بقلم : منصور محمد هزايمه
11-10-2012 10:24 AM
الدوحة - قطر
كنت وما زلت متحمسا لما وصف بـ الربيع العربي واعتبرت دائما أن حكامنا أوصلونا إلى وضع لا يمكن أن نصل إلى ما هو أردى منه ومع ذلك كنا نرقب أحيانا بعض المواقف السالبة التي تجعلنا نرتجف ونضع يدنا على قلوبنا خوفا أن تتجه الأمور إلى وجهة لا نريدها حدث ذلك غير مرة في غير قطر من أقطار الربيع بل على امتداد الساحة العربية.
ففي ليبيا خشينا أن الانقسام أصبح قاب قوسين أو أدنى حيث انتشار السلاح بشكل غير مسبوق بين أيدي الناس وفي مصر كانت معركة الانتخابات بين مختلف الأطراف بمثابة صراع خفنا معه أن تكسر العظام أما في اليمن بقينا نخشى أن لا يركن رأس وأذرع النظام السابق المتغلغلة في جسم الدولة إلى الهدوء والاستسلام وفي تونس التي دشنت الربيع العربي خشينا على الديمقراطية الوليدة من تطرف الفرحة بها.
لكننا اليوم
نرى أن الأمور تبشر بربيع عربي مزهر ومثمر وتبدو بوادر ذلك في تغيير قواعد اللعبة بين الحكام والشعوب يتجلى ذلك في مواقف وإن بدت صغيرة ألا أنها تنبئ باستدراكات كبيرة تجعلنا نتفاءل أن التغيير الحقيقي قادم لا محالة والذي نأمل أن يحمل بين طياته بذور التطور والتنمية في جميع مناحي الحياة.
فعندما نسمع الرئيس التونسي يقدم اعتذار الدولة لفتاة أساء لها رجلا امن لا يمكنك ألا أن تتفاءل وتقارن مع صلف النظام السابق وعندما يهب الشعب الليبي لتسليم السلاح ومقاومة المتشديين وعندما يجبر المؤتمر الليبي العام رئيس الحكومة على استبدال وزراءه تتذكر فورا طقوس النظام السابق وعندما تجد الرئيس المصري يعيد الاعتبار لرجل يحضى باحترام المصريين جميعا ويتحدث عن تداول السلطة ويذكر بما تعهد به ويطلب أن يحاسب عن وعوده وفي خطاب الرئيس في ذكرى حرب أكتوبر التي يمجدها المصريون وبعض العرب يعمل جردة حساب لما تم إنجازه في زمن مئة يوم أثناء ذلك وبعده تتذكر فورا احتفالات النظام السابق والذي كان عبارة عن احتفال نفاق خاص برأس النظام واختزل الحدث كله بما يسمى الضربة الجوية ليستثير ذلك سخرية المصريين وتتفتق جعبتهم بما عرف عنهم من ظرف خاص فيتمنى احدهم لو أن الضربة الجوية كانت لمصر مقابل لو أنه حكم هناك في إسرائيل ويتساءل آخر عما إذا كانت الضربة الجوية قد تمت بطائرة واحدة! .
في دول الربيع وغيرها لم يعد الشعب يستجدي العطايا بل يفرض أجندته في قضايا كثيرة فليبيا تعرف الانتخابات لأول مرة ومصر ودعت الاستفتاءات الهزيلة وجرت انتخابات تفخر بها والدساتير لم تعد مقدسة وقوانين الطوارئ ذهبت مع الريح والمحاكم بشتى أنواعها التي تكفل للحاكم الاستبداد والتسلط لم تعد ترعب أحدا وارتفع صوت الشعوب وخفت صوت المستبدين اليوم يحكمنا رجال عاديون لا آلهة مقدسون وبانت هشاشة الأنظمة أمام الشعوب في الداخل وضغوطات الخارج بل أن من سخرية القدران وسيلة إعلام واحدة قد تتهم بالإطاحة بنظام تبجح انه يتصدى لكل الشرور في العالم.
في سوريا الجريحة اليوم لم نتوقع أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه على الرغم مما نعرفه عن قسوة النظام ووحشيته وفي هذه الأيام ازدادت شهية القتل لتتراوح الوجبة يوميا بحوالي 150 حيث يخوض النظام حربا قذرة ضد الشعب ومع ذلك حتى في ظل هذه الظروف اكتشفنا ديمقراطية النظام التي تسمح بمؤتمرات للمعارضة في الداخل ويبدو أن النظام قد فقد توازنه وتتطور الأمور يوميا لغير صالحه مما يبشر أن الشعب السوري بثورته العظيمة سيجني قريبا ثمن التضحيات الجسام التي أوصله إليها غباء النظام حيث يقول احد الشعراء 'حرب! يا للغباء'.