قال تعالى : 'فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الأرائك ينظرون '.
(سورة المطففين: الآيتان: 34_35).

يقول المفسرون : أي ففي هذا اليوم _يوم القيامة_ يضحك المؤمنون من الكفار, كما ضحك الكفار منهم في الدنيا, جزاءً وفاقا. (صفوة التفاسير :3/509).
كثيرا ما قد تأخذ الإنسان في هذه الدنيا فترات الغفلة والسرور... فتنسيه ضحكته ذكر ربه...ولا ندري كم ستطول هذه الضحكة ..ليعاود من جديد ليتذكر فتنفعه الذكرى ... وقد لا يكون في الضحكة البريئة مؤاخذة ... فهي تخرج من قلب طيب لا تأخذه الغفلة المطوّلة , إنما المؤاخذة والأخذ الشديد لتلك الضحكة المستهزئة التي يتفكه بها المتشدقون من فجار الكفرة والمنافقين وكل من واكبهم فكان من المستهزئين.. ومهما طالت ضحكتهم ومهما علت وبغت، فهي إلى زوال والى ثبور...

فما أبأس من ذاك الذي يتخذ من اصحاب الإيمان والتصديق اليقين ألعوبة , يتفكه بها ليضحك من حوله من أولئك الأشقياء الذين هم على شاكلته، ثم يظن انه بذلك قد وصل إلى ما ظنها الشهرة... وأي شهرة هذه...إنها الشهرة المحقرة المدنسة، والتي ليس لصاحبها إلا أن ينبذن في الحطمة...فتصطليه نار الله الموقدة…ويضحك منه من كان عليه في الأمس يضحك ويستهزئ ..
' فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون ' ..

فاليوم تبرز الضحكة التي تخرج من صميم القلب...الضحكة التي لا يلام عليها صاحبها ولا يلحقه من ورائها إثم ولا ذنب...

وفي هذا اليوم يضحك من قدّر الله له أن يضحك أخيرا. فقد طويت صفحات الدنيا وطويت معها ضحكات الكافرين، المستهزئين من عباد الله المؤمنين.
واليوم المؤمنون هم من يملك زمام الأمور، فهم الذين يضحكون من هؤلاء الكافرين، كما كان الكافرين يضحكون منهم في الحياة الدنيا .. وشتان ما بين من يضحك في الدنيا وبين من يضحك في الآخرة.
' على الأرائك ينظرون ' ..



فهؤلاء المؤمنون وهم في خضم النعيم وعلى السرر مضطجعين ينظرون إلى اؤلئك الكافرين وهم في عذاب الجحيم يعذبون، فيضحكوا منهم ومن سوء حالهم ومآلهم. فتنصب ضحكات المؤمنون على قلوب الكافرين ألماً وحسرةً وندامةً، على ما كانوا عليه من الكفر والاستهزاء.

قيل : أن المؤمنين يطلعون وهم على أرائكهم على حال الكافرين وفي تلك اللحظة تفتح أبواب النار، فإذا رأوها الكافرين مفتحة هرعوا إليها مسرعين يريدون الخروج منها ، فإذا ما وصلوا قريباً منها , عادت وأغلقت عليهم، فيضحك منهم المؤمنون.