بقلم : د.عبدالله محمد القضاه
30-09-2012 09:21 AM
مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أرادته إسرائيل كي تصبح عضوا طبيعيا ومركزا للنظام الاقليمي وأن تدخل الى النسيج المجتمعي للمنطقة يعد هدفا حيويا لأمنها واستقرارها، ومن أجل ذلك استطاعت إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذه ولكن بطريقة جديدة تعتمد على حراك الشعوب نفسها لإسقاط أنظمتها واختيار البديل الذي يحقق الرغبة الشعبية والمباركة الأمريكية!!!.
يرتكز مشروع الشرق الأوسط الجديد على عدد من الدعائم الأساسية لعل أهمها تغيير الأنظمة التقليدية غير المقبولة شعبيا وغير الكفؤة في إدارة الدولة حتى ولو كانت حليفة للولايات المتحدة؛ كون الاخيرة لم تعد مصالحها في المنطقة بأمان من الشعوب الحاقدة على أنظمتها وعلى الولايات المتحدة الداعمة لهذه الأنظمة، وهذا التغيير لا تريد أمريكا التورط به عسكريا، كما حدث في العراق وأفغانستان، ولكن ماتريده بالضبط تقديم دعم مالي وأعلامي مباشر و/او عسكري غير مباشر عبر دول صديقة للشعوب المستهدفة لتحقيق الهدف بأقل الخسائر الممكنة، تماما كما حدث في مصر وليبيا وغيرها تحت مايسمى ب 'الربيع العربي'!!!.
الأردن؛ لم تكن بمنأى عن المخطط الشمولي للشرق الأوسط الجديد؛ ولم يعد يخفى على أحد أن بوادر مؤامرة على كيان الدولة الأردنية بدأت تلوح بالأفق؛ والدوائر الخارجية لا تخفي ذلك ، فمنذ انطلاق الحراك الشعبي في الدولة ونحن نسمع عن لقاءات لبعض رموز المعارضة مع سفارات دول أجنبية؛ ونشرت وثائق بمحاضر اجتماعات مشتركة بين وكالة الاستخبارات الأمريكية وبعض القيادات الحزبية العربية بمشاركة أردنيه، وكان من بين الإتفاقيات أن تضمن هذه القيادات المحافظة على المصالح الامريكية في المنطقة واحترام المعاهدات الدولية وبشكل خاص المبرمة مع إسرائيل نظير إلتزام الولايات المتحدة بتمكين هذه المعارضة بالوصول الى السلطة !!!.
وعليه؛ فقد تغيرت مطالب بعض الحراكيين الأردنيين من المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد إلى إعادة هيكلة النظام السياسي والمطالبة بتعديل دستور المملكة بالشكل الذي يلغي صلاحيات الملك الرئاسية؛ ليصبح ملكا شكليا لتتاح الفرصة لهؤلاء الانقلابيين تمرير مشاريعهم بسهولة ويسر !!!.
والتساؤل الأهم: من الذي انتصرالمعارضة أم النظام ؟!!، النظام السياسي الأردني والذي يرتكز على الشرعية الدينية والقومية؛إضافة إلى شرعية الإنجاز، حقق أكبر انتصار تاريخي على معارضيه وأثبت للولايات المتحدة وغيرها أنه الأقدر على إدارة الدولة وتحقيق قبول الاكثرية الساحقة من مواطنيه من خلال إستفتاء شعبي عفوي تمثل في تحقيق رقم قياسي في عدد المواطنيين الذين سجلوا أسمائهم للانتخابات المبكرة التي دعا إليها الملك، رغم أن القلة القليلة التي لم تسجل لغاية تاريخه، لا يعزى عدم تسجيلها بالضرورة استجابة لدعوة المقاطعين!!!، والسؤال الأخير: هل ستعترف المعارضة بالهزيمة السياسية أم لا؟!، أعتقد أن الأصرار على مسيرة الخامس من تشرين الأول والتجييش لها بهذه الطريقة هو التغطية على الهزيمة وفقا لقاعدة أفضل طريقة للدفاع الهجوم، وأعتقد أن الولايات المتحدة سترفع الدعم عن أي قوى معارضة للنظام بعد الخامس من تشرين اول القادم، وبذلك تكون المعارضة الأردنية قد حفرت قبرها بيدها!!!.
a.qudah@yahoo.com