|
|
|
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الأمن القاتل
بقلم : سهام البيايضة 21-11-2012 10:11 AM استيقظت مجد الصغيرة من نومها ..لتجد انها لا تزال على سرير والدتها ..نظرت إلى أمها الغارقة في النوم ،ثم نظرت إلى مكان والدها الخالي . مجد في الخامسة والنصف من عمرها ،ولها غرفتها خاصة لتنام بها ، الا انها .تستغل انشغال والدها بالعمل متأخرا، أو حضور أصدقائه الذين يقضون أوقات طويلة في صالونهم ،يتصارخون ويغضبون من بعضهم البعض ويتناولون القهوة والسجائر ،يتحدثون بأمور كثيرة لا تفهم معظمها،وكثيراً ما سمعت أمها تسكتهم قائله لوالدها : فكونا من السياسة ..يا احمد ،انظروا ما يحدث للشعوب حولنا ،الله يديم علينا الأمن والآمان ..ستقضون على أنفسكم غيضاً وكمداً، وقد انقسم المجتمع .. أقرباء وأبناء عم، إلى موالين ومعارضين !' وجود مجد على سرير والدتها ..جعلها تعتقد أن سهرة والدها مع أصدقائه، لم تنته بعد .لأنه في العادة، وعند عودته للنوم ،يأتي ليحملها ويضعها في سريرها الخاص . ضوء الممر لا يزال مشتعلاً..لكنها لم تسمع أصوات نقاشاتهم وصراخهم المعتاد . بالأمس كان والدها مغتاظا جداً، ويصرخ في وجه أصدقائه قائلاً :إنهم يستغلونا ،الوطن سيضيع من بين أيدينا ،متى سيتخذون بنا القرار الصحيح ؟ والدها كان غاضباً جداً ولا تعلم سبب غضبه ؟ولماذا هو غاضب منهم هكذا ؟.ربما كانت هي السبب ..فكثير ما كان يقول : ..أريد لمجد أن تحيى، حياتها في وطن يحترمها كمواطنة ، يجب أن افعل شيئاً من اجلها، أن تكون حياتها كريمة ووطنها آمن . كلمات كثيرة لا تجد مجد،لها أي معنى ،لكنها كلمات كبيرة، كلما سألت عن معناها .رد والدها :ستفهمينها لوحدك عندما تكبرين ' فقر ،بطالة ،حرية .مواطنة..فساد ..سحيجه .. .وأصعب تلك الكلمات، تلك الكلمة، الطويلة التي قطعها والدها حتى حفظتها جيداً :'ديمو..قراط ..ية'...انها تلفظها الآن كاملة، وبدون تقطيع ..ديمقراطية ! انسلت مجد من حضن أمها ،وهي تعيد الغطاء لتدثرها خوفاً من لسعات البرد التي سرت في جسدها الصغير عندما لامست أقدامها ارض الغرفة متوجهةً إلى صالون البيت . أثناء مسيرها في الممر سمعت صوت التلفاز الخافت ،الذي لا يزال على تلك القناة الإخبارية ، أمام والدها ،الذي كان نائما فوق مقعدة المخصص له والذي اعتاد الجلوس عليه ،اقتربت من والدها الغارق في النوم وقد سقط راسه فوق صدره .. مدت مجد يدها لتضعها فوق يده تحاول ان توقظه 'بابا ..بابا ..انهض يا بابا ' رغم تحريكها ليد والدها الا انه لم يستيقظ ..عادت لتهزه بيديها الصغيرتين .. لم يصحُ لها . ركضت الطفلة إلى غرفة أمها الغارقة في النوم ..تهزها بعنف لتوقظها هي الأخرى ' ماما ..ماما ..ماما .' استيقظت الأم هلعة من صوت ابنتها وإصرارها: 'ماذا يا مجد ..خير يا ماما لماذا لا زلت مستيقظة ؟هل يؤلمك شيء ؟ مجد ببراءة 'ماما ..بابا نائم في الصالون ..وجسمه بارد ..حاولت إيقاظه لكنه لم يسمعنِ!! نهضت الأم بسرعة ،طارحةً أغطيتها بعيدا عنها ،مدركةً أن زوجها ربما ،ارتفع ضغطه نتيجة لتفاعله مع الأخبار،أو غاب عن الوعي بسبب نوبة السكري. بالأمس كان غاضباً جداً هو أصدقائه الذين اجتمعوا كعادتهم ،الأوضاع لم تعد تطاق والرواتب لم تعد تكف..عرب يقتلون في كل يوم .. وفساد يستقوي على الناس ، وصل إلى قوت أطفالنا ، بحجة الحرص على الوطن والخوف عليه . 'كذب ..كذب ..كل ما حولنا أصبح كذباً ونفاقاً ،في ديباجة الأمن والآمان ..يتاجرون بالوطنيات ويستغلون مآسينا ..سرقونا وسرقوا وطننا ..حتى أحلامنا ومستقبل أطفالنا الذي رهنوه للدين والعجز ..سندفع ثمن تراخينا من أرواحنا وكيان أبناءنا ..سنموت أمام شاشات التلفاز والانترنت، إذا لم نحصل على حقوق مواطنتنا كاملة ' كانت هذه آخر كلماته التي سمعتها ،بعد أن قرأ لها رسائل الشتم والتهديد، وتهم الخيانة ، التي تصله كل ليلة قبل أن يذهبا إلى النوم! وصلت الأم إلى الصالون.. اقتربت من زوجها النائم بعمق على مقعده ، يده اليمنى قريبة من منفضة سجائره ، لا تزال سيجارته التي أشعل طرفها داخل المنفضة .. احترقت كاملة ورمادها المتماسك .. وصل إلى عقبها. عادت لتهزه من جديد ..تريد أن توقظه غير مصدقةً، أن هاجسها المرعب قد تحقق وهي تمسك بجسده المتصلب البارد ..الذي لا يستجيب . احتضنت وجهه بين يديها .وهي تربت فوقه ،عله يستيقظ ..لكن لا استجابة . 'يا الهي ..حسبي الله ونعم الوكيل ' ذهبت الأم إلى ابنتها مجد ،احتضنتها بشدة ...وهي متسمرة بوجه زوجها ..ومن سكون اللحظة والمكان ،صرخت بأعلى صوتها :...'احمد '
التعليقات
1) تعليق بواسطة :
21-11-2012 01:24 PM
كاتبة *** وصاحبة فتنة، وهي تعرف انه شرارة الفتنة تبدأ من زرع البلبلة بين الشعب ورجال الأمن.
2) تعليق بواسطة :
21-11-2012 01:27 PM
له له له .... رحمة الله عليك يا احمد
3) تعليق بواسطة :
21-11-2012 01:37 PM
يا ستي قضاء الله وقدره .يموت من القهر وهو عارف انه هاي كتبه الله عليه لانه مولود بواحد من افقر بلاد العالم احسن ما يموت برصاص بشار الاسد وله معمر القذافي .انتي واحنا كلنا ننعم بامان نشكر الله عليه كما يجب ان نشكر الله على السراء والضراء . كنا نطلق اتهامات لمعمر القذافي وحسني مبارك فماذا فعل خلفاءهم . ضعي نفسك مكان المسؤول واعطينا خطه انقاذ للباد منطقيه من غير ما يستعملوا اخوانا العرب الاردن لضرب سوريا وتعريضنا كلنا للخطر . بدل ما يقعد رحمه الله عليه يدخن ويحكي بالساعات واهله يناموا وهو صاحي . في عندي عامل ببستان زيتون من الجنسيه المصريه يشتغل عندي اربع ايام بالشهر دخله الشهري لا يقل عن 1500 دينار لانه ينام على المسا والصبح يطلع عشغله . احنا مو خلجيين عشان نتعنطز عالدوله
4) تعليق بواسطة :
21-11-2012 06:07 PM
الامن نعما منعم الله على العباد اني منفتح على الكثير من امور الحياه العامه في الاردن ولكن ماثار دهشتي بئن الربيع العربي اتا الينا بسلاح ذوحدين حد منهو يطالب بل الاصلاح والحد الاخر يطلب بفتنه واني مع الحد الذي يطالب بل الاصلاح ولكن حينما تكون بعض المطالبات تنادي بتحرر وشاهدة البعض من النساء زوجها اكرمهو الله بئن يصلي ويصوم ويعتمر ويحج ويقوم بعمله على اكمل وجه ولكن الزوجه تخرج من بيت زوجها الى عملها او الى زيارة صديقى لها دون مرعاة شروط ابسط امور الحياه الدينيه وعدم القتناع بلس الشار على رائسه وعدم لبس الجلباب اين الحريه واين المطالبه بل الاصلاح
5) تعليق بواسطة :
21-11-2012 10:57 PM
لأول مره مقالك يبكينا يااستاذه سهام
6) تعليق بواسطة :
22-11-2012 09:37 AM
أولاً شكراً أخت سهام على المقال الواقعي الرائع
7) تعليق بواسطة :
22-11-2012 05:25 PM
اخ صرايره
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
الرد على تعليق