أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


قرأة في الأمن الوطني (التحلل الأكبر)

بقلم : م. ايمن عبابنة
22-09-2012 10:33 AM

فعندما تنفصل أولويات عناصر اتخاذ القرار في الأردن لتقرر نسبية صانع القرار حجما اكبر للعامل الخارجي على حساب الوطني تصبح الثوابت الوطنية رهانات لا نملك إلا أن نتمنى فوزها في السبق الدولي - الإقليمي .

وما يرجى من الشخصية الأردنية الصامتة - والصمت اكبر مشرع لسلوك الحكم - أن تخدش السطح وتعيد تعريف ما هو وطني ولا تترك ذلك للنخب الضالة والانتهازية حتى لا تضطر أن تعرفه بعد أن تفقده في حالة نعيش بعض مشاعرها اليوم بعد أن أحيلت مقدرات الوطن للنهب العام بحكم الثقة السابقة بمعادلة ليست إلا وجهة نظر متوافق عليها ومن حقنا أن نحللها أو حتى نستبدلها إن لزم.

أقول معادلة حكم لا طاقم حكم فبعض الدول يحكمها الاستبداد الفردي وأخرى تحكمها معادلة هي من يختار طاقمها وأرقامها لذا كان الأولى أن نبحث فيها لا عن الأشخاص فحسب. وفي الأردن معادلة أطرافها متداخلة وهي أمريكا والدور الوظيفي الذي تريده للأردن وشعبه وتداعيات الإقليم وعامل الاقتصاد وشخصية الملك ورؤيته. وما تبدل رؤساء الوزراء دون جدوى إلا لثبات تلك المعادلة التي كانت تقدم ناتج الأمن بما له من هالة في الأردن : الأمن المعيشي الأهلي وامن الكراسي ومن عليها من أصحاب النفوذ.

وهنا أريد أن اطرق :الأمن والكلام عنه.أريد أن اقنع نفسي بأشياء أكثر احتراما لعقلي الذي لا يحتمل الجمع بين الأمان وزيادة مديونيتنا أضعافا مضاعفة . أريد أن ابحث عن العدالة لا الخبز وعن قصاص عادل من خونة المال العام لا قصاصات ورق في جيب الملك من العوام المعوزين وعن امن شامل يغطي كامل مساحة دائرته وليس فقط المنطقة المظللة بموجب معادلة لا نريد لها أن تبتعد عن الأنا الأردنية التي تهتم وتهتم بمعنى الأردن كدولة لا فندق لا شركة خدمات أمنيّة فقط.

انظروا ما يحصل اليوم: الدولة بل من يحكم باسمها كان وما زال يمُنّ على المواطن بالأمن واليوم المواطن يستفز الدولة بالأمن ليحصل على حقوق أساسيه كالمياه بإغلاق الشوارع مثلا...لماذا ؟ ربما لأن الأمن المعيشي والوطني أصبح مهددا وبقي امن الكراسي يكرر من عليها بقداسة صنمية.

الكلام عن الأمن كلام عن نقيضه : كلام عن المخاطر. والكلام عن الاستقرار هي دعوة للقلق وتعزيز الأمن هو سد لثغور الانكشاف . وملاحظة القصور ليست من التشاؤم في شيء ولا ردة عن الانتماء بل تكبير مجهري لمناطق مظلمة ما أسرع أن يأتينا منها مقتل !. فلأي دولة ثالوث أمني يتحقق فيه معنى الاستقرار وحذار من وصف الركود بالاستقرار إذ أن لهما نفس الأعراض المخادعة . إذ كانت السنوات الماضية هادئة لكنها كانت تغلي بتهديدات للأمن الوطني تتراكم دون خطة عمل أو ملاحظة . فمقدرات الوطن بيعت تحت نظر مؤسسات الدولة الأمنية والمخابراتية والرقابية لا لعدم كفاءة هذه المؤسسات بل لأن البوصلة لا تشير إلى الوطن .

وفي هذا الثالوث مقاتل لا تحتاج إلى مُنقِّب حتى ندركها :
- الأمن الغذائي والاقتصادي
- الأمن الأهلي
- الأمن العسكري

أولا : ما دامت سهول الأردن الزراعية تبتلعها البنايات دون توجيه حكومي لاستثمار زراعي استراتيجي لتأمين ولو نصف حاجتنا من القمح وما دامت ميزانيتنا تعتمد على المساعدات المشروطة لا تقل نحن بأمان .

ثانيا : الانقسام الطبقي والعمودي في المجتمع لا يستهان به وهو تراكمي الأثر وهذه من مقاتل الأمن المجتمعي الذي يمتد جذوره من نموذج الاقتصاد في الدولة وحال الطبقة الوسطى فيها ومشروع المواطنة وقوننة وضع اللاجئين .إلى أين وصل كل هذا ؟ أو قل هل بدأ ؟ . مع العلم أن التباين الطبقي سوف يكون قاتلا إذا تتداخل مع تباين عرقي .

ثالثا : مع أن كل أردني يعتبر إسرائيل العدو الأول إلا أن التهديد الخطير الذي لا يحتاج لخبير عسكري لإدراكه في الاعتماد الأردني على أمريكا عسكريا هو الانكشاف العسكري أمام إسرائيل إذ أن أسلحتنا معروفة لديهم بشكل واضح بحكم التعاون الاستراتيجي بينها وبين أمريكا باتفاقيات مبرمة . كما أن التدخل بهيكل ووظيفة وبنية الجيش والأمن على حساب العقيدة والدور في حفظ المصالح الوطنية ومواجهة العدو الأول هو مما يتوجب الانتباه له كالخدمات الأمنية الخارجية وزيادة قوات مكافحة الإرهاب على حساب الاستعداد لسيناريوهات أكثر احتمالا من غرب النهر .

ولدى البعض خلط فمدح كفاءة الأجهزة الأمنية والجيش في الأردن هو أكثر من مراعاة لواقع مشهود له بل هو أيضا موقف بما تمثله هذه الأجهزة من تمثيل للجماعة العضوية للبلد وهو خوف وحذر من نقدها لان انكسارها وضعفها يعني ضعف الهوية التي ينتمي لها الجهاز الأمني لا ضعف قدرته فقط .وهذه النقطة حساسة يجب أن يتنبه لها من يطالب بنزع القبضة الأمنية ففي وجهة نظر غير منطوقة لدى الكثير من الناس العاديين الذين يملكون مشاعر الاعتزاز بأبنائهم في سلك الأمن هي أن المطلوب توجيه القبضة الأمنية لا إلغائها فقدرتها اقصر مسافة للقضاء على الفساد الإداري والمالي والسياسي وهذا يتطلب قيادات أمنية تمثل هذا التوجه على يد أبنائنا الذين أيضا يقاسون ما نقاسيه.

بعض الناس يخشى الكلام عن القلق رغم انه دائم القلق وبعض الناس لا يكتفون بالحقيقة بل يريدون صدمة في حاجاتهم الأكثر شخصية حتى يصدقوا . يقاسون الظلم ولا يهتمون برفعه إلا عندما يرفع رغيف الخبز عن موائدهم .ربما أن هذا التصوف الأردني في الحراك السياسي ليس عجزا لعله ذاك الأمل واليأس معا : أن شيئا ما سينقذ الموقف وان لا فائدة من التحرك . إلا أني أخشى من ذلك الأمل أمل من يساق إلى الشنق بأن ملاكا سوف يرفعه إلى السماء ومن يأس يسكب الزيت على صاحبه منتحرا .

هي خلاصة بسيطة : إن الاستقلال عن العامل الأمريكي وتحرير إرادة القصر منها هي معركة استقلال حقيقي . إنها التحلل الأكبر والطهارة التي لا بد منها والمطلوب في وجهة نظري تغيير معادلة لا تغيير نظام ولا يوجد سبب لنخجل خوفا أو أدبا من طرح يتساوق مع نكهة ومصلحة الوطن فما يدعو إليه الأحرار هو استدراك استراتيجي بلغة التخطيط والبناء وهو صرخة في الظلام ومن لا يفزع لصرخات الظلام والظلم لسوف يصرخ في النور فزعا إذ يرى عورته مكشوفة ولو بعد حين.


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
22-09-2012 01:50 PM

ثلاث اشارات اتفق معها في ما تقول :
1- الاردن يحكمها معادلة لا اشخاص لذا الاصلاح لا يتقدم ورؤية الملك وامريكا والاقتصاد والوضع الاقليمي جزء من المعادلة
2-مفهوم الامن اوسع مما يهلل له في الاردن ..الغذاء والسلم الاهلي وانكشافنا امام اسرائيل
3-"ولدى البعض خلط فمدح كفاءة الأجهزة الأمنية والجيش في الأردن هو أكثر من مراعاة لواقع مشهود له بل هو أيضا موقف بما تمثله هذه الأجهزة من تمثيل للجماعة العضوية للبلد وهو خوف وحذر من نقدها لان انكسارها وضعفها يعني ضعف الهوية التي ينتمي لها الجهاز الأمني لا ضعف قدرته فقط .وهذه النقطة حساسة يجب أن يتنبه لها من يطالب بنزع القبضة الأمنية ففي وجهة نظر غير منطوقة لدى الكثير من الناس العاديين الذين يملكون مشاعر الاعتزاز بأبنائهم في سلك الأمن هي أن المطلوب توجيه القبضة الأمنية لا إلغائها فقدرتها اقصر مسافة للقضاء على الفساد الإداري والمالي والسياسي وهذا يتطلب قيادات أمنية تمثل هذا التوجه على يد أبنائنا الذين أيضا يقاسون ما نقاسيه."
4- المطلوب اسقاط معادلة التبعية لامريكا لااسقاط النظام

2) تعليق بواسطة :
23-09-2012 07:15 AM

قراءه وليس (قرأه)...!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012