27-09-2012 11:40 AM
كل الاردن -
-اتسمت طبيعة الأنظمة الحاكمة منذ بداية نيل الأقطار العربية استقلالها في العقود الأخيرة من حكمها بسيطرة الدولة القطرية’ وحصر السلطة بيد الحاكم الفرد،وأعوانه، مما أدى إلى انتشار الظلم وسرقة الدولة بكل مقاييس اللصوصية. وبرغم ادعاء الأنظمة الحاكمة بأنها تحكم وفق دساتير متطورة تعيد السلطة للشعب، إلا أن هذه الدساتير ظلت بمعظم موادها معطلة، لأسباب وحجج واهية بسبب الأوضاع الراهنة تارة ً ، وبسبب حالة الحرب مع العدو الصهيوني ، وعدم الوصول إلى تسوية تعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المغتصبة تارة ً أخرى. وليس بقاء حالة الطوارئ في الدول المجاورة لفلسطين إلا دليلا ً على التمسك بقانون الطوارئ والأحكام العرفية ، الذي استغل كثيرا ً ضد المواطن العادي وليس ضد الاحتلال الصهيوني، فأصبح هدف الدولة بمختلف أجهزتها السياسية والأمنية هو المحافظة على النظام، وإهمال الدعوات الإصلاحية التي ينادي بها غالبية القوى من مفكرين وإصلاحيين وسياسيين ، الذين اعتبرهم النظام أقلية مرتبطة بجهات خارجية مشبوهة!!.
- استمرت الأنظمة في الحكم بهذه الطريقة عقودا ً طويلة مدعومة بأجهزة مخابراتية وأمنية مرعبة، وبأنظمة حكم أجنبية ارتبطت بها بتبعية مطلقة، علما ً بأن هذه الأنظمة معروفة بعدائها الصارخ لتطلعات الشعوب، وحقوقها المشروعة في الحرية والديمقراطية والحياة الأفضل.
- أمام هذا الوضع فقد توقفت عمليات الإصلاح إلا نادرا ً في الأنظمة الحاكمة – ملكية كانت أم جمهورية – مرحلة طويلة ولم تبدأ إلا بعد إسقاط بعض الأنظمة التي كان المواطن فيها يخضع لاضطهاد واعتقال وحرمان من أبسط الحقوق التي كفلتها الدساتير. ولكن هذه البداية مازالت غامضة ولم تتضح معالم الأنظمة الجديدة بعد، غير أن بعض الإرهاصات من قبل بعض زعماء هذه الأنظمة تثير الريبة والشك، فتصريحات بعض زعمائها توحي أن التغيير الذي جرى لا يتعدى تغيير رأس النظام برأس آخر جديد، في حين بقيت سياسات هذه الأنظمة على ما كانت عليه سابقا ً ، فلم تتغير العلاقات مع الأنظمة المعادية كالولايات المتحدة و'إسرائيل' ، بل توثقت أكثر من خلال إصرار هؤلاء الحكام الجدد على التمسك بالمعاهدات والاتفاقات الدولية التي كانت قائمة. والتي تنسجم مع المشروع الأمريكي – الصهيوني الذي يتمثل الآن في المؤامرة الكونية على النظام التقدمي الممانع المقاوم في سوريا. كما أن هذه الأنظمة الجديدة فكت علاقاتها مع حلفائها الذين خططوا للثورة. وقدموا التضحيات والشهداء لإنجاحها، وأظهرت أن سياستها هي الهيمنة والسيطرة على مقدرات البلدان التي يحكمونها دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح الأطراف الوطنية الأخرى.
- أما الإصلاح المنشود الذي قام من أجله التغيير ، فليست هناك إشارات أو ملامح واضحة تدلل على حدوثه في القريب أو البعيد. وما الاضطرابات التي تحدث بين الأنظمة وبين الجماهير إلا دليل على عمق الأزمة التي تعيشها الأنظمة. ويخشى أن تتعمق تجربة الأحزاب الشمولية في هذه البلدان، وتتوقف الإصلاحات المنشودة، وتحد الحريات العامة، ويلاحق المواطنون الذين يطالبون بتصحيح مسار الأنظمة الجديدة، بحجة خروجهم على النظام، وطرحهم شعارات لا تخدم المسيرة !.
- إن التغييرات التي حدثت لم تشمل أنظمة الخليج العربي والجزيرة العربية ، برغم الأرض الخصبة التي تستوجب الثورة والتغيير ، فجميع أنظمة الخليج تحكمها عائلات بالوراثة تفتقر إلى أبسط أساس من أسس الدولة الحديثة، وتتجمع فيها الثروة بأيدي أبناء العائلات الحاكمة، في الوقت الذي تعاني فيها غالبية المواطنين من الفقر والحرمان!!.
- إن الإصلاح المطلوب اليوم يجب أن يمتد ليشمل كل نواحي الحياة في المجتمع العربي فالديمقراطية تقع على كاهلها عملية التغيير والبناء، والحرية تعبير عن رأي المواطن في مختلف القضايا التي يعاني منها المجتمع. والعدالة الاجتماعية تعني ضرورة إشاعة المساواة بين المواطنين وتوزيع الثروة بشكل عادل يؤدي إلى توفير الحاجات الضرورية للمواطن، والقضاء على الفساد و محاربة المفسدين. فالمطلوب اليوم هو الإصلاح عن طريق التحول الديمقراطي المتدرج الذي يبدأ بالانتخابات النزيهة وينتهي بتشكيل الحكومات البرلمانية التي تعبر عن رأي المواطن.
- ستبقى عملية الإصلاح متعثرة ما لم يتم بناء دولة المؤسسات القائمة على التعددية السياسية، والديمقراطية والحرية واكتمال التطور باتجاه الدولة المدنية القائمة على احترام المواطنة والمساواة بين المواطنين.
- فالإصلاح يعني التغيير السلمي البعيد عن العنف، ويشمل كل مقومات المجتمع من سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. فهل يكون الإصلاح هو عنوان المرحلة القادمة في الوطن؟!!!
حسن عجاج عبيدات
e-mail: hasan.ajaj1@yahoo.com