بقلم : قيس مدانات
23-10-2012 09:20 AM
يبدو أن الحكومات لا تكلّ من اسطوانة وجوب ايصال الدعم لمستحقيه، وهي تصوّر الدعم المقدّم على بعض السلع الأساسية بأنه هو سبب العجز بميزانية الدولة، وبالتالي سبب الاقتراض والمديونية المتراكمة والحال السيئة التي نحن بها.
الحكومات تتجاهل كل ما يكتب عن الموضوع، وكل الحلول والخيارات التي تطرح من قبل المهتمين بالشأن العام، وتعيد تكرار اسطوانتها، وكأنها تريد من الجميع أن ييأسوا من الحديث في هذا الموضوع. حسنا، نحن بدورنا لن نكف عن تفنيد هذه الحجج الواهية لو لزمتنا الكتابة بهذا الشأن مئات بل وحتى آلاف المرات. وما يساعد الكاتب على عدم تكرار نفسه عند الخوض بهذا الموضوع هو ابداعات الحكومات المتعاقبة أو وزرائها، فهم دائما يزودوننا بما هو جديد بهذا الشأن!
ونقول لرئيس وزرائنا الجديد الذي هدد الشعب برفع الدعم أو انهيار الدينار، تعال نتكاشف، كم هو المبلغ الذي تنون كحكومة توفيره بعد الوصول لآلية 'تضمن ايصال الدعم لمستحقيه'؟ هل يصل لنصف مليار دينار مثلا؟ لا اعتقد ذلك. فأمية طوقان صرّح عندما كان وزيرا للمالية أن قيمة الدعم المقدم للمواد التموينية والمحروقات قد تم تخفيضه من 720 مليون دينار في عام 2011 الى 450 مليونا في عام 2012. حسنا، هناك تهرب ضريبي بقيمة 800 مليون دينار حسب تصريحات وزير المالية الحالي سليمان الحافظ، فهلّا تكرمتم بتحصيله لنا بدل رفع الدعم؟
أتقولون بأن المبلغ أكبر بحجة أن انقطاع الغاز المصري كبد الخزينة مبالغ طائلة؟ إن أمية طوقان عندما ذكر هذا الكلام في خطاب موازنة عام 2012 كان يعلم أن الغاز المصري كان منقطعا في عام 2011 ايضا. وبحسب تصريحات المصادر الحكومية فإن الدعم قد يصل هذا العام ل 804 ملايين دينار فقط. على أية حال، هناك هدر بالموازنة يبلغ المليار دينار أو أكثر قليلا بحسب تصريحات أمية طوقان نفسه، فهلّا تفضلتم، ومن باب أولى، واوقفتموه؟
إذا اصررتم دولتكم على أن دعم المحروقات يكسر ظهر الحكومة، فنحن نصر بدورنا على أن تكشفوا لنا آلية تسعير المحروقات، ومصدر شراء بترولنا وسعره. عدا عن ذلك، لن نقتنع بكل ما يصدر عن حكومتكم بما يخص الدعم.
دولة الرئيس، أن أحد الرقمين السابقين لوحده أكبر من قيمة الدعم كاملا. فأيهما أولى، أن ترفع الاسعار وتغامر باستقرار البلد الهش اصلا، أم أن توقف هدر الموازنة الذي وصفه أمية طوقان بالفساد المالي والاداري، وتوقف التهرب الضريبي من قبل كبار الرأسماليين.
وأيهما أحق بتعويض عجز الموازنة، المواطن المسكين الذي لا علاقة له باتخاذ القرار في البلد، أم الذي اوصلنا لهذه الحال؟ نعلم أنكم لن تستجيبوا، ولكننا نحن ايضا لن نكلّ.