بقلم : علي السنيد
15-10-2012 09:20 AM
صدمة حقيقية اصابت المشاعر الشعبية ازاء تصريحات الرئيس الملكف عبدالله النسور، والذي لم تمض بعد عدة ايام على تسلمه موقع الرئاسة، وبدا ان رئيس الوزراء الاسبق فيصل الفايز الذي طفى على سطح التوقعات قبل التشكيل، ويعد احد اقطاب النظام، ومن غلاة الموالاة يملك مبادرات سياسية اكثر تقدمية منه ازاء قانون الانتخاب والحوار الوطني ، وهو – أي عبدالله النسور - كان يصنف من غلاة المعارضة الى ما قبل ايام قليلة فقط.
وكان الرئيس الاسبق فيصل الفايز اجرى في غضون الاشهر القليلة الماضية حراكا سياسيا ناجحا الى حد ما ، وكان ضامنا لو تسلم ادارة دفة المرحلة لان يعيد الجميع الى طاولة الحوار، وربما لحصل على توافقات وطنية تفضي الى اجراء انتخابات نيابية بمشاركة الجميع، ووفق قانون مرضي لكافة الاطراف. والفايز عرف عنه القدرة الهائلة في التعامل مع شتى التباينات ، وكان يشكل قاسما مشتركا بين المعارضة والسلطة، وهو يجسر لحوار وطني، والوصول الى حد معقول من الشراكة الوطنية.
وهذا هو جوهر ما كان يحتاجه الوطن في خضم هذه المرحلة بحيث ينصب الخلاف والتوافق على صيغة العمل السياسي، وتوازنات عملية الحكم ، واخراج القصر من دائرة الصراع، والتوصل مع المعارضة الى حلول وسط، وتقديم شيء يغير في مواقفها بالحد الادنى.
اما ان يكون في سدة الحكم معارض برلماني شرس، ورجل دولة سابق، ومعارض لجملة القوانين التي ادت الى تأزيم الوضع الداخلي، وهي قانون الانتخاب، والمطبوعات والنشر، وجملة السياسات التي اثارث الشارع ، ويستبشر الناس خيرا بقدومه ومنهم كاتب هذه السطور ثم سرعان ما ان تأتي تصريحاته بما يشي بتنصله من كل ما كان اعطاه شعبية جارفة فهذه مؤداها الى صدمة للشارع وقناعاته، وقد تفضي الى مزيد من التطرف في الموقف الوطني من القضايا مثار الخلاف، فالرئيس الذي عارض قانون الانتخاب وهو نائب برلمان، عاد ليدعي انه انصاع لرأي الاغلبية البرلمانية، وسيجري الانتخابات بموجب القانون الذي عارضه، ولم يزد في لقائه مع قوى المقاطعة وعلى رأسها الاخوان المسلمون عن ان قدم امكانية منحها مهلة للتسجيل من خلال تمديد فترة التسجيل، وبذلك يبرز ان حكومة البخيت التي عارضها، وحكومة عون الخصاونة، كانت قد قدمت عرضا اكثر سخاءاً من عرضه اليوم، وذلك باعطاء عدة اصوات للناخب، فضلا عن فيصل الفايز الذي عرض في مبادرته صوتا للمحافظات الى جانب القائمة الوطنية، وصوتا للدائرة.
والاخوان المسلمون كانوا يربطون تغيير موقفهم من المقاطعة بتعديل قانون الانتخاب وتعديلات دستورية تفضي الى حكومة منتخبة بموجب نصوص دستورية ملزمة. وفي ذلك لم يزد الرئيس المكلف عن ان تمسك بموقف الحكومة المستقيلة في اجراء الانتخابات على القانون الحالي نفسه الذي ادى الى المقاطعة، وفيما يخص موقف الرئيس المكلف الدكتور عبدالله النسور المعارض سابقا لقانون المطبوعات والنشر، فقد اعاد الوزير الذي تبنى القانون محملا بوزارة اخرى مع وزارة الاعلام في حكومته، واما المعتقلون السياسيون فقد ترك امرهم معلقا بالعفو الملكي، وهم الذين لم تصدر بعد الاحكام بحقهم، وهو ما ينطوي على اقرار من طرف الرئيس المكلف بأحقية محاكمتهم امام محكمة امن الدولة، وفي الشأن الاقتصادي اجاب الرئيس حول نية رفع الاسعار بقوله 'الحكومة لن ترفع الاسعار، او سترفع الاسعار'، وفقا لمعطيات الوضع الاقتصادي، الا انه اشار الى تفهمه لاوضاع الناس الصعبة.
فما الجديد الذي جاء به المعارض البرلماني الابرز بحكومة شكلها في مرحلة دقيقة من عمر المملكة، وستدير مرحلة خاصة بالتوافقات الوطنية على الاصلاح، والتغيير ، وما قد يتيح لها الخروج بسلام من اتون ودائرة الربيع العربي، وكان يعول عليها في ايجاد الارضية اللازمة للتوافق الوطني، واخراج الملك من دائرة الصراع، والوصول مع كافة القوى، وافرقاء المشهد الوطني الى قواسم مشتركة حقيقية، وليس طرح الحوار دون مضمون لمجرد الحوار مع تثبيت القناعات، والقرارات الرسمية دون تغيير.
في ظل ابقاء الدكتور عبدالله النسور على ذات القضايا مثار الخلاف التي كان معارضا لها في السابق، والابقاء على الوزراء الذين حجب الثقة عنهم ابان عمله نائبا، يبقى ان ميزة هذه الحكومة الوحيدة انها لا تنقض الوضوء كونها تخلو من أي سيدة.