بقلم : محمد عبدالله جرادات
15-10-2012 08:55 PM
المعارضة والموالاة في جميع دول العالم وجهان لعملة واحدة تسعى كل واحدة منهما الوصول إلى السلطة لتحقيق أهدافها وخططها ومشاريعها وبرامجها، ويقترن مصطلح المعارضة في السياسة بالأحزاب السياسية التي هي عبارة عن مجموعات تعترض على أسلوب أحزاب سياسية أخرى حاكمة وعلى طريقة استخدامها للسلطة، وينتهي دور المعارضة كمعارضة عندما تمتلك زمام السلطة أو يتم احتوائها من السلطة من خلال بعض المناصب أو تحقيق بعض الأهداف فتتحول من المعارضة إلى الموالاة، وتختلف درجة المعارضة هنا من منطقة إلى أخرى ومن نظام إلى آخر ديمقراطيا كان أم استبداديا، وقد ترفض المعارضة أحيانا النظام السياسي القائم وتتمرد عليه لتصل إلى ما يسمى حربا أهلية كما حصل في بعض الدول العربية، وقد تتسلق المعارضة أحيانا وتبتز الحكومات للوصول إلى أهدافها الخاصة حينا أو لتصفية حسابات شخصية مع بعض الأشخاص في الحكومات حينا آخر.
بعد الربيع العربي اشتد وطيس المعركة ما بين المعارضة والموالاة فأصبحت المعارضة أكثر جرأة على رفع صوتها وتجاوز السقوف وتعدي الخطوط الحمراء وأصبحت المطالب كبيرة وعلنية واستخدمت كثير من المحاولات والسبل للنيل من هذه المعارضة والحط من شأنها وجدوى بقائها ووصفها بأنها عاجزة عن التغيير ونعتها بنعوت شخصية ورجعية من قبل بعض أصحاب القرار والموالين، ولان المعارضة تستند في برامجها ومسيرتها على مطالب الشعوب وحاجاتها وجب عليها أن تكون صادقة معها فيكون هدفها تغيير النهج لا الوصول إلى السلطة إلا عن طريق التعددية السياسية ومن ثم تداول السلطة من خلال مقولة أن الشعب هو مصدر السلطات الذي تفرزه صناديق الاقتراع.
في الأردن بدأت حركة الاحتجاجات عام 2011 بقيادة حركة الإخوان المسلمين وبمشاركة واسعة من مختلف شرائح المجتمع الأردني والحراكات الشعبية التي تنادي بالإصلاح ومحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين والمفسدين، فحدثت بداية هذه الاحتجاجات والمسيرات مواجهات ما بين المعارضة وبين الموالاة ولكن بحكمة وتوجيهات جلالة الملك وسياسة الأمن الناعم التي أتبعها الأمن العام ومشروعية هذه الاحتجاجات والمسيرات السلمية تلاشت هذه المواجهات، فأعطيت لهذه المسيرات والاحتجاجات الحماية ومساحة من الحرية في التعبير، ولأن المعارضة لا تثق في وعود السلطة التنفيذية مدللة بذلك بالتعديلات الأخيرة على قانون الانتخاب الذي جاء ليعطي الأفضلية للعشائرية والقبلية على حساب المعارضة المتمركزة في مدن المملكة استمرت في مطالبها وازداد حجمها وقاطعت معظم مشاريع وبرامج الحكومة.
أما الموالاة السياسية فهي عبارة عن مجموعة أو أفراد تقوم بمناصرة حكومة ما لمصلحة ما، فحينها تلجأ الحكومات من خلال الموالاة في مجلس النواب مثلا إلى تمرير أي قانون فتقوم الحكومات بإرضاء الموالاة بتعيين بعض المحسوبين على الموالاة أو تنفيذ بعض مطالبها السياسية والاقتصادية والخدمية وغيرها.
والمطلوب من رئيس الحكومة الجديد تبني مطالب المعارضة الإصلاحية ومحاربة الفساد لاحتواء حراك الشارع وجذب قادته ورموزه إلى طاولة الحوار، وذلك لما كان ينادي به دولة الرئيس تحت قبة البرلمان وبالنسبة لقانون الانتخاب الذي مر بمراحله الدستورية الذي لا يمكن تعديله في ظل حل مجلس النواب أو إصدار قانون مؤقت تجرى الانتخابات من خلاله يؤدي إلى إضعاف دور الحكومة وبالتالي تتحول الموالاة إلى معارضة والمعارضة الى موالاة فتكون العملية محيرة ومرهقة، فحل مجلس النواب وتشكيل المحكمة الدستورية وإقالة حكومة فايز الطراونه وتكليف دولة عبدالله النسور القريب من المعارضة والحراكات الشعبية بتشكيل حكومة، والتأكيد على إجراء الانتخابات النيابية جاءت لتضع المعارضة والموالاة على المحك فقطع بذلك كل قول كل خطيب.