أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


بانتظار فيليكس

بقلم : لميس اندوني
15-10-2012 11:20 PM
لا أدري إذا كان انتظار فيليكس الأردني أجدى من انتظار غودو الذي نعرف أنه لن يأتي، ولا يعني ذلك أننا في انتظار المُخَلِص، ولكننا بحاجة إلى قفزة نوعية، وإن كانت مخاطرة محسوبة، من نوع قفزة المواطن النمساوي، تخرق سقوف التفكير التقليدي والقوالب الجامدة.
جمود التفكير هو نتيجة الإصرار على إبقاء مؤسسات الدولة ومقدراتها رهينة المصالح الضيقة، بحيث لا يكون هناك لا فصل بين السلطات، ولا تمثيل واسع، ولا رقابة ولا مساءلة ولا محاسبة ولا سيادة لا قانون ولا دستور- إلا يخدم السلطات والمتنفذين.
لكن الجهات الرسمية لا تشعر بضغط شعبي مُلح عليها للتغيير، فهي قد ربحت معركة التسجيل للانتخابات، والمظاهرات والاعتصامات، هنا وهناك لن تؤثر كثيراً، على الأقل في حساباتها، وهي لم تر في مسيرة 'إنقاذ وطن' غير جزء من الصراع على النفوذ مع الإخوان المسلمين في إطار هيمنة ثنائية القطبين الرسمي والإسلامي على المشهد الأردني.
الجمود ينطبق أيضاً على تفكير الحراك الشعبي، الذي هو أيضاً بحاجة إلى المراجعة، فهو لم ينجح باستقطاب أية أغلبية جماهيرية تُذكَر، لأسباب بعضها خارجة عن سيطرته، وأخرى تتعلق بأخطاء ارتكبَها أغلبها يعود إلى غياب رؤية تغيير واضحة ووحدوية، توحد وتقود الشارع.
لا أساوي بين أخطاء السلطات والمعارضة: فالمعارضة والحراك ليسا مسؤولين عن الأزمة الاقتصادية الاجتماعية، لكنهما مسؤولان عن أدائها وعن قدرتها في كسب الفئات الواسعة حول برنامج يوحد الأولويات والمطالبات.
لكن نقد الحراك لا يبرر اعتقال شباب الحراك وتحويلهم لمحكمة أمن الدولة، فيما يجب تركيز الجهود كلها للخروج من الأزمة التي تبلغ أوجها بعد الخطر الحقيقي على البلاد – خاصة الشق الاجتماعي منها، حين يتم رفع الأسعار وتدني المستويات المعيشية والشرائية.
لماذا يجب أن يصل الأمر إلى حد لجوء ثلاثة من الموقوفين، هم فادي المسامرة، عبد الله المحادين وعدي الختاتنة، إلى الإضراب عن الطعام، احتجاجاً على استمرار توقيفهم.
قضية الموقوفين، ليست هي القضية المركزية، فالأساس هو المعاناة الشعبية، وتغييب الإرادة الشعبية، ولكن الاعتقالات هي إحدى تعبيرات الأزمة المهمة، لأنها تمثل استمراراً للعقلية العرفية والأمنية، التي أدت إلى غياب المشاركة واستفراد، قلة قليلة، بقرارات مصيرية أدت إلى التفريط بموارد الأردن الإستراتيجية.
القفزة النوعية التي يحتاجها الأردن تتطلب التخلي عن هذه العقلية الأمنية، وبسرعة، لأن ذلك شرط لصدقية أي حلول اقتصادية وسياسية، وأي حوار وطني حقيقي وشامل، إلا إذا كانت الرسالة الرسمية هي التحذير من معارضة الفرض القسري لرفع الأسعار وتداعياته، لتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي، لذلك لابد من رسالة تخويف وترهيب، للسكوت عن ضيم تدهور المعيشة المقبلة.
القفزة التاريخية التي حققها فيليكس النمساوي، لم تكن فقط وليدة التطور العلمي، بل أيضاً نتيجة تحرر العقول والنفوس من الخوف، ولم يكن ناتجا عن قمع حكومات، أو أيديولوجيات ومعتقدات متحجرة.
تلك حقبة التقطها الأردنيون، وبسرعة، فانتشرت على الفيس بوك تعليقات لاذعة، اذكر منها انه لو كان فيليكس أردنيا لتم القبض عليه إما بتهمة ' خرق السقوف' أو بتهمة 'تقويض الغطاء الجوي': هنا تكمن العلة فالقمع بأي أشكاله الناعمة أو الخشنة يمنع الحلول أو حتى التفكير بها، وقد ينجح بتدجين الخائفين والمُخَوفين، لكنه لا يحل أزمة حاضر أو أزمة مستقبل.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012