بقلم : الدكتور نضال الزعبي
29-08-2012 09:25 AM
في مقال حول مشروع المفاعل النووي في مدينة الرمثا تضمن العديد من المفاهيم الخاطئة والمغالطات كتب الأستاذ طارق مصاروة مصنفاً المفاعل بأنه « المفاعل النووي التعليمي الطبي» (الرأي 30/7/2012) ولا اعلم من اين جاء هذا التصنيف ولكن أود ان أووكد انه لا يوجد مفاعلات طبية ولن يتم معالجة او تشخيص اي مريض في هذا المفاعل فكيف اصبح طبياً؟. ولأسباب تقنية وأقتصادية وأمنية فأن قدرة المفاعلات التعليمية قد تصغر بمئة مرة قدرة هذا المفاعل، فالمفاعل المقترح بنائه في الرمثا ليس تعليمي ولا طبي ولن تملكة اوتقوم على تشغيله او ادارته مؤسسة تعليمية.
من الواضح في المقال ان هناك خلطً بين اجهزه الاشعاع الطبية المستخدمة في المستشفيات الاردنية والمفاعل النووي الذي تتم فية عملية انشطار نووي، ومع عدم وجود تشابه بينهم او في طريقة عملهم فمن الخطأ الربط بينهم، حيث ان الاردن سيستمر بأستيراد هذه الاجهزة الطبية من الخارج سواء تم بناء مفاعل نووي ام لا.
يذكر المقال ان لدينا وهذا بعيد كل البعد عن الواقع، فقضبان الوقود النووي (SNF) تنتجها المفاعلات على شكل فضلات عالية الاشعاع، وهي قاتلة بمجرد الاقتراب منها، ولاتستخدم هذه القضبان النووية لمعالجة المرضى بل يتم التخلص منها كفضلات بعد تخزينها لمئات بل الاف السنين حتى تنخفض قوتها الاشعاعية.
وبالنسبة للمفاعل البحثي المقترح فسيتم حفظ هذه القضبان النووية في نفس الموقع لمئات السنين، حيث يجب تخزينها والمحافظة عليها بأعلى معايير السلامة والأمن النووي، وأن أي خطأ في تخزينها او تسرب اي منها الى الخارج او وقوعها في ايدي خاطئة قد يتسبب في كارثة اشعاعية تلوث مدينة وربما اصابة وقتل الالاف.
لا يجوز بناء مفاعل الا على موقع نووي مرخص، وتنص المعايير والأنظمة النووية على ان ترخيص اي موقع نووي يتطلب موافقة المجتمع المحلي، ولكل مواطن الحق في ابداء رأيه لاينوب عنه احداً في ذلك. فأهلنا في الرمثا والمفرق وأي مكان اخر يتم اقتراحه سواء في العقبة او الطفيلة او عمان لهم الحق في الموافقة او رفض اقامة المفاعل في احيائهم ،ودعني أستعير تعبير الكاتب الاستاذ طارق مصاروة، فأن محاولة البعض مصادرة حق الاردنيين في التعبير السلمي لرفض او قبول المفاعل هو بعينه
استمرارا لنهج التخبط والتضليل صرحت هيئة الطاقة الذرية الاردنية بحصولها على اذن بناء للمفاعل البحثي في الرمثا وبأن موقع المفاعل جاء بناء على معطيات فنية (الرأي 12/6/2012)، في اليوم التالي تبين عدم صحة هذا الادعاء حيث نفت هيئة تنظيم العمل الاشعاعي والنووي منح اي تراخيص للموقع او للبناء. مما يدل أن كافة عمليات البناء تمت دون تراخيص او موافقات وفي غياب تام للمؤسسات الرقابية، وفي ذلك انتهاك للقوانين والأنظمة الاردنية والتي لاتسمح ببناء مصنع صابون بهذه الطريقة.
لقد تجاوزت الهيئة العديد من المعاييرالنووية سواء في تخطيط او تنفيذ المشروع، ولم تلتزم بأرشادات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتوصيات خبرائها والتي كان يجب تنفيذها بالترتيب قبل البدء ببناء المفاعل البحثي ومنها:
1. تعريف واضح لغرض المفاعل، وبرنامج الاستخدام والمستخدمين، قبل اختيار نوع المفاعل وحجمه ومرافقه البحثية
2. تحديد المواقع المؤهلة لأقامة المفاعل على أساس البيانات الوطنية ودراسات تقييم الأثر الإشعاعي
3. وضع خطة استراتيجية للمفاعل البحثي (IAEA TECDOC 1212)
4. اجراء دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية
5. اجراء دراسات تشخيص وتقييم الموقع النووي ودراسات الأثر البيئي
6. اصدار أنظمة وتعليمات تقييم السلامة، التشغيل والاستخدام والصيانة، الوقاية من الإشعاع
7. اختيار الموقع
8. اعداد وتقديم تقرير السلامة النووية الاولي ( PSAR)
9. الحصول على رخصة بناء، ومن ثم البدء بعمليات البناء والانشاءات
ان هذه التجاوزات بالأضافة الى سوء الادارة وعدم الخبرة تزيد من مخاطر وأحتمالية وقوع حادث نووي، وأذا كانت الحكومة التي يبدو أنها إرتأت ان تقف موقف المتفرج من هذا المشروع، لا تثق بأراء الخبراء الاردنيين فلتقرأ تقرير خبراء هيئة الطاقة الذرية الفرنسية من ذوي الخبرة والاختصاص والذين قاموا بمهمة خاصة لتقييم السلامة النووية لأول منشأة نووية في الاردن، وأجتمعوا خلالها مع رئيس ومفوضي ومدراء الهيئة ومسؤولي جامعة العلوم والتكنولوجيا.
وخلصوا في تقريرهم الذي بقي حبيس الادراج . وبدلاً من الاخذ بتوصيات الخبراء وتعزيز سلامة المنشئات النووية، تم تقديم الاحتجاجات ومورست الضغوطات لمحو هذه الاهانة (الحقيقة) من التقرير، ولكن العلماء الفرنسيين رفضوا ان يؤثر احد على رأيهم العلمي، وحتى لو كان سفيراً او وزيراً، ، والعجيب انه لم يتم طردهم او اقصائهم او استبعادهم كما حدث للعلماء والخبراء الاردنيين .... فمتى نتعظ !!!
____
الكاتب: بكالوريوس وماجستير ودكتوراه في الهندسة النووية من الولايات المتحدة الامريكية، متخصص في تصميم وهندسة المفاعلات النووية وإدارة الوقود النووي. مؤسس قسم الهندسة النووية في جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية، مؤسس ومدير مشروع مختبرات اليورانيوم ومشروع مخزن النفايات المشعة ومشروع اول منشأة نووية في الاردن، مدير عام الشركة الاردنية لمصادر الطاقة الأسبق، مفوض دورة الوقود النووي الأسبق.