بقلم : أحمد توفيق العبادي
10-09-2012 09:23 AM
أزعم أن الأردنيين من أكثر شعوب الأرض من يستقبلون يومهم فرحيين بأخبار الإصلاح السياسي والإقتصادي ويستبشرون خيراً ويهللون بأن عهد الفساد والظلم والواسطة والمحاباة قد ولى ولكنهم ويا لضيعتهم ينامون آخر الليل وقد ملآ اليأس قلوبهم وأسودت الدنيا في أعينهم وضاقت أكثر من خرم اللإبرة وهم يرون أحلامهم تبعثرت أشلاءً وبقى الذئب يأكل غنمهم وأبو الحصين ينتف ريش دجاجاتهم .
حلموا أنهم لن يروا بعد اليوم ممالك صغيرة متناثرة هناك وهناك وليس هنا وهناك تضم العائلة والأصهار والأنساب وأبناء الخالات يتوزعون الكعكة والهبرات من ديوان إلى خارجية إلى داخلية إلى ضمان إجتماعي وحتى ديوان المحاسبة (جهاز الرقابة على مؤسسات ووزارات الدولة ) لم تسلم جدرانه من الإختراق والجلوس على مناصبه .
الشعب الاردني وهو شعب حى وذكي ومتعلم كان يتهكم قبل بضع سنوات على مملوكة الذهبي وكيف هذا يحمي ذاك وذاك يغطي على هذا ويظهر المرج بعد الثلج فالأقلام عُطلت والأفواه مُلئت والجيوب عُكشت فلا نجد إلا المدح والإشادة والتبجيل ولايفوتني ذكر المقال الصدمة لأحد كتاب الأعمدة اليوميةوهو يساري الإتجاه كما يدعي الذي يشيد بذكاء وعبقرية مدير المخابرات السابق ، فلا يوجد هناك صوت يقول لماذا سواءً في مجلس النواب أو في الصحافة وسخرت أجهزة الدولة ومؤسساتها من حدود ومطارات وطائرات وشاحنات وبنوك لعملية غسيل أموال فضائحية قذرة لا يعرف حجمها للآن وأن كانت التكهنات بحدود 350 مليون الى 1000 مليون دينار وبدون إطالة فالقضاء بالنظر في غسيل الاموال ورشاوي الصحفيين ال 52 وننتظر النتائج .
مملوكة الذهبي هي أحدي الامثلة في بلدنا, فهناك مملوكة لأحد الاعيان وأخرى لرئيس وزراء سابق تتوارث رئاسة الحكومة من الجد إلى الأب إلى الإبن وربما الحفيد حتى كدنا أن نسمي أكس الأول وأكس الثاني والأمثلة كثيرة والمكان يضيق بها .
وعد الشعب الأردني منذ سنتين أو أقل ومن خلال أكثر من فضائية أجنبية ومن جلالة الملك شخصيا بإقامة نظام سياسي وديمقراطي في إطار دولة مدنية حديثة يتبلور فيها سيادة الشعب كمصدر للسلطات وتعديل الدستور وصون الحريات العامة والفصل بين السلطات وإستقلال القضاء وحرية الصحافة والإبداع والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وقيام دولة القانون والمؤسسات وتحقيق العدالة الإجتماعية وكرامة الانسان ووضع قانون إنتخاب عصري والتصريح بما لا يدع أي مجال للشك بدفن قانون الصوت الواحد المتخلف .
فأين نحن الآن؟
تراجع عن كل ما ذكر , فنحن الان في دولة الممالك الصغيرة (ر, ت, ر ,ب ،ط . . . الخ أنظروا جفرا نيوز بعنوان توريث المناصب) ، تضييق على الحريات العامة وإعتقالات سياسية وتغول السلطة التنفيذية على باقي السلطات , ومجلس نواب مطية ويعلن أكثر من 30 عضواً بأنهم يصوتون خلافاً لقناعاتهم وإستمرار ترسيخ سيطرة الإجهزة الامنية على مناحي الحياة السياسية والعودة لقانون الصوت الواحد الذي لم يعد يناسب حتى دولة الصومال أو أريتيريا, وإرتفاع وتيرة الإحتجاجات الشعبية وتراجع ثقة المواطنين في الحكومات حتى بتنا نألف تفاخر رؤساء الوزارات بعدم سعيهم نحو الشعبية، والتجرأ في شعارات الحراكات كانت تعد من المحرمات .
نقول لجلالة الملك إلى أين نحن نسير ؟وهل يرضيك بقول رئيس الوزراء بإنه لا يسعى الى حب المواطنين وأنما شعاره صباح مساء هو الولاء لك فقط وأنه ينفذ توجيهاتك فقط ؟, فلا يوجد لديه شخصية ولا إستقلالية ولا ولاية عامة كما أرادها الدستور وأنت يا صاحب الجلالة حامي الدستور ورمزه الأعلى ، الا يستهلك ذلك من رصيد الدولة الاردنية وهو بالتأكيد رصيد ينضب يوميا والنتيجة معروفة أخيراً ؟
أنظروا الى عناوين ظهرت في صحفنا مؤخراً للدلالة على تراجع هيبة الدولة وإستمرار نزيف الديمقراطية والعدالة والحريات والقانون والكرامة لإنعدام مصلحة المملكة في مقابل مصالح ممالكهم ، فالوطن في نظرهم دولارات ومناصب ومحاسيب وهذه أمثلة لا للحصر :-
متنفذ يدهس يوسف البلبسي ويلوذ بالفرار.
شخصية كبيرة تسرق مليون متر مياه سنويا جنوب عمان
أهالي الموقر يشكون من سطو متنفذين على مياههم .
مسؤول حكومي كبير يرعب سكان شفا بدران .
شخصية من العيار الثقيل يتهرب من دفع 7 مليون دينار أثمان مياه .
أعتصام بني كنانة رفضاً لسرقة أراضي لصالح عائلات متنفذة.
إتهام جهات حكومية بعرقلة قانون حماية المستهلك لصالح متنفذين في السوق .
أصحاب 81 شركة تخليص جمركي يتهمون جهات مهمة بالسيطرة على وزارة المالية ودائرة الجمارك ويمنعونهم من ممارسة نشاطهم لصالح آخرين.
وأخيراً نردد مع الشاعر أنيس المقدسي :
على اليرموك قف وأقرأ سلاما وكلمة إذا فهم الكلاما
بنو الأردن هل يصغون أم هم على الفلوات قد باتوا نياما