانية فرض الأحكام العرفية، والتقدم بمشروع قانون للمطبوعات يقضي على الحريات الإعلامية بهدف تكميم الأفواه، لن يؤدي إلى أي نتيجة سوى زيادة الاحتقان داخل المجتمع الأردني.
إن غياب أي حماس شعبي للتسجيل للانتخابات، كما تؤكده الأرقام الرسمية المعلنة، لا يعود إلى عدم مبالاة الشعب، بقدر ما يعكس غضب الشعب بكافة فئاته ورفضه لسياسات وأساليب ونهج حكومة الطراونة. الشعب يعبر عن نفسه بأساليب مختلفة ووسائل متعددة. والشعب الأردني الذي تميز عن غيره من الشعوب المجاورة بسلمية حراكه يتعرض الآن إلى هجمة شرسة من حكومة الطراونة قد تعصف، في ما لو تفاقمت، بسلمية هذا الحراك. إن النظر إلى الشعب بفوقية والتعامل معه بعقلية عرفية واستعداءه في معظم القرارات الصادرة عن الحكومة ليست من سمات الحكم الرشيد ولا تمت له بصلة. وإن بقاء الحكومة الحالية في السلطة يشكل تحدياً لرغبة الشعب وطموحاته في الإصلاح السلمي.

' سياسي واكاديمي اردني


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
27-08-2012 11:11 AM

الاستاذ لبيب قمحاوي المحترم
لقد اختلفت معك كثيرا في اعقاب بيان الاول من ايار والذي اتمنى من اخي الكريم اعادة قراءته الان بتأني والتمعن في كل البنود التي جاءت فيه . الذي حذر بقوه من كل ما جاء بمقالك المتعمق الواقعي والشجاع والمنطقي هذا .
اتفق معك بكل مفصل ورد في هذا المقال واعتبر ما جاء فيه حرفيا تعليقا ايجابيا مني عليه.
ان غطرسة الحكومه بغير وجه حق وتكرار ايذائها للشعب وادارة الظهر لصوت الشعب حتما ستقودنا الى كارثة مححقه لان الشعب ليس قطيع كما يتصور رئيس الحكومه الذي يعيش ويدير حكومة الايذاء وكأننا في القرون الوسطى ولا يتعظ .
شكرا لك ولقلمك على هذا المقال الناطق باسمنا جميعا وبكل ما يخالج نفوسنا ومشاعرنا .

2) تعليق بواسطة :
27-08-2012 11:59 AM

والله ما راح يخرب البلد ويشعل الفتن الا انت وامثالك اللي دايرين على مصالح شخصية وما بتنفع الا اللي بدهم الاردن وطن بديل...والشاطر يفهم بس هاي بعيده عن شواربكوا

3) تعليق بواسطة :
27-08-2012 12:20 PM

...

رد من المحرر:
نعتذر

4) تعليق بواسطة :
27-08-2012 12:24 PM

أحياناً ينطبق المثل القائل " المكتوب يُقرأ من عنوانه "
ومقالك يا دكتورنا الفاضل قرأته وفهمته من العنوان ,,,
فاتقي الله بهذا الوطن فلولا الحريات لما كُنتَ الضيف المدلل على بعض القنوات الفضائية , ولولا الحريات التي تتباكى عليها لما كُنتَ سياسياً ولا أكاديمياً ولا كاتباً في العديد من المواقع الإعلامية
فقط نريد نظرة إنصاف تجاه الوطن والمواطن
فقط نريد وِقفة ضمير وتحكيم للعقل لما يجري في ساحات وميادين إعلامنا ,
فالحرية لا تعني الهتك والفتك بالأخلاق المجتمعية ,,
يا دكتور يا لبيب , الحالة الإعلامية في الأردن بحاجة لفلترة وليس منا من يوافق على تكميم الأفواه ولكننا نطالب بتطهير الفم لا تكميمه , وإنْ لم نتمكن من تحقيق ذلك فالعوض بسلامتكم وسوف أجمع 20000الف دينار لإنشاء موقع الكتروني وسيفعل مثلي الكثيرون !!!
الحرية الإعلامية لا تعني الإنفلات الأخلاقي ,,,,,, ونشر الغسيل الوسخ مع الغسيل النظيف يوسخ الغسيلين معاً.
المطلوب الفلترة والإلتزام . إلاّ إذا كُنت ترى أنّ الإعلام الجاد والملتزم قد أصبح عُملةً نادرة

5) تعليق بواسطة :
27-08-2012 01:25 PM

لبيب قمحاوي من دعاة الحقوق المنقوصة والمحاصصة علنا وسرا من دعاة الوطن البديل . حفظ الله الاردن الغالي .

6) تعليق بواسطة :
27-08-2012 03:01 PM

ناهض حتر يكتب بأسم الحكومة ويتحدث باسم
اتلديوان ويشارك بالحملة الحكومية لنجاح عملية التسجيل والانتخاب .

لن نشارك في عملية التزوير ولن نسجل.

7) تعليق بواسطة :
27-08-2012 11:11 PM

انا ساسجل للانتخابات وانتخب لعيونك او المعتز اعني ناهض حتر لان مقالك اليوم عن الانتخابات حرك مشاعري وغير راي فشكرا لك

8) تعليق بواسطة :
28-08-2012 07:46 AM

كما اعلم ومن موقع إيلاف صديق لبيب قمحاوي المدعو شاكر النابلسي المهاجر الى امريكا والملحد الذي كتب عددة كتب يشكشك بآيات القرآن الكريم ويشكشك في الرسول ( ص ) ويطعن فية بالفساد حيت رفضت دائرة المطبوعات والنشر نشر كتبه في الاردن . هذا الكاتب شاكر النابلسي يدعو علنا الى اسقاط النظام في الاردن وانشاء جمهورية فلسطينية ووهو ولبيب قمحاوي من تيار التخلي عن فلسطين عمان مقابل القدس الشريف والاردن مقابل فلسطين وقد اتهم علنا في مقالاته الاردنية انهم عبيد . حفظ الله الاردن الغالي .

9) تعليق بواسطة :
28-08-2012 10:32 AM

عندما كنا طلابا في المرحلة الإعداديه
كنا نعمل في العطلة الصيفية لقاء بضعة
دنانير علها تساهم بتسديد بعض مصاريف
العام الدراسي، وفي احد مستودعات اللحوم
المجمده،وبدرجة حراره تصل الى(سالب-25)
مئوي،كان البرد يكاد ان يحولنا الى مثل
تلك الذبائح المجمده،ولمراقبة درجة الحراره كان هناك ميزان حراره شكله
يشبه تماما ميزان الحراره الطبي ولكنه
يقيس مادون الصفر،وكوننا(اولاد)
ولخداع الذات كنت انتزع الميزان واضعه
في فمي فترتفع الحراره(في الميزان) الى
(موجب37)،مع ان حرارة المحيط تبقى
في السالب ومع اننا (اولاد)كنا نضحك
على هذه الممارسه لأننا نعرف أنها
صناعة الوهم ولم تتغير حرارة الوسط
المحيط.
ومن الممكن اللعب بالوقت(الزمن)
بارجاع عقارب الساعه الى الوراء
وبالرطانه العلميه(الحركه بعكس
عقارب الساع) وربما تاريخ اليوم والشهر والسنه،ولكن السمه الرئيسية
للزمن ان حركته تتقدم للامام اي انها
في جوهرها(تقدميه)،حتى لو لجأ احدهم ،
بل وكل البشر (للعب) بالوقت والزمن
والتاريخ والواقع فلن يستطيعوا منع
الزمن من ممارسة(جوهره التقدمي،وظيفته
التقدميه)، حتى لوارجعنا عقارب الساعه
بعكس حركتها، اي حتى لو كنا(رجعيين)
ونمارس فعل الرجعية بارجاع عقارب
الساعه للوراء فلن يكون الواقع والزمن والتاريخ رهن ممارسة رجعيتنا
باللعب بعقارب الساعه بارجاعها للخلف
بتحريكها للوراء(بشدها بالعكس)، فلن
يكون هناك شد عكسي إلا في ذهن من يلعب
بساعه ويرجع عقاربها للخلف.
ولهذا اقترح ان نبادر الى تغيير
المسميات ،من مع ان الزمن لايمكن ارجاعه
للخلف،ويعي ان حوهر الزمن يتقدم للامام فهو تقدمي،ومن يلعب بساعته
ويرجع عقاربها للخلف فهو رجعي .
ينبغي تسمية الأمور بمسمياتها قوى
(الشد العكسي) في جوهرها(رجعيه)،حتى
وإن اغضبت او افرحت فجوهر المسألة
من مع اطروحة ان جوهر الزمن هو التقدم وليس الرجوع للخلف.هو التقدمي

10) تعليق بواسطة :
28-08-2012 09:10 PM

للان كثير ممن يكتبوا لا يعرفوا الشعب الاردني ولا النظام ...ما دام ليس هناك كلفه شعبية يتكبدها النظام لن يقوم باي اصلاح والطراونه ليس اكثر من موظف ينفذ الاوامر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012