بقلم : مهدي جرادات
30-08-2012 09:18 AM
مع كتابة هذه السطور بلغ عدد المسجلين للإنتخابات لهذا اليوم قرابة نصف مليون مواطن،وهناك قوى شد وجذب في عمليات التسجيل والتي بدأت من قبل الهيئة المستقلة للإنتخاب برئاسة معالي الدكتور عبد الإله الخطيب في السابع من آب من العام الحالي،لا عجب بهذه الأرقام،هناك المؤيد وهناك المعارض وهناك المحايد، وكذلك لا ننسى دور المحرّض في منع المواطنين الأردنيين من التوجه إلى إستلام بطاقاتهم لعدم مشاركتهم الديمقراطية في إبداء أصواتهم...والحجّة أن قانون الإنتخاب غيرمجدي وليس له علاقة بعملية الإصلاح السياسي.
إن عملية التسجيل للإنتخابات واجب وطني لكلّ الأردنيين،وصوتك أمانة لمن تحب أن تنتخبه..فلايعقل في تاريخ الأنظمة الديمقراطية في العالم،عندما يتم المصادقة على قانون إنتخاب عصري من قبل البرلمان ويتم نشره أمام الملأ أن تقوم شعوب العالم بمقاطعة الإنتخابات وتخريبها ،ولكن قد يحصل معارضة ومناوشات بين السلطة الحاكمة والمعارضة،وأعتقد من هذه المعادلة أنّ المعارضة المستوردة من الخارج هي الخاسرة.والرابح المال الخسيس الذي حرك هذه المعارضة..أيعقل أنّنا كشعب أردني مشتركون بالعادات والتقاليد وتقرير المصير نؤمن بالمعارضة المستوردة؟
أمّا أن نقول أن كل قانون إنتخابي عليه علامات إستفهام أمر يثير السخرية، فمثلاً تصدر أصوات من الغوغائية بأن هذا القانون صدر من مطابخ مخابرات تلك الدولة،وأن القانون غير ملائم لعمليات الإصلاح السياسي بجميع جوانبها،وأنّ هذا القانون يحمي الفاسدين والمرتزقة كما تصورهم جماعات المعارضة لأي دولة ،وكذلك نسمع من أبواقهم كلمات مخجلة فمثال ذلك حزب معارض سواء كان مرخصاً أوغير مرخص ليصرح بالقول أنّ الشعب الأردني يجب أن يقاطع الإنتخابات لأنّ هذا القانون قانون يجب أن يتم التعديل عليه وأنّه لايلبي طوحات المواطنين الأردنيين،ولكن عندما ترى نبرة التصريحات الساخنة والكلام مجاناً ليس عليه ضريبة ،تجد أنّ هذا الحزب فيه على سبيل المثال فيه من 200 – 300 عضو من أصل عدد الشعب الأردني أكثر من ستة مليون نسمة ،وتراهم يتحدثون بإسم ذلك الشعب وأنّهم يمثلون الأردنيون كما يزعمون! فلماذا هذه العملية الفكاهية تحدث بإستمرار،طبعاً مع إحترامي لأحزابنا ومكوناتنا السياسية في جميع أنحاء المواطن،أيعقل 300 عضو يمثلون ستة مليون ياعالم:إتقوا الله!
وهذه العملية هي مسرحية ملهاة للشعب الأردني تخترعها المعارضة ضمن سلسلة إضحك مع المعارضة من أجل المصالح والمكاسب الشخصية ،وقد ردّ عليها جلالة الملك في آخر تصريح سياسي حيث أكد بما معناه'أتحدى أي دولة في العالم أن قامت بإصلاحات سياسية خلال الأشهر الثمانية عشر الأخيرة ،عندئذ هل سمعتم أن زعيماً واحداً قد أجاب جلالته،طبعاً لا ،لأن جلالته ردّ بكل شفافية ووضوح على هذه المعارضة بالقول نريد أحزاب يمين ووسط ويسار بمعدل ثلاثة إلى خمسة أحزاب،وبالمقابل نريد من المواطنين الأردنيين التصويت لبرامجهم وليس لإبن العم وإبن الخال..والسبب فليقوم حزب سياسي ليفاجأنا أنّه حصل على أعلى الأصوات ولأقول له تفضلّ هذه الحكومة لك كما جاء في الدستور وقم وشكّلها ..فمن يقول لكم لا؟ وأضاف جلالته بما معناه:معقول أفصّل قوانين إنتخابات على مقاسكم!أعتقد أنّ هذه الشفافية بعينها.
ولكن عتبي على حكومة فايز الطراونة على أنّ قانون الإنتخاب لايضم المغتربين الأردنيين في الخارج،فلا أجد أي جواب من أي مسوؤل على عدم المشاركة في تلك العملية الديمقراطية،فهل يعقل أن الأردني الذي يحمل رقم وطني في الداخل يصبح أردنياً وعندما يتغرّب من أجل لقمة العيش في الخارج لايصبح أردنياً ..لا أفهم هذا الظلم الواقع عليهم.فأضم صوتي إلى أصوات الأحرار لأقول أكبر خطأ تاريخي على الحكومة أنّهم منعوا المغتربين من المشاركة في هذا العرس الديمقراطي!
أرى أنّه على أي حزب سياسي أردني يجعل من الدستور الأردني قدوةً له أن يقنع أعضائه بعملية التسجيل للإنتخابات،ومن حق كلّ حزب التكيف مع العملية الديمقراطية وإبداء الآراء والتوجهات.فكلّنا نخطيء ونصيب ولايوجد أحد في هذا الكون إلاّ قد أخطأ.
فأوجّه رسالة إلى المقاطعين للإنتخابات بالقول إذا كانت الهيئة المستقلة للإنتخاب والمحكمة الدستورية والأجهزة الأمنية والأجهزة القضائية التي ستشرف على الإنتخابات لاتروق لكم،فمن يروق لكم إذاً، أثبتوا رجولتكم بأنّكم قادرين على خوض تلك الإنتخابات وأقنعوا رعيتكم بأنّكم مصلحون لا محالة ..ولكن هؤلاء المحرّضين فأعتقد أنّ الجهات المختصة لهم بالمرصاد ،فمن يثير البلبلة ويعزف على أوتار المقاطعة بألحان الإقليمية البغيضة وسيمفونيات مكافحة الفساد.فأعتقد أنّه خان الوطن لأنّه سمح لبؤر الشيطنة بمغازلته والقضاء على أحلامنا وطموحاتنا.
وأقول لدولة الدكتور فايز الطراونة رئيس الوزراء ،حتى ولوفرضنا أنّني مخالف لبعض من سياساتك يجب أن تتحدى هذه الغوغائية التي تعصف بنا من كلّ جانب،ويجب أن نثبت للعالم أنّنا دولة سيادة وقانون ولسنا كما قلنا سابقاً دولة عشيرة حسب مايزعم أهل الشر،لأنّني أعلم أن جلالة الملك عندما يعين رئيساً للوزراء يجب أن يكون أميناً ولايعرف لغة اليأس ولايقول أنّني يأست ،حيث يقول ربّ العزّة:'لا تقنطوا من رحمة الله'.
وإنّ لمنظمات المجتمع المدني بمختلف أنواعها عليها دور كبير في التشجيع لهذه العملية الديمقراطية ، فيجب عليها منذ هذه اللحظة بالبدء بحملة سجّل أنا أردني .فمن أراد الخير لهذا الوطن كان بها،ومن كان محرضاً أقول أنّه أصبح في خبركان.وعاش الأردن إلى أبد الدهر وحمى الله روابيه.