بقلم : حماده فراعنه
01-09-2012 10:53 AM
أكثر من سبب جوهري ، وطني سياسي ، إستحقاق قانوني ، تفرض وقائع الحياة في فلسطين لإجراء الأنتخابات البلدية ، لوحدها ، وفي الضفة الفلسطينية تحديداً .
أولاً : يحتاج المجتمع الفلسطيني وقطاعه السياسي ، من الفصائل والأحزاب ، لحالة تنشيط ، للخروج من حالة الأستكانة واليأس وإنسداد الأفق السياسي أمام الحركة الوطنية الفلسطينية ، برمتها وبجناحيها ، في الضفة والقطاع ، مثلما تزداد المعيقات أمام المشروع الوطني الفلسطيني برمته ، بسبب قوة الأحتلال وتفوقه ، وضعف المجتمع الفلسطيني ومحدودية خياراته ، ويزداد ضعفاً بسبب إنقسامه وتشتته وعدم إستفادته من التعددية التي يتمتع بها .
ولذلك يحتاج المجتمع الفلسطيني لماكنة تُحرك مفاصله ، وتدب الحياة في تفاصيله ، وتجديد دماء مؤسساته الأهلية ، ورفدها بالقيادات الشابة القادرة على جذب الناخبين وإنحيازهم ، وبذلك يتم تجديد شرعية مؤسسات المجتمع المدني وفي طليعتها البلديات ، وحينما تكتسب البلديات شرعيتها عبر صناديق الأقتراع كقيادات محلية مسيسة ، وهي الأقدر على ضبط التوازن في المجتمع ودفعه نحو إحتياجاته وضروراته بقياداته المحلية ، وربط نضالاته المطلبية بنضاله الوطني من أجل الحفاظ على الأرض ورفض الأستيطان وجلاء الأحتلال وصولاً نحو الأستقلال .
لقد لعبت البلديات ، ورؤساؤها في ظل هيمنة الأحتلال وتسلطه وتفوقه الدور الأساسي والسياسي لحسم معركة التمثيل الفلسطيني في قمتي الجزائر والرباط عامي 73 و 74 ، لمصلحة منظمة التحرير ، ولولا موقف رشاد الشوا وإلياس فريج وفهد القواسمي ومحمد ملحم وبسام الشكعة وكريم خلف وعبد الجواد صالح وغيرهم من عمداء الحركة الوطنية الفلسطينية لما إنتزعت منظمة التحرير حقها في تمثيل شعبها الفلسطيني .
اليوم تحتاج منظمة التحرير ، وسلطتها الوطنية ، وفصائلها الذين تحولوا إلى موظفين على أغلبهم ، ونضالهم الرزين ، يحتاجون إلى فعل الشارع وإلى تجديد علاقتهم بالشارع وبشعبهم ، بعد فقد العديد منهم صلته بالعمل اليومي التراكمي الكفاحي عبر الناس وعند الناس وفي مواجهة الأحتلال .
الأنتخابات البلدية وسيلة كفاحية لتجديد النضال المدني الديمقراطي ، وضخ دماء جديدة في شرايين الحياة السياسية ، طالما هناك توقف للكفاح المسلح ، وتعطيل الأنتخابات الرئاسية والبرلمانية بقرار من قبل حركة حماس ، فرضته على كافة الفصائل ، بما فيها حركة فتح التي تتجاوب مع رغبات حماس وشروطها في رفض الأنتخابات الرئاسية والبرلمانية .
ثانياً : الأنتخابات البلدية ، توفر الفرصة للتمييز وإبراز الفرق الجوهري بين إدارة حركة حماس الأنفرادية الحزبية الأحادية المتسلطة على قطاع غزة ، وبين حركة فتح وإدارتها الجبهوية التي أعطتها القوة في تاريخ إدارتها لمنظمة التحرير ، والعشر سنوات من عمر السلطة الوطنية ، وبعد إنقلاب حماس في غزة حيث تتشكل الأن حكومة إئتلاف وطني في رام الله ، يقودها شخصية وطنية مستقلة ومعه فتح والجبهة الديمقراطية وحركة فدا وجبهة النضال وقطاع واسع من الشخصيات المستقلة ، مما يوفر إدارة جبهوية وإئتلاف وطني عريض ، تميزت به منظمة التحرير وقوّاها ، وجعلها عن حق ممثلة شعب ، وليس مجموعة من المتنفذين .
إن ميزة فتح أنها تستند لهذا الأئتلاف ، وأحد المأخذ على حماس أنها لا تؤمن ولا توفر هذا الخيار ، الذي يحتاج دائماً للتجديد وصناديق الأقتراع ، وأحد أسباب معاقبة الشعب الفلسطيني لحركة فتح عام 2006 عدم إجراء الأنتخابات التشريعية لعشر سنوات خلت من عام 1996 – 2006 .
ولذلك لمواجهة الأنقلاب ، وتعرية التفرد ، وتجديد الشرعية ، ومع تعذر إجراء الأنتخابات الرئاسية والتشريعية ، تشكل الأنتخابات البلدية النافذة التعويضية للإستدلال على أن حركة فتح وتحالفها الوطني ما زال يستند في شرعيته إلى صناديق الأقتراع ، ولا وسيلة أخرى لهذه الشرعية وتجديدها سوى صناديق الأقتراع .
ثالثاً : لمواجهة الأحتلال ومشاريعه التوسعية وسياساته لتقويض السلطة الوطنية وحسرها وتقويض شرعيتها أمام المجتمع الدولي ، وفي ظل غياب الكفاح المسلح لإجبار الأحتلال على التسليم بمتطلبات الحياة والحرية وحق تقدير المصير ، يحتاج المجتمع الفلسطيني وحركته الوطنية وفصائله وقواه الحية ومؤسساته إلى صناديق الأقتراع للحفاظ على شرعية المؤسسة الفلسطينية ، وشرعية مطالبها وإحتكامها لخيارات الفلسطينيين ورغباتهم ومصالحهم وتطلعاتهم ، ولن يتم ذلك ولن تتوفر إلا عبر صناديق الأقتراع ، والفرص الواقعية المتاحة الأن لفرز مؤسسات تمثيلية وطنية في مواجهة مشروع الأحتلال الأستعماري التوسعي هو الأنتخابات البلدية ، بإعتبارها الأداة والوسيلة والعنوان لتجديد الشرعية والحفاظ عليها .
بالإضافة إلى هذا كله إن نجاح البلديات المنتخبة الشرعية ، سيفتح أفاق أوسع لجهودها وعلاقاتها العربية والدولية ، كي تحصل على مزيد من الدعم المالي والأسناد السياسي ، لبناء المؤسسات على الأرض .
إن الزائر لبلدية الخليل ومؤسساتها وملاعبها وكذلك لمدينة رام الله ومنشأتها يلحظ المدى الذي حققته شخصيات وطنية محلية لبلداتها وأهلها مما يؤهلها لتوسيع دائرة تحصيلها بما يلبي تطلعات شعب بأكمله ، إذا تم نقل التجربة والأستفادة من العلاقة مع الأوروبيين واليابانيين وغيرهم من بلدان وشعوب العالم التي تتفهم معاناة الشعب الفلسطيني تحت الأحتلال وحاجته للتنمية والتطور تمهيداً للإستقلال .
h.faraneh@yahoo.com