بقلم : ماهر كريشان
15-10-2012 09:40 AM
لم يرتد البزة العسكرية ولم يتأبط العصا المارشالية قط ,امضى من سني عمره مرتحلا بين البحوث ومراكز العلوم حلق في سماء السياسة مبكرا في مقاربة احترافية مجهدة للعلاقة الجدلية بين المفكر والسلطة, حدث الانجليز عن الحياة الاجتماعية في بلاط الامير هشام بن عبد الملك الاموى وقدم نفسه للاردنيين كجزء ونموذج من الحياة السياسية في بلاط ملكين هاشميين, يصنف الدكتور عوض خليفات بانه (براغماتي محافظ ),سياسي رصين, وزير بحجم رئيس وزراء ,وعلى المقلب الآخر منحته القوى السياسية في الوطن على اختلاف مشاربها شهادة خلو من( الهنات)السياسية او المالية , شغل فيما مضى موقع وزارة الداخلية ,ولكن الظروف في ذلك الوقت ليست كالظروف في هذه الايام وفق معطيات التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية على عقل الانسان الاردني وبروز حالة الوعي القسري الناجمة عن فكرة الربيع العربي والتي اوجدت و شكلت ارخبيلا متراميا عبر الوطن بين مسيرات واعتصامات ووقفات احتجاجية لاسباب مطلبية او فئوية او اصلاحية سياسية الطابع علاوة على تكرار بعض اشكال العنف الجماعي الناجم عن تداعيات جرائم اومشكلات اجتماعية وما يتبعه من اغلاق طرق وحرق دواليب .اما توقيت هذه الحكومة فقد جاء بعد اشهر من الحراك وتطور ه في الاعدادوالتكوين والتنوع في الاساليب والارتفاع بسقف المطالب والشعارات مما شكل الى حد كبير حالة من النضوج الجماهيري والاحتجاجي والرتابة التى اقل مايمكن القول فيها ان لم تكن يومية فهي على الاقل دورية .
فاستقدام وزير بمواصفات وتكوين عوض خليفات فيه من الاشارات الكثير سندا لحالة القبول الكبير التي يحظى بها لدى كافة القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني لا سيما الاسلامية منها وذلك لمدنيته ومرجعيته العلمية الاسلامية مما يجعله الاكثر استيعابا للآخر (الاسلامي) ويمنحه قدرة فائقة على التكيف مع تغير قواعد اللعبة والاشتباك وبعيدا عن العبارة التي استهلكنا بها كثير من السياسين في الاردن ولعشرات السنين بالقول (اننا في محيط ملتهب)و(ان الوطن يمر بظروف دقيقة)فاننا الان فعلا وليس ادعاءا في محيط ملتهب من الصعوبة بمكان التبصر بنتائجه على الساحة الاردنية فثمة استحقاقات سياسية تنتظر مبادرة وزير الداخلية للقيام بها اولهاانتزاع ولاية المعالجة و غل يد أي طرف اوجهة تسيىء للوطن بتجييشها الغرائزي وتحريضها على العنف ضد الحراكات والقوى السياسية بشكل يهدد السلم المجتمعي ويعبث بنسيجنا ووحدتنا الوطنية كذلك الافراج عن معتقلي الحراك وانهاء حالة التوقيف الاداري والعرفي الغير مضبوط والتعسفي الذي يستعمله الحكام الاداريين والذي جلب للاردن انتقادات واسعة لدى منظمات حقوق الانسان الدولية والتي تنعكس تقاريرها سلبا على حجم المساعدات والمعونات التي نتلقاها علاوة على ضرورة ايلاء الامن الاجتماعي اهمية وعدم الانصراف لفكرة الامن السياسي على حساب هذا المفهوم حيث نلاحظ ارتفاع في معدلات الجريمة والسرقات للاموال والسيارات وانتشار الحبوب المخدرة وغيرها من العقاقير في المجتمع والمدارس وتطوراساليب الجريمة ,فاهمال ا من المجتمع سينعكس حتما على الامن الوطني برمته وطريقة التعامل مع الامن الاجتماعي والامن السياسي تحكمها معادلة
ووضع الندا في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندا
اما مايخشاه البعض ان وجود شخص الوزير في هذه المرحلة لا يعدو كونه لمسة رومانسية على هذه الحكومة واشراقه تجتذب الآخر وتوحي بنعومة التعاطي السياسي ليس اكثر ,الا ان اداء وزارة الداخلية في هذه المرحلة الدقيقة قد يحدد ان كان ثمة دور سياسي سيلعبه معالي الوزير لاحقا ام لا وماهية هذا الدور او الموقع خاصة ماعرف عنه بعده عن الصدامية لحساب الركون الى الحوار ,فهل نشهد تدشين شكل من(المعاوضات السياسية المتبادلة )المرحلية والقادمة بين السلطة وقوى المعارضة ترسم معالم العبور الى مرحلة اصلاحات سياسية مستقبلية شاملة .