أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


هيكلة البوتاس ... ومكافحة الفساد

بقلم : ماهر الموسى
06-11-2012 10:17 AM
طالعتنا المواقع الالكترونية يوم امس ، بنبأ عن تحويل ملف التعيينات في امانة عمان خلال هذين العامين ، الى مدعي عام هيئة مكافحة الفساد ، للتحقيق في قضايا فساد اداري ، تشمل تعيينات لاكثر من الفي موظف ، على اسس الواسطة والمحسوبية ، وقد فوجئت بطبيعة هذا الملف ، الذي يوجد شبيه له ربما مئات الملفات ، في معظم مؤسسات الدولة ، وبالاخص البلديات ، التي تشابه في عملها امانة عمان ، وقد كنت اظن سابقا ، ان عمل هيئة مكافحة الفساد ، وبالاخص في هذه المرحلة ، التي يتحدث فيها الجميع عن فساد بالملايين والمليارات ، يشمل فقط السطو على مال الخزينة وارضها ، كنت اظت ان عملها يقتصر على هذا المجال ، اي البحث عن الايدي التي امتدت الى المال العام بمبالغ ضخمة ، وساهمت في هذه المديونية العالية .

ان كون هيئة مكافحة الفساد ، معنية بمثل هذه القضايا ، فهو امر ايجابي ، ويشجعنا على المطالبة ، بان تمتد تحقيقاتها الى كل المواقع في اردننا الغالي ، والى ما جرى ويجري في الشركات التي تمت خصخصتها ، ومنها شركة البوتاس العربية ، ونحن هنا نتحدث عن مرحلة ما قبل تعيين معالي المهندس جمال الصرايرة ، قبيل اشعر قليلة في راس هرمها ، ولم يتسنى له بعد تنظيفها ، بل نتحدث عن ماض قريب ، ما زلنا نعيش معاناته يوميا ، على حساب صحتنا وراحتنا النفسية ، حيث يسود الفساد الاداري ، لمصلحة فئة من العاملين ، منحت الرواتب الخيالية والامتيازات ، كما منحت السلطة المطلقة لممارسة القهر والظلم ، ضد فئة من ابناء الاردن ، كانوا يفخرون على الدوام ، بانهم اغلى ما يملك الاردن ، عاشوا الى ما قبل الخصخصة ، مرفوعي الراس ، مصانة كرامتهم ، حتى جاءت الخصخصة ، فافرزت وحوشا لا يشبعون ، ولا يتوقفون عن نهش لحوم بني جلدتهم ، فبانت ساديتهم على حقيقتها ، وتعرى انتمائهم الوطني المزيف ، فاذ بهم عبيدا مخلصين ، لسيد توهموا انه يستهدف الوطن وابنائه ، فيرعوا في تقديم القرابين له ، لتاكيد الولاء ، والاستئثار بالمغانم ، وربما هو لا يدري ما يضمرون ، وهم له ظالمون ، ومن هذا المنطلق ، تسابق المدراء العرب ، لممارسة شتى الموبقات ، فمنحوا انفسهم واتباعهم المزايا من رواتب ومواقع ، وحرموا اخرين من حقوقهم الطبيعية ، وقد كانت غلطة المستثمر الكبرى ، وربما الوحيدة ، ان اطلق ايديهم لمثل هذه الممارسات دون رادع ، واغلق امام كل من ظلم ، ابواب المطالبة بالحق .

اننا غير معنيين بمهاجمة مستثمر ، جاء الى بلادنا ، انسجاما مع سياسة اقتصادية عالمية جديدة ، ولا نكن له اي عداوة ، ولا نطلب من مكافحة الفساد الاقتراب من المستثمر الاجنبي ، بل من المدير العربي ، الذي اساء لهذا المستثمر قبل ابن الوطن ، وشوه النظرة له ، فكان ما يقوم به ، انعكاس لثقافته المترسخة ، التي تربى عليها ، والتي نعتبر كل اجنبي عدو ، فاصبح عدوانيا شرسا ضد ابناء وطنه ، كي يفوز بالمغنم من الاجنبي مكافاة له كما يتوهم ، فالمستثمر الاجنبي ، وخاصة الغربي ، يهمه الانسان كما المال ، ولا يرضى ان يكون الاخير على حساب الاول ، وآن لهذا المستثمر ان يعرف انه خدع بهولاء المدراء العرب ، وانهم اساؤا له ، ويحاولون بث الكراهية ضده ، وهو الذي وثق بهم وبامانتهم ، وائتمنهم على حقوق العاملين ، آن لنا ان نقول ، ان المستثمر الاجنبي ، عندما اقر هيكلة الرواتب عام 2008 ، لم يدر في خلده الاعيب العرب ، وابداعاتهم في التزوير والفساد والايذاء .اراد المستثمر من الهيكلة رفع مستوى معيشة العاملين ، وتعزيز انتمائهم للشركة ، وتحفيز جهودهم لرفع مكانتها ، فكانت زيادات مجزية في الرواتب ، وصلت عند بعض العاملين لمضاعفة الراتب واكثر ، وعند المدراء لحدود خيالية ، زادت من شراسة عدوانيتهم ، طمعا في التهام المزيد ، عير الفساد والظلم والقهر ، ورغم الشكاوي المستمرة من اكثر من اربع السنين ، ولان المستثمر لا يثق الا بالمدراء ، فقد صوروا له الشكوى طمعا ، والحق باطلا ، دون ان يعلموا كم هو الظلم الذي وقع ، والحقوق التي انتقصت ، سواء في زيادات الرواتب ، او توزيع مغانم المواقع ، او فساد التعيينات ، وانني هنا اتحداهم ان يبرزوا الاسس التي عليها قامت الهيكلة ، لقد كانت اسسا من المحسوبية والتنفيع ، مارسها مدير الموارد البشرية الاسبق ، وشلته من المنتفعين ، الذين يتلقفون اي مسؤول عربي قادم ، يحيطونه بالعواطف المزيفة ، فهم خبراء في كيفية اكل لحم الكتف ، خاصة ان من ايجابيات المستثمر الاجنبي ، ان اغلق امام هذه الشلل كل الابواب ، دون ان يعلم انه يتعامل مع رؤوس وزعماء بعضها ، من المدراء العرب .

فهل يعلم المستثمر الاجنبي انه لا توجد اسس للهيكلة التي تمت ، الا اسس المحسوبية والشللية والفئوية والاقليمية والطائفية ، وان كل الدراسات التي تمت لم يؤخذ بتوصياتها ؟

هل يعلم المستثمر الاجنبي ، اسس التعيينات في الوظائف ، سواء من خلال التنقلات الداخلية ، او التعيينات الخارجية ، وانها كلها قامت على اسس الفساد ، وخاصة في السنوات الثلاث الاخيرة ، وهل يعلم قصة تعيين ابن احد مدراء الدوائر ، وهو الذي اشتهر بقهر العاملين معه ، ويتمتع لديهم بسيرة 'عطرة' ؟

هل يعلم المستثمر الاجنبي ، بحجم العمل الاضافي التنفيعي ، الذي منح لازلام المدراء واتباعهم ، دون النظر الى مصلحة العمل ، وكيف يتسابق فنيون وحتى عمال مياومة ، في الانتقال الى اقسام منحت نعمة التنفيع بالعمل الاضافي ، واصبح هذا التنفيع وسيلة لحرب قذرة ، تشن على اقسام يرأسها من لا يحظى برضى المدير ، فيحرم مع عماله وفنييه من اي عمل اضافي ؟

هل يعلم المستثمر الاجنبي ، اسس التقييم السنوي ، والاساليب الكيدية التي تتبع ، لحرمان 'الاعداء' من اتفه حقوقهم ، كيف لمهندس امضى 25 عاما بتقدير ممتاز واقله جيد جدا ، يقيم في اخر عامين من الخمسة اعوام المقررة لمنح الدرجة الادارية ، تقييما اقل من التقييم الذي يؤهله لهذه الدرجة ، مع انها ليست بتلك المزايا المغرية ؟

هل يعلم المستثمر الاجنبي ، ان تلاعبا بالمسميات الوظيفية ، قد انتشر كالنار في الهشيم قبل الهيكلة ، وان الجميع تسابق لتنفيع ازلامه بتغيير المسمى ، وخاصة في دائرة الصيانة عبر مديريها ، السابق واللاحق ، وان المسمى كان اساسا وحيدا واهيا ، اتخذ ذريعة للتنفيع للبعض ، وليس للجميع ، وان نفس المسمى نفع هنا ، وانتقص حقه هناك ؟

هل يعلم المستثمر الاجنبي ، الاسس التي يمنح فيها ناظر بدائرة الصيانة ، الدرجة المالية السابعة ، وقد امضى اكثر من نصف عمره في العمل الميداني الشاق ، وتقييمه لا يدل على اي تقصير ، بينما يمنح المهندسين الجدد الدرجة المالية الخامسة ، هل تعلم ايها المستثمر ان في هذا ظلما يصل حتى الكفر ، وجريمة تستحق العقاب ؟

هل يعلم المستثمر الاجنبي ، ان تلاعبا جرى في المهام الوظيفية قبل الهيكلة ، عظم مجال عمل فلان ، والحقت به اقسام لا تتجانس مع عمله الاصلي ، لتعظيم دوره ، وقزم عمل اخر لتحجيم دوره ، او اظهاره بدون عمل مجد ؟

هل يعلم المستثمر الاجنبي بحجم هذا التفوق العربي بالخبث والدهاء ؟

ان ثقتنا كبيرة في معالي رئيس مجلس الادارة ، المهندس جمال الصرايرة ، وهو ابن الوطن المخلص الموثوق ، المعروف بعشق الوطن حد التصوف ، ونتق بان هذا الوضع الشاذ سينتهي قريبا بعزيمته ، رغم خوفنا ممن سيضع العوائق في طريق نجاحه ، بعد الخطوات الجبارة التي قام بها ، في زمن قياسي ، وبعد اشهر معدودة من تعيينه ، عندما حطم احد اوكار الفساد ، واعاد الثقة بدور البوتاس الوطني ، من خلال دعم المجتمع المحلي و الوطن باجمعه ، وامر باعادة الهيكلة ، والاهم من ذلك كله ، انه اعاد البسمة والامل لعمال البوتاس ، حين دنا منهم ، ولامس همومهم ، وكانت اخر خطواته الرائدة ، تعيين نائب جديد للمدير العام للموارد البشرية ، وهو صاحب السيرة العملية العطرة ، ونثق بانه سيحطم الياس الذي ورثناه من اسلافه ، لكننا نطالب هيئة مكافحة الفساد ، ان تحقق فيما مضى ، بتلك الهيكلة الفاسدة ، وبكل اجراءات التعيين المزورة ، وبالترقيات والتنقلات ، التي نفذها المدراء العرب ، والاجنبي منها براء ، والتي لم تقم الا على اسس المجسوبية والشللية ، وان تحاكم وتعاقب المتسببين في الاذى المعنوي والمادي لمئات العاملين ، من اصحاب الحقوق المهدورة ، وهم من اصحاب الخبرة الطويلة ، الذين عاشوا وما يزالون اقذر معاناة في تاريخ البوتاس ، وهم الذين بنوا البوتاس بعرقهم ودمهم ، لياتي زمن يحرمون فيه من حقوق طبيعية ، وتمنح فيه المزايا والعطايا والمواقع ، للطارئين على البوتاس ، ممن هبطوا عليه بالبراشوت ، دون ان يشموا رائحة العرق باجسادهم ، ولا ان تنزف قطرة من دمهم ، بينما الذين اروا عطش المصانع بالدم والعرق ، اصبحوا غرباء فيه ، ينشدون الانصاف والعدل ، في هذا الزمن الرديء .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012