بقلم : مهدي جرادات
09-10-2012 07:05 AM
يحكى أنّ مسرحية 'إنقاذ الوطن' في يوم الجمعة الموافق الخامس من أكتوبر 2012 قد نجحت كما سوّق إعلام الإخوان حفظه الله ورعاه، ويحكى كذلك أنّ تلك الجمعة تحولت إلى 'حرب أرقام' ضروس بين 'الجماعة' وحراكات دوت كوم من جهة، والحكومة ممثلة بالأجهزة الأمنية وإعلامها الرسمي من جهة ثانية، ضمن المحاولات المستميتة لإعلام الجماعة تشبيهها بعتمة مقابر أرقام في صحراء النقب.
وبصفتي مراقب ومتابع للحراك الأردني منذ بداياته، عمدت إلى متابعة تلك المسرحية إن صحّ التعبير، عبر فضائية اليرموك التابعة للجماعة، لأشاهد عرض عضلاتهم المفتولة مقارنة بعضلاتي النحيلة التي لاتحتمل ضربة كف أو بوكس أو شلوط!!. صعقت عندما شاهدت جموعاً غفيرة تنعق كالغربان مدّعيةً أنها خرجت من أجل الإصلاح، وتمنيت في قرارة نفسي لو أن الجماعة تخطط في المسيرة القادمة عرض أفضل الأجسام مفتولة العضلات. ولعل أكثر مايؤسفني ذلك الخداع الذي تمارسه فضائية 'اليرموك'، مع شديد إحترامي لأصل التسمية –في إشارة إلى معركة اليرموك الفاصلة في صدر الإسلام والتي إنتصر فيها المسلمون على الروم-.. هل يعقل أن ما يسمونه بالنظام هم الروم؟؟!! حقيقةً بهتاناً ماينطقون!!
نعود للعبة الإعلام الإخواني المكشوف نفاقها، إذ أنه أثناء متابعتي فضائيتهم سجّلت الأخبار العاجلة التي كانت ترد، ولاحظت أن تعاطي القناة مع الحراكات الشعبية المشاركة كان أشبه بموقف فضائية دولة وليس فضائية تابعة لتنظيم سياسي أو إجتماعي، وهذا يكرّس ماقلناه سابقاً أننا نعيش في دولة الجماعة. كما لفت إنتباهي أسلوب القناة في بثّ الأخبار، حيث أوردت صباح الجمعة أخباراً شبيهة بأخبار الوفود التي كانت ترسل الرجال لإعلان إسلامهم في عهد الرسول عليه السلام، على شاكلة 'وصل حراك كذا وكذا' بالإضافة إلى تعمّد إستضافة شخصيات غير محببة للنظام كان لها دور في التحريض على مسيرتهم التي تدّعى 'إنقاذ الوطن'.
وفيما يخص عدد المشاركين فقد تعددت الإحصائيات بشكل لافت للإنتباه، حيث إدّعى إعلام الإخوان نقلاً عن مراسليه الجهابذة بأنّ العدد فاق 100 ألف مشارك، بينما قال الإعلام الرسمي بأن العدد تقديراً بين 8000 إلى 10000 مشارك، في حين خرج علينا مراقبون بتقدير أوسط بين الطرفين السالف ذكرهما أن عدد المشاركين تراوح بين 20000 إلى 35000 مشارك. وإن فرضنا أّن تقدير المحايدين أقرب إلى الحقيقة، فهل بلغ نائب المراقب العام للإخوان المسلمين زكي بني إرشيد مبتغاه بعد هذا التحشيد؟؟ وماهو سرّ غيابه عن مسرح المسيرة بعد دوره الواضح في التثوير والتجحيش الذي قام به؟ ولماذا نأى بنفسه عن التصريح لوسائل الإعلام حول المسيرة؟ أم أن للبيان الذي أصدرته عشيرته الكريمة وتبرؤها منه له دور في ذلك؟
ولم يعد خافياً على السواد الأعظم من شعبنا أن ذلك الأخير خرج مؤخراً على إحدى الفضائيات المحلية متهماً مدير الأمن العام بأنه' الراعي الرسمي للبلطجة'، ولم يكتف بذلك فحسب، بل غلّظ الأيمان ليحشد أكثر من 50 ألف مشارك، والحمدلله أن توقعاته خالفت الواقع، وأنبهه إن لم يكن يعلم أنه عليه أن يصوم ثلاثة أيام كفارة يمينه الغموس. ألهذا الحد وصلنا؟؟ هل يعقل أن تصبح لغة الجماعة هي لغة تكفير الحكومات دوماً؟؟ كيف لتنظيم سياسي بحجم تنظيم الإخوان أو الجبهة أن يدعي أنه أهل العلم وأهل السياسة وأهل الدين ويتصرف حيال واقعنا السياسي الصعب بهذا الشكل المضطرب؟ وعليه، رأينا كيف أن لغة العضلات فاشلة حين تكون أسلوباً للتعبير عن الرأي حيال قضايا محددة.
لايمكن لأحد أن ينكر كم كان الخامس من تشرين أول الحالي يوماً عصيباً على الأردن والأردنيين، وبحمد الله وفضله مرّ بسلم وسلام ، بالرغم من لغة نكران الجميل المقصودة التي لمستها في التصريح الصحفي الصادر عن الجماعة مساء الجمعة حيث أقتطف التالي:'فإنّنا نتوجه بالشكر وبالتقدير والعرفان والإعتزاز بكلّ من شارك في هذه المسيرة التي فاق عددها السبعين ألف مشارك كحد أدنى لكلّ من منعه العذر عن حضور العرس الوطني المهيب،وكذلك للإعلام الحر والنزيه ورجال الأمن العام'.
هل يعقل أن تضع الجماعة مديرية الأمن العام في المرتبة الأخيرة، وتسقط الأجهزة الأمنية من حساباتكم؟ وأتساءل: من الذي فرض الحماية الأمنية للمسيرة؟ هل هو إعلامكم الحر؟؟. يؤسفني حقيقةً أن شيوخ البستونة لايخلصون للوطن. ألم يعلموا أنّ كلفة المسيرة وفق تقديرات أمنية مليون و 200 ألف دينار؟ ألم يحفظوا أن آلافاً من مختلف الرتب الأمنية ألغيت إجازاتهم من أجل حماية مسيرتهم المصون؟ وسؤالي إلى الإعلام الحرّممثلاً بفضائية اليرموك: لماذا لم تذيعوا خبر إعتقال ثمانية أشخاص وضبطهم أسلحة بحوزتهم كما تواردتها بقية وسائل الإعلام المحلية؟ سؤالي لشيوخ البستونة، أرجو من عدالتكم الإجابة،هذا لو فرضنا أنّ أولئك المجرمين الذين تم ضبطهم هاجموا المسيرة وقتلوا وجرحوا الكثيرين، ناشدتكم بالله ألم ستصرحوا بأنّ المخابرات دبرت ذلك؟
ولكن بعد متابعتي ذلك الحدث عبر الفضائيات والمواقع الإخبارية المختلفة، إكتشفت أنّ الجماعة أو الجبهة لا تختلف عن الأحزاب السياسية الأخرى إلا بجزئية واحدة هي أنّ الجماعة فيها حديقة حيوانات فهناك الصقور والنسور والحمائم والقردة والسعادين، كما ستجد الثيران من التثوير والجحاش من التجحيش والحمير من الإستحمار، ومنذ اليوم أصبحتم جماعة ليست بالتاءات الثلاث بل تاءات مفتوحة ومغلقة على نفسها. وإنني أقترح عليكم إستحداث تيار مساند لجماعتكم بإسم'الغربان والبوم'..وعليكم بعرض هذه الفكرة على صبيانكم الإصلاحيين وبالخصوص هتيفة جمعكم المأجورة.
وصوتي إلى صوتكم أيها الشرفاء الأردنيون، أناشدكم توقيع عريضة مليونية أردنية تجبر الجماعة على تقديم إعتذاراً رسمياً وخطياً إلى مديرية الأمن العام، حيث خلت المسيرة من مظاهر البلطجة وكان رجال الأمن على قدر المسؤولية، وكذلك تقديم إعتذار خاص إلى الباشا حسين هزّاع المجالي الذي أٌتهم زوراً بأنّه راعي البلطجة..ويكفينا فخراً أن يكون نجل الشهيد البطل هزّاع المجالي رحمه الله، الذي ينتمي إلى عشيرة جذورها لها تاريخ نضالي نحترمها ونقدرها.
وأدعوا الإخوان إلى حشد أكبر عدد ممكن من معلمي ومدرسي الرياضيات ليكونوا في أولى صفوف مسيراتهم القادمة، فأعداد مثل 70ألف و100ألف مشارك لايصدّقها العقل، ولو كان البيروني والخوارزمي وإقليدس يعيشون في زمننا هذا لما إستطاعوا إحصاء تلك الحشود خلال ساعة فكيف تمكن الإخوان من فعل ذلك؟؟ وأنصحكم بأن تضعوا في إعلاناتكم عن تنظيم المسيرات مطلوب موظفين عدّادين مسيرات بشرط أن يتقن الدّبكة الإخوانية على طريقة 'الدّلعونا'.
حمى الله الأردن، وجعل الله من أمننا حرمةً وقدسية وإنّ من يدوس على هذا الأمن العزيز فهو أشبه بالعاهرة على حد سواء!