أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أفسدونا ..ليشتمونا

بقلم : سهام البيايضة
29-08-2012 02:07 PM

رياح التغيير التي اجتاحت البلاد العربية، وتحولت إلى تسونامي مدمر ودامي،جعلت المطالبة بالإصلاح في الأردن من وجهة نظر الحكومة والموالاة ، فكرة دخيلة على الأردنيين الوادعين، أو تقليد أعمى،لمن أطلق عليهم بالمغامرين والمغمورين من أبناء العشائر، الذين لا يملكون القوة والأدوات على تحريك الشارع الأردني ، أو القدرة على فرض حتمية التغيير.
ضعف الحراك الشبابي في الشارع ،حتى وصلنا إلى قانون الانتخاب الأخير،.. ساعد في ترسيخ نظرة الاستخفاف وعدم قدرة الأردنيين على الاتفاق حول شؤونهم الوطنية ،وان الجدل وكثرة التيارات الفكرية جعل قلوبهم شتى ووسع من الرتق الاجتماعي والسياسي، وإنهم لا يستطيعون تشكيل قوة وطنيه متحدة تضم عشائرهم ،وتدعم وجودهم كشعب متماسك وقوي،يردع عنهم، من تسول له نفسه بالتعدي والتطاول عليهم، وعلى مورثوهم الثقافي والإنساني !

الجانب الرسمي وكل الموالون له من المشاركين فيه والمستفيدين من عطاياه وصفقاته وأعماله ، يعتبر أن الاصلاح في الأردن 'غير ' !! ..والمطالبون بالتغيير، مجرد جماعات صغيره تعبر عن الأقلية المنبوذة عشائرياً ،وبقائهم في الشارع ، كرم من السلطة القائمة، وضبط نفس للأجهزة الأمنية ،وكل ما جرى ويجري في الشارع الأردني، مجرد تنفيس في بلد الديمقراطية والحريات ،والوضع بمجمله ، مشمشية حريات ،وفزعة كباقي الفزعات الأردنية ، تنتهي قريباً ،ويعود اليائسون إلى طابور المعارضة، الغير المنظم والضعيف ،الذي لا يرقى لتحمل أعباء الهتافات التي يرفعونها في مسيراتهم ،كما أنهم يفتقدون لرؤيا واضحة عن ماهية التغيير المطلوب ،ولا يملكون تنظيمات مؤسسية أو مدنيه قادرة على إدارة ما بعد التغيير الذي يطالبون به !
الخطاب الحكومي الإعلامي النخبوي،الموجه لتلك 'القلة المزعجة' هو في حقيقته مجرب وغير موثوق به، يدخل فيه المال السياسي والإستخباراتي، ولم يكن في يوم من الأيام قريباً من نبض الشارع وهمومه ،مما جعله إعلاماً أجوفاً ومرتبكاً ، ومسخراً للأقلام المأجورة ،وجيوش الردح والشتم الالكتروني ،مهمتهم تسخيف المطالب ،وإظهار حالة نكران شديدة ضد المطالبين بحقوق المواطنة في وطن الانتماء والمكارم ، وكيل الاتهامات والشتائم لهم ،زاعمين ان الاصلاح قادم .قادم ،والواقع بعد أن قرب إلى العامين ،لم يتعد الأقوال والتصريحات، 'وسوالف تعليلة ' في المناسبات والولائم ،مستغلين صمت الأغلبية ،ليصبوا جام غضبهم، وبكل ما أتوا من سلطة وأدوات ،لتذويب تلك الأقلية، الغير متوافقة مع نمطية الأغلبية العشائرية الطائعة ،وأنهم مجرد الشباب متحمس للموضة السائدة ،خرجوا للتعبير عن ذاتهم المتحديةً ،لعقيدة الانتماء والولاء الأردني للنظام ! ونمت في أجوائهم المصالح الخاصة ،وظهر بينهم الباحثون عن الشهرة ،واجتمع تحت مظلتهم، الخارجين عن القانون!
تطويق أبناء العشائر في الحراك ، شكل عليهم وعلى كل المساندين لهم ،عبئاً نفسياً كبيراً وصل حتى النبذ ، في ظل محيط اعتاد المولاة المطلقة، فلا يوجد بيت أردني يخلو من جندي أو ضابط في الأجهزة الأمنية ،كما أن غياب المشاركة الفلسطينية، ومحدودية وجود من يطلق عليهم بالمنابت والأصول ، ساعد في حصر الشباب الأردني امنياً واجتماعياً،واعتبارهم جاحدين ناكرين،و خارجين عن العرف السياسي الأردني وخصوصية العلاقة بين الحاكم والمحكوم المعتادة.
في ظل هذه الأجواء المشحونة،ظهرت عيوب إدارة الأزمة الأردنية وافتقارها للعناصر الإدارية والسياسية القادرة على التخفيف من الانتقادات العامة بالفساد وتسمية شخوصه ،رجالاً كانوا أم نساءً،ومد أصابع الاتهام لكل من عبر نفق السلطة والمنفعة ودخل باب الفساد،مما زاد ذلك في ارتباك هذه الشريحة التي ظهر ارتباكها وتوترها، ليميط اللثام عن مكنون الفكر ودخائل النفوس ،وعن تلك الفكرة المسبقة التي يشعر بها كل أردني ويعلم تمام العلم أنهم ،يتسامرون بها في جلساتهم وفي استشاراتهم الملكية، التي تفسر عدم حدوث أي إصلاح حقيقي أو تغيير تنموي لصالح الأردنيين، وأنهم يراهنون على فكرة،سهولة تحريك العباءات الأردنية في الولائم والدعم المالي،والمناصب الحكومية ،وفوق هذا وكله حراك أردني تمكنوا منه ،مكن أفكارهم ونظرتهم ،وأجاز لهم التحقير والشتم والتقليل من أهمية الأردني على ارض وطنه ،وتجنيد آلاف السحيجة ، بأسماء العشائر الأردنية ،للقيام بمهام التحريض والاعتقال، واتهامهم بإثارة الفتن ومحاولة اختراق جدار الأمن والآمان ،والخروج عن الطاعة ،ونكران المكارم والأعطيات ،وغيرها من أنواع الخروج والتغريب والعزل.. والتهديد الناعم والخشن .لتحذير كل أردني ، وإعادته إلى مربعه العشائري الوادع ، بكل أنماطه الشخصية والفكرية !

البعد الخارجي 'الجشطلتي ' بعيداً عن تفاصيل المشهد الأردني الدقيق ..جميل ،مثالي ورائع ..يستحق الدعم والمساندة العالمية ويرضي أمريكا الديمقراطية وحقوق الإنسان من عدة نواحي : - الشارع يمارس ديمقراطية والأمن منضبط النفس ناعم ،لا يمارس الاضطهاد والعنف ،-الإسرائيليون مطمئنون بأن الأردنيين متمسكين ببنود وادي عربه وينفذونها بحذافيرها أكثر منهم ، يزورون البتراء ويقيمون طقوسهم في وادي الكرك ويزورون القصر والربة، -هناك تعديلات دستوريه على الطاولة، تقدم لسفراء الدول الأجنبية بناء على مناقشات لجان شعبيه مثلت الحوار الوطني! ، - قانون انتخاب تمت الموافقة عليه من مجلس برلمان منتخب بالأغلبية الديمقراطية ،- فساد 'عادي ' لا يختلف عن الموجود في أي دولة من دول العالم، - تقارير اقتصادية تشير إلى أعلى نسب النمو الاقتصادي ،وتدفقات ماليه مهولة إلى البنوك الأردنية، وإيرادات جمركيه تتعدى المليار والنصف في العام الواحد ،- تمثيل للمرأة في أعلى المنابر العالمية والإنسانية !!
كل هذا وغيره ..سيثير –بدون شك- كل مفاهيم الاستنكار والاستهجان والجحود، حد التخوين والعزل ، لكل أردني إصلاحي، يطالب بإعادة دور الدولة في رعايته ورعاية أبناءه، وتحقيق هويته الوطنية ، وتثبيت كيانه على ارض وطنه ، وقد بات يعلم تمام العلم أن حقوقه ، تعاكس مخططات توطين وتذويب الشعب الفلسطيني،وخلق خارطة جديدة للوطن العربي، لم يحسب له فيها أي حساب ديمغرافي ولا حتى جغرافي ، وان الأردن بلد تحت رعاية أمريكية، تجعل من التغيير على ارض الواقع أمراً مستحيلاً، لن يجازف فيه أي أردني عاقل للزج بنفسه وبأبنائه في آتون حرب أهليه دامية ،لكنها كشفت له الأحقاد الكامنة تحت سطح الأمن والآمان. فإما عسكري تؤمن الحماية والحراسة ، أو عشائري تقدم الولاء والطاعة ،أو صاحب سلطة مستفيد تكون عوناً لغيرك، على أخيك من لحمك ودمك تشتم وتفرق وتكيل التهم ،وتعتقل وتغتال كل من يحاول أن يشير إلى طبقة الفاسدين كبيرهم وصغيرهم .
!!

إننا كأردنيين بظواهرنا وعيوبنا ، ومهما تطاول من تطاول وشتم من شتم ،ما نحن الا،صناعة سياسات الفساد المتراكم ، ونتاج ثقافة الذل والخنوع ،بين الحاكم والمحكوم ..وما فسادنا وصمتنا الا نتاج تلك السياسات،وانعكاس لصُناعها ومنفذيها ،الذين أفسدونا وأذلونا وأنكروا علينا صيحات المطالبة بحقوقنا الدستورية، وإيقاف نهب الأرض والبشر .. حتى رسخت في عقول المتسلطين والسماسرة نظرتهم الدونية،وعلاقة العبد بالسيد ، لشعب يسومونه بأشد سياسات التجويع والإفقار ،ويتهامسون بحقدهم ومكرهم في السر والعلانية ،لا يتوانون عن التصريح بمكنون أنفسهم الغادرة الناكرة للجميل وبأقلامهم المأجورة ...بأننا شعب يرفض مغادرة شرنقة الأنا والقبيلة والإقليم ،وأننا تركيبه معقده ترفض الخروج إلى فسيح الأمة والحياة المدنية، وأننا لا نستوعب قيم العدل والمساواة، وان !مفاهيم الحياة المدنية تسبقنا مئات السنين؟!
في النتيجة ... كل أصحاب النفوذ والسلطة، وبلايين النهب والإفساد ،و كل من ترأس مؤسسة وقدم استشاره ،أو غرق في امتيازات السلطة واحتكرها ،أو استباح مقدرات شعب بأكمله، ليخصصها ويمنعها عن مستحقيها .
جميعهم وبدون استثناء سقطت أقنعتهم ، وظهرت فصيلتهم ، بإسقاطاتهم النفسية وزلات ألسنتهم المسمومة..معبرين عن حقيقية ذاتهم .. عندما ينعتون شعب بأكمله .. بالحثالة والحمير !!


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
29-08-2012 02:54 PM

هذا اللقب كان يمنح لفارس واليوم يمنح لابناءنا بالاجهزة الامنية ليحمو وان تقولي سقط الحجاب التي يختفون خلفه لانه اشباه رجال يساندو اخوانهم من الشعب الاردني وليسو عبيد او موظفين عند الحثالة والكمسنجية بائعي الاواطان وما عليها من شجر وحجر!



كم كنت اتمنى

2) تعليق بواسطة :
29-08-2012 11:17 PM

استاذه سهام مهما صرح أزلام الشد العكسي فالمستقبل للشعوب التي تناضل من اجل العداله والحريه والمستقبل الافضل .وستتجاوزهم الشعوب نحو فجر خالي من الفساد والتوريث السياسي فهم لايستطيعون وقف المسيره

3) تعليق بواسطة :
30-08-2012 08:16 AM

الأخت سهام لقد اجدت التحليل لأصحاب الولاءات المستفيدة والناصحة للملك ضمن فائدتهم الشخصية وليس الوطنية والمدعين بانهم من يمثلوا العشائر والأردنيين وانهم الرموز. بالحقيقة هم رموز الفساد وليس الأردنين. أما الشق الأخر وهم النائخين والساكتين على الذل ومن يطلق عليهم تسمية الأغلبية الصامته رغم فقرهم وجوعهم وهم من يزودون الناصحين الفاسدين للملك بصحة كلامهم. نعم على هولاء نفض غبار الصمت ورفع صوتهم ليعود الأردن الى مسار الصحة الديمقراطية ونبذ الفساد ومحاسبة الفاسدين وإعادة الاموال المنهوبة ومؤسسات الوطن التي أُختلست من قبل زمرة الفساد والتي تدعم اموازنة وتبعدنا عن الفقرزز الخ

4) تعليق بواسطة :
31-08-2012 03:06 AM

أؤئيد كل ماقاله المهندس فواز الصرايره

5) تعليق بواسطة :
03-09-2012 07:10 PM

من اروع ما قرأت منذ عام و نيف....
معايشة للواقع و احساس بالمعاناة, و غوص في اسبابها, مقدماتها, نموها و تطورها حتى اوصلتنا الى ما نحن فيه من هوان على النفس و على السيد و زبانيته.....
القصر لم يبحث يوما ما عن ناصحين, و لم يبحث عن رجال يطول نظرهم الى ما هو ابعد من انوفهم,و لو تبين ان احدهم كذلك, فلن يكون احسن حظا من هزاع و وصفي و عبدالحميد, و ربما "عاطف" من قبل.....
لربما اضطر مرغما في لحظة ما الى التعكز على احدهم لمهمة ما, عادة ما تكون مهمة قذرة, ثم يرمي به الى الجحيم, و كأن شيئا لم يكون.....
هم المصفقون و المتسلقون و الفاسدون, هم من يرقص في ساحة القصر, على ابوابه او على اسواره, كثير منهم خلق من العدم, و بقدرة قادر انتفخ و طار الى ما دون سمائه, و خيطه مربوط بيد سيده, يرفعه و يسقطه انا شاء......
لازلنا نذكر رسالة تلقاها الكباريتي, و كل تلك العبارات القميئة التي وردت فيها, و هاهم اليوم يلجأون اليه مرة اخرى, عله يحمل بعض اوساخهم.....
قد قتلوا الاردن بدم بارد, طمسوا تاريخه, كما طمسوا رجاله الصابرين على الضيم و الهوان ردحا من الزمان, خلقوا لانفسهم صورة الضامن لامن و امان كل الاطياف و المجتمعات, و صفقوا لهم حتى اصبح ماؤنا, و غدا هواؤنا, مكرمة منهم, و هنيئاً لطيبة الكرك ان لم يصلها الماء بعد.....
تسلسل الاحداث يقول بوضوح اننا قد وصلنا الى نقطة اللاعودة, و ما عاد الدم لدينا اغلى من الكرامة, و ان غدا لناظره قريب......
هنيئاً لسعود العجارمة و باسل البشابشة, هنيئا لهم حريتهم, و الركب لاحق بهم, الى ان يكسر القيد.......

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012