أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


في سورية لم يبقَ غير انتخاء الغيور كي يرحم شعبها

بقلم : جمال خاشقجي
28-10-2012 02:55 PM

جلت في باحات جامعة لين بولاية فلوريدا الأميركية الاثنين الماضي، حيث جرت المناظرة الأخيرة بين الرئيس أوباما ومنافسه ميت رومني، التي خصصت للسياسة الخارجية. بدا المكان ككرنفال هائل، عشرات عربات النقل الفضائي متداخلة مع أكشاك بيع «الهوت الدوغ». اجتمع نحو 3000 صحافي لنقل المناظرة الكبرى بين اثنين يريدان إقناع الناخب الأميركي بأن أحدهما هو الأفضل لإدارة أميركا خلال الأعوام الأربعة المقبلة.
كان على سورية بجراحها وآلامها أن تجد «حصة» لها في هذا الكرنفال المشغول أولاً وأخيراً بقضاياه الداخلية، وهي الاقتصاد ثم الاقتصاد، وقد حصلت عليه. تصريح من الرئيس أوباما بأنه سيدعم القوى المعتدلة هناك، ومعلومة انفرد بها منافسه رومني أن إيران تؤيد النظام لأنها تريد منفذاً على البحر.
خرجت من اللقاء متشائماً، فكيف سيعرف الرئيس أوباما «المعتدلين» بين الثوار هناك ليدعمهم أو على الأقل ليسمح لمن يرغب في دعمهم في ما لو فاز في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل؟ لو كان سامعاً لي لنصحته بأن يعتبر كل الثوار السوريين معتدلين فيدعمهم ثم يستثني من يثبت تطرفه، أما رومني فعلى السوريين أن ينتظروا حتى كانون الثاني (يناير) ليتسلم السلطة ويتعرف على خريطة المنطقة والجيوسياسة فيها بشكل أفضل كي يتخذ قراراً ما.
قاتل الله أولئك الذين أطلقوا الصواريخ على السفارة الأميركية في بنغازي فقتلوا السفير اختناقاً وثلاثة أميركيين آخرين، فجعلوا من قضيتهم أولوية في الانتخابات الأميركية، وأثارت مخاوف الرأي العام الأميركي من الربيع العربي فأضروا بإخوانهم السوريين.
هؤلاء - الذين أطلقوا الصواريخ وتتعقبهم حالياً الإدارة الأميركية أكثر مما تتعقب بشار الأسد - لا يهمهم «الرأي العام»، ولكن هذا الرأي العام هو الذي يصنع السياسة في الدول الديموقراطية، فاليمين الأميركي المحافظ غير السعيد ابتداء بالربيع العربي، لموقفه القديم من الإسلاميين الذين يراهم خطراً على إسرائيل، نفخ في كير أحداث بنغازي، وحاول ولا يزال تحوير موقف الرئيس الأميركي أوباما الإيجابي حيال تحولات العالم العربي إلى موقف سلبي يلام عليه. ميت رومني مثلاً قال إن الربيع العربي تحول إلى «فوضى خطيرة»، وساوى بين صعود الإسلاميين إلى الحكم في مصر وتونس وسيطرة «القاعدة» على شمال مالي.
نظرية أهمية «الرأي العام» سمعتها في إسطنبول الأسبوع الماضي من صحافي تركي شاركني حلقة نقاش مغلقة حول الوضع السوري، قال إن العرب يريدون من تركيا أن تفعل كل شيء و«لكن عليهم مساعدة رئيس الوزراء أردوغان، فهو يواجه رأياً عاماً لا يريد حرباً. الأتراك ينعمون برخاء غير مسبوق، ويخشون عليه في حال انزلاق البلد في حرب لا يعرف أحد عواقبها»، وقدم اقتراحاً يقول إنه قد يساعد أردوغان بتغيير الرأي العام نحو تدخل ما في سورية «لو أرسل السعوديون والقطريون سرباً من طائراتهم الحربية إلى قاعدة جوية بجنوب تركيا، ويعلنون عن ذلك، فسوف يرسل ذلك رسالة للرأي العام التركي بأن الحكومة التركية ليست وحدها».
الرأي السائد أنه من دون غطاء أميركي - لن يكون متاحاً بالمرة حتى انتهاء الانتخابات - فإن الحكومة التركية لن تقدم وحدها على فعل عسكري كبير، على رغم توافر بدائل لها لا تستلزم قراراً من مجلس الأمن، كالبند الخامس من ميثاق «الناتو»، الذي ينص «إنه في حال تعرض أي عضو لهجوم، فإن على الدول الأعضاء الأخرى التحرك جماعياً دفاعاً عن النفس».
تستطيع تركيا أن تقرر حظراً للطيران شمال سورية لدواعٍ أمنية، ولضيق مساحة سورية الجغرافية فإن قراراً كهذا يعني منع الطيران فوق كامل أراضيها، ما يمكّن العالم من إعلان مناطق برية آمنة في شمال غربي البلاد الذي يكاد أن يكون محرراً بالكامل، ليستوعب مئات آلاف اللاجئين السوريين في داخل وطنهم، ثم يمكّن الجيش الحر من منازلة النظام وتحرير ما حوله حتى يصل إلى دمشق، بعدما يفقد النظام قدرته على استخدام سلاحه الجوي. ثمة من يقول إن النظام فقد هيبته وتكوينه كجيش نظامي، وأضحى مجرد ميليشيا طائفية في غالبها، ولكنها تمتلك سلاحاً جوياً وعلاقات خارجية مع الروس والإيرانيين الذين باتوا أصحاب الكلمة الأخيرة في دمشق.
كما يرى خبراء أن النظام السوري لم يعد يملك قوة ردعه «القذرة» أي الأسلحة الكيماوية، فهذه باتت تحت سيطرة مباشرة من الروس، الذين قدموا ضمانات للولايات المتحدة والغرب بحمايتها، وبما أن الغرب لا يثق كثيراً بالروس فلقد اعتمد «الخطة ب»، فأرسل قوات خاصة بريطانية وأميركية للأردن، مهمتها التدخل السريع في داخل سورية لو حركت أسلحتها الكيماوية المرصودة بدقة.
إذاً لا حاجة لصواريخ «ستينغر» أو «المان باد» إذا ما حيّد سلاح الطيران السوري، ولكن تبقى الحاجة للمزيد من مضادات الدروع، وهذه يمكن إقناع الأميركيين بتمريرها من دون أن تكلفهم شيئاً إذ يوجد من هو متبرع بها، ذلك على رغم أن الخبراء يرون أن لا خوف من تسليم صواريخ «مان باد» لعناصر موثوقة، فهي تعمل ببطارية ذات عمر افتراضي، وفي حال عدم شحنها تتعطل أجهزتها التي تتعقب الحرارة وتصيب الطائرة في مقتلها لتصبح مجرد صاروخ «آر بي جي» «أعمى».
المنطق، وحسابات الربح والخسارة كلها تميل لتدخل محدود يحسم المعركة السورية بسرعة، ويمنع تعفن الحالة هناك لترعى فيها «القاعدة»، وقد كتب في هذا الكثير وقاله عشرات الخبراء، ولكن لم يستطيعوا تغيير الموقف الدولي ودول الجوار التي تفضل أن تترقب وتنتظر، ربما الانتخابات الأميركية، ربما شيئاً آخر! وبالتالي لم يبقَ إلا المناشدة بالنخوة والمروءة وحق الأخوة، إنه يكفي ما نال الشعب السوري الذي لا يجوز أن يعيش عيداً آخر كالذي عاشه قبل أيام بينما يحتفل إخوانه بمطعمهم ومشربهم وأمنهم.


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
28-10-2012 09:10 PM

للاسف ان يكون هذا الكلام يصدر من كاتب عربي ومسلم يريد من امريكا والغرب وتركيا ان تنجد الشعب السوري اذا كانت امريكا مشغوله بشؤونها الداخلية وتركيا لن تكون عربية اكثر من العرب فلما الاستجداء بالغريب اموال السعودية والخليج تزيل عشرة انظمه مثل بشار الاسد وبيد الشعب السوري ولكن للاسف ان نرى الاستجداء من امريكا وكان امريكا هي قدرنا اذا رضت علينا عشنا واذا غضبت متنا للاسف ان يصدر هذا الكلام من عربي خاطب حكومة في السعودية وباقي الخليج ودع امريكا والشعب السوري في حاله لانه لو تدخلت امريكا والغرب اذا كنا نتحدث عن 30الف شهيد في عامين فسوف نتكلم عن 300الف شهيد في اسبوعين اتقوا الله في الشعب السوري الظلم لن يدوم والله عزوجل اكبر من الجميع فاتقوا الله

2) تعليق بواسطة :
29-10-2012 03:27 PM

يالها من مفارقه عجيبه الكاتب يعيش وينتمى الى دول متخلفة ترضخ تحت انظمة إستبداديه قمعيه لاعلاقة لها لا مع الحضاره الإنسانيه ولا العداله الإجتماعيه ناهيك عن الدمقراطيه والحريه وعلى الرغم من ذالك لم اسمع منه كلمة واحده ينتقد بها هذا الوضع المأساوي إلا انه يسمح لنفسه ان ينتقد حضارة بلاد الشام ويريد توجيه شعبها وتعليمه الدمقراطيه ! هذا كفر سياسي ايها الكاتب وإستخفاف في عقولنا! فياله من زمن زمن العار الذي اصبحت فيه القومية تهمه والخيانه وجهة نظر ..!!

3) تعليق بواسطة :
30-10-2012 10:14 AM

khashogji is cheap, stupid and brainless

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012