بقلم : م. ايمن عبابنة
09-10-2012 07:05 AM
سؤال الإصلاح في الأردن في النهاية سؤال عملي ويتمحور في مجال لا يمكن أن نفكر فيه بمنطق (إما / أو) بل هي تسويه لا مناص منها .
و العملي غالباً هو بحث قدرات (Abilities) :
- قدرة المعارضة بألوانها على التوافق والتصعيد (ما بعد المسيرات)؟
- قدرة النظام على التجاهل وقدرة غالبية الناس على الاحتمال (تردي الوضع المعيشي)؟
ولا يسعني تقديم إجابة هنا بل مقياسا للإجابة المحتملة وذلك لعوز المعلومات المفصلة عن قدرة المعارضة على اتخاذ الخطوة التالية كالعصيان المدني مثلا (Civil Disobedience) ومدى وجودها في جسد الدولة ومدى توافق أطرافها اللازم لإنجاحه وعدم القدرة على التنبؤ بسيناريو التردي الاقتصادي إذا ما استمر تأثيره البشع على الناس ولم يتوقف بمعونات خارجية إضافة إلى تذبذب مرونة النظام في تعامله مع المعارضة (سياسة انكليزية الطابع) بناء على تقارير أمنية عن المزاج العام ناهيك عن الوضع السوري وانفتاحه على احتمالات عدة .
وإذا كان الإصلاح سؤال قدرات يحتاج لمجهود بحثي مفصل بنسب وبيانات للتنبؤ بمصيره سأهتم بالنظر إلى الجانب الآخر المقروء وهي الإرادة فإرادة الإنسان قدرة أو سبب لها .
في مجمل الناس كما في النظام الحاكم والمعارضة يشيع نوعان من الإرادة :
الأولى الإرادة الوطنية التي تدرك أن الإصلاح يجب أن يكون فوريا وجذريا في مجال استرداد الدولة وتطهيرها من الفساد وتدريجيا في مشروع البناء الاجتماعي الديمقراطي لها وهذه الإرادة شبه معدومة في النظام وان كانت سببا لبعض الأصوات الغيورة . وتمثل هذه الإرادة سببا لمطالب المعارضة وللمزاج الشعبي المحتقن قهرا من العبث السياسي والاقتصادي .
الثانية الإرادة الانتهازية التي تؤمن أن المال أساس المُلك لا العدل والخبز أولا لا الحق ..الوظيفة لا الإنتاج والسلطة لا الدولة والأمن المعيشي لا الوطني وهي تأمل أن الرشوة الدولية للاقتصاد كافية فقط لضبط الأمور والكف عن نبش المستور . النظام انتهازي بلا شك ويشيع فيه هذا النوع من الإرادة ليستغل أدنى شرخ في المعارضة ويستغل حتى المطالبات المادية للناس بصفقة سكوت مقابل تلبيتها .إلا أن هناك معقولية في وجهة نظر نادرا ما يكتبها أو يجاهر بها احد وهي أن جزء كبير منا من مجتمعنا وتحت ثقل الحاجة يشيع في أوساطه عُرف انتهازي وانفصال للضمير إذ يتبنى الوطنية بقناعة ربما تكون صادقة ويمارس الانتهازية التي تتضاد معها عند التعامل مع الواقع اليومي فقسم كبير منا مستعد للتساوق مع النظام في إجراءات الإصلاح الغير كافية في سبيل ذات المكرمات وضمن قواعد اللعبة القديمة بل ويُرعب نفسه مبالغا بمآلات الفتنة والتغيير. ولا يصعب ملاحظة الانتهازية أيضا في أطراف المعارضة في تعاملها مع النظام ومع بعضها بشكل يمنع تشكيل جبهة صلبة موحدة.هذه الروح الانتهازية لا غروَ أنها وسادة مريحة لا يسهل إن يستيقظ من عليها ناهيك أن يُبدّلها !.
وإذا كان مجلس النواب القادم مؤثرا في تشكيل الحكومة كما وعد الملك وعلى فرض نزاهة الانتخابات فان الشخصيات المنتخبة ستعبر عن صراع الإرادتين في المجتمع. هل سنرى تكرارا لنواب الخدمات والإملاء الأمني أم شخصيات حامية وطنيا ولو لم تكن حزبية ؟ وكم ستكون نسبة التصويت (عدد المسجلين اليوم مليوني شخص)؟ . كل هذا سيعبر عن الإرادة المنتصرة على فرض نزاهة العملية الانتخابية ونسبة تصويت عالية.
متى سنشهد تحولا جذريا في مسار الإصلاح ؟ هو سؤال عن مدى تراكم الشعور/ الفعل الوطني في وسط الشعب والمعارضة والنظام الذي يصل بالإرادة الوطنية لنقطة تكون فيه اكبر من الانتهازية . نظامنا انتهازي وربما يستخف بنا لأننا نشبهه فكما تكونوا .........والفراغ نملأه نحن .
biomedjo@hotmail.com