بقلم : د.مولود عبدالله حسين رقيبات
11-09-2012 09:06 AM
لم تعد مجالس النميمة اوما يسمى الصالونات السياسية او دواوين الشائعات خافية على احد ،اذ يلجأ غالبية المشتغلين بالسياسة الى فتح مجالسهم وبيوتهم لنوع ونمط معين من الاقران الذين يتفقون معهم في وجهات النظر والمواقف واحيانا يختلفون في التعبير ووسائله عن هذه المواقف حتى اصبحت هذه المجالس بيوتا للاشاعة والدعاية المغرضة بهدف النيل من شخصية سياسية مناوئة او وزير لم يلبي طلبا او الحديث عن تعديل وزاري مرتقب وترشيح الاسماء البديلة او تشكيل حكومي وشيك. واليوم تتصدر شائعات هذه المجالس قضايا اكثر سخونة تتعلق بالانتخابات النيابية المقبلة حتى وصل الامر بالبعض بالتدخل والحديث نيابة عن جلالة الملك سواء بحل المجلس الحالي او تاجيل الانتخابات وتتعدى الاحاديث ذلك لتطال صفقات 'وهمية' بين القصر وجماعة الاخوان المسلمين تمهيد لدخول الاخوان مشاركين في المجلس القادم ،الى امور اخرى مثل الدعم الخليجي للاردن والتلكوء بوصوله حتى ان البعض يعلن ان لا رواتب لموظفي الدولة الشهر الحالي والكثير الكثير من هذه الاقاويل التي تندرج في سياق الطموحات والامنيات عند البعض وفي اطار النميمة المتعارف عليها منذ القدم بين بني البشر والاردنيون خاصة.
نعم لا احد ينكر ان الاردن يعيش اليوم ويواجه مرحلة وظروفا صعبة، فالجوار السوري الثائر منذ ثمانية عشر شهرا او اكثر له انعكاساته على الوضع الداخلي الاردني من حيث استيعاب المشردين السوريين واللاجئين وتأمين سبل العيش الكريم لهم في ظل تراجع في المساعدات المقدمة له من الاشقاء لمواجهة هذه الازمة، الى الضغوطات الداخلية من ارتفاع بالاسعار والتي كان اخرها رفع اسعار المحروقات الذي تم تجميده بتدخل ملكي مباشر الى المطالب بالاصلاحات والحراك الشعبي المحلي الذي يشكل عامل ضغط اضافي على المشهد السياسي الاردني والانتخابات وتبعاتها والعديد من القضايا التي بالفعل تشكل بيئة خصبة مناسبة لهذه الصالونات في بث النميمة والشائعات.
الا انه وبالرغم من كل ما ذكر من وصف للواقع الاردني الا انه ما زالت هناك لدى الاردنيين القناعة التامة بحتمية تجاوز هذه المرحلة والتغلب على الظروف القاهرة، والامل كبير في جلالة الملك عبدالله الثاني على قيادة السفينة في هذا البحر المتلاطم الامواج والمليء بالصخور الى شواطىء الآمان وهو القادر على ذلك بهمة وعزيمة الاردنيين المخلصين الحريصين على امن واستقرار الوطن واهله ،فلن تنال كل هذه الشائعات من صلابة الايمان بحتمية الانتصار والمضي قدما في مسيرة الاصلاح الشامل التي يقودها جلالته من اجل بناء الاردن الحر الديمقراطي ولنا من التجارب الكثير في مواجهة الآزمات ومنها على سبيل المثال بداية عودة الحياة الديمقراطية في عام 1989حينما ادرك جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه متطلبات المرحلة ودعا الى انتخابات برلمانية بمشاركة الجميع واقالة الحكومة ومضت المسيرة الديمقراطية الى يومنا هذا بشفافية ونزاهة وعدالة .واليوم ليس هناك ادنى شك بقدرة الملك عبدالله الثاني باتخاذ الاجراءات المناسبة للمضي بالاردن الى المستويات العالمية في الحرية والديمقراطية والعدالة وتجاوز الصعاب المحدقة بالوطن بمشاركة جميع ابنائه ومكوناته السياسية والاجتماعية والعشائرية .
ان حل الحكومة وتشكيل الحكومات والتعديلات الوزارية كلها امور تندرج في مصلحة الدولة اولا واخيرا وهي سبل لاختيار الاكفأ والمناسب للمواقع الادارية ولا يجب ان تشغل بال الناس كثيرا لان الاردن وطن المؤسسات وليس الاشخاص ،والحديث بطريقة الصالونات والنميمة المنتشرة هذه الايام حول الانتخابات وغيرها من قضايا الوطن لم يعد يلقى الآذان الصاغية الا من نفر حالم او طامع او ربما مصاب بالشيزوفرينيا 'الانفصام' الذين لا زالوا يفكرون ان السياسة لهم وحدهم وتناسوا او اغمضوا اعينهم عن اجيال جديدة مهمتها خلافة القديم من اجل التحديث والتطوير بعيدا عن النميمة والكولسات وما اكثرها اليوم في الاردن.