أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الاصطفاف الخطير

بقلم : د. رضا المومني
05-12-2012 10:59 AM
بدأ الحراك المجتمعي منذ عامين حيث كان امتدادا وجدانيا لما حدث في دول عربية مثل تونس ومصر وغيرهما , كان حراك عفوي اجمالا وقد كان لة من الاسباب الموضوعية ما يكفي لنقض نظرية المؤآمرة . كان منها ولا يزال الشعور الغامر بالغبن والظلم وانعدام الموازين في العلاقات الاقتصادية بين الناس وفقدان اسس العدالة الاجتماعية في الانتاج والاستهلاك والحصول على العوائد المعيشية التي لا بد منها في ارساء اسس السلم المجتمعي والتخفيف ما امكن من شدة التناقض الطبقي الكامن في صلب العلاقات الانتاجية ,حيث الفقراء قد ازدادوا فقرا والاغنياء قد ازدادوا غنا وتآكلت الطبقة الوسطى التي بحجمها الفعلي يتقرر مدى الاستقرار الاجتماعي في أي مجتمع كان يسود فيه
النظام الرأسمالي.
ومع تصاعد وتيرة الحراك تنامت الارادة الجماهيرية مطالبة بالاصلاح والتغيير في ما يختص بالانظمة والقوانين المتعلقة بمنهجية الحكم للدولة وعلى رأسها مراجعة الدستور بأكمله وتعديله يما يتلائم من مقتضيات الحداثة والمعاصرة ووضع قانون للانتخابات يكون قادر على تمكين الشعب من ايصال ممثليه الحقيقيين الى سدة السلطة التشريعية , وتنامت ارادة الناس في محاربة الفساد واصرارها على فتح ملفات الفساد كلها وبأكملها ومحاسبة القوى الانتهازية التي قادت وفي غفلة من الزمان عملية ممنهجة أدت الى بيع مقدرات البلد والدولة بالثمن البخس ومكنت هذة القوى الظلامية من الامساك بعنق الشعب في قوته وحاضره ومستقبلة ,وتركوا الوطن مكشوف العورة يتسول لقمة العيش على قارعة الطريق في اسواق البترودولار, ودفعوا المواطن عريانا نحو الرشوة وبيع الذمة فقد اصبح المواطن الفرد على قناعة تامة بأن كل شيىء قابل للبيع الضمير والوجدان والشهامة والوطن وحتى الدين وصار من غير المعيب ان يقبل الرشوة وأن يبيع صوته لفاسد في مهازل الانتخابات النيابية المتكررة. .
ومع استمرار الحراك ومحافظته على سلمية الوسيلة ونبل الغاية , بدأت مرحلة الاصطفاف بين القوى فكانت في البداية بين فريقين اولهما قوى الاصلاح والتغيير ومحاربة الفساد يرفع لوائها الفصائل الوطنية كافة الاسلامية واليسارية والقومية والمستقلة ذات البعد الوطني الاصلاحي,أما الثانية فكانت قوى الفساد والافساد رفعت لواء الشد العكسي , أما موقع النظام الممثل بالملك فكان في بدايات الحراك خارج هذا الاصطفاف بل أنه كان يميل الى كفة قوى الاصلاح بل انه في البداية أمسك بزمام ضرورة اللحظة وعمل على قيادتها وكان هذا موقف ذكي يسجل له في ضبط البوصلة نحو الاتجاه الصحيح من ناحية ومن الناحية الاخرى فقد كان هذا الموقف حاسما في التأسيس لسلمية الحراك والنأي به عن سبل العنف والعنف المضاد
بعد ذلك أخذت الامور تسير بطريقة سادت بها الضبابية وأحاطت بها الكثير من مظاهر الغموض , حيث قامت قوى الشد العكسي ببذل كل الطاقات المتاحة والامكانيات المتوفرة والاساليب الخبيثة التي عملت ولا زالت تعمل ما من شأنه كسب النظام للاصطفاف الى جانبها في مواجهة الغالبية العظمى من الشعب ,ونجح بعض من هذه المحاولات حيث بدى ذلك واضحا في التعامل الرخو مع ملف الفساد والتطاول على المال العام الذي ساد خلال اكثر من عقد من السنين وملف الخصخصة وبيع أصول المؤسسات الاستراتيجية التابعة للقطاع العام وأهم الموارد التي بمجملها تشكل اسس الكيان الاردني .ثم تبدى ذلك من خلال ظاهرة الولاء والانتماء التي شاعت عبر البلاد حيث كان تنظيمها يتم بايعاز من جهات متنفذة من خلف الكواليس,ظاهرة عملت قوى الشد العكسي من خلالها على شق المجتمع الاردني عموديا الى موالاة ومعارضة وبشكل ممنهج وخبيث وكأن هناك فريق موال لنظام الحكم يسانده ويدافع عنه ويعمل على الابقاء عليه وآخر ضد هذا النظام يعمل على اسقاطه وتقويض اركانه وهو ما لم يكن لة وجود فعلي على أرض الواقع ولم يكن النظام بحاجة له على الاطلاق حيث ان النظام الملكي كان دائما ولا زال موضع اجماع وقبول من قبل كافة اطياف ومكونات المجتمع ولم تكن هناك من أصوات محسوبة على الحراك ترفع شعارات منادية باسقاط النظام , ظاهرة الولاء والانتماء هذه علاوة على انها مصطنعة ولا لزوم لها فانها اخذت تحمل في وجدان كل مواطن مثقف وواع وشريف ومخلص لوطنه وشعبة مفهوما آخر ومعاكس تماما لما اريد له من قبل قوى الشد العكسي حيث أصبح يترجم وبكل بساطة الى: ’موالاة للفساد ومعارضة للفساد’ لا اكثر من ذلك ولا أقل مما قد يؤسس لنوع من التفكير لا النظام بحاجة له ولا الحراك ولا الناس أجمعين.
بالاضافة الى ذلك فان مظاهر الولاء والانتماء هذه أصبحت منابر للفاسدين والمنافقين والمتزلفين والانتهازيين وتجار المواقف الهزيلة ومن خلالها اصبح النظام في عيون الناس كأنما الأسير بين يدي قوى الشد العكسي وأصبحت تتشكل صورة أخرى للمشهد السياسي الاردني تحوي معارضة تنادي بالاصلاح ومحاربة الفساد وموالاة تعمل ضد الاصلاح وتحمي وتدافع عن الفساد والمفسدين, فهل هذا حقا هو ما اريد له ان يكون من قبل صانع القرار وهل هذا في صالح البلد من قريب أو بعيد أم ماذا؟ . انه استقطاب واصطفاف مشؤوم يدفع البلد نحو المجهول وهذا ما لا يريده أو يعمل من أجله عاقل ,وبالرغم من ايماننا العميق بأن الملك لا ولم ولن يرضى ان يكون في صف المفسدين قوى الشد العكسي تحت راية الولاء الزائفة ومع الحق الذي يراد بة باطل , الا أنها هكذا هي صورة المشهد في نظر كل من يتأمل الواقع الحالي, مشهد ما صنعناه نحن المواطنون ذوو النوايا الحسنة بل صنعته وتستمر في صنعه أيادي قوى الشد العكسي التي تعمل ليل نهار للبقاء قوية دفاعا عن مصالحها الخاصة الانانية ولو كلفها ذلك دفع البلد نحو الهاوية على قاعدة(علي وعلى أعدائي) لأن شخوص قوى الشد العكسي هذه لا وطن لها سوى ما استحوذت عليه من أموال الوطن المنهوبة.
ظاهرة أخرى بل خديعة معيبة أخرى أصبحت تتطور في البلاد هي ظاهرة التخريب المتعمد للممتلكات الحكومية والخاصة وقطع الطرقات والاعتداء على أفراد و مكونات الحراك بل وعلى أفراد قوى الامن الحافظة للنظام بصورة من البلطجة الفجة المكشوفة للعيان والصاق هذة الاعمال المشينة بالحراك الشعبي الوطني الاصلاحي السلمي بصورة يدرك مغزاها ودوافعها الجميع وحتى أطفال المدارس , فمن هو المسؤول عن هذة البلطجة وهل كل أجهزتنا الامنية المحترمة والمشهود لها بالكفاءة والمهنية العالية عاجزة عن ضبط هذة الظاهرة ومعرفة من يقف وراءها.( لقد اعترف دولة الدكتور معروف البخيت قبل أيام ومن على الشاشة التلفزيونية بالصوت والصورة بأن لا شأن للحراك بأعمال التخريب التي تمت) , والادهى من ذلك اطلاق موجة أخرى من المهرجانات عقب أحداث التخريب في مختلف المحافظات والالوية تستنكر هذة الاعمال وتشير بالهمز واللمز وكأن من قام بهذه الاعمال المشينة هم شباب الحراك.
ان كل من يحب الاردن ارضا وشعبا ,حاضرا ومستقبلا ويريد الخير لهذا البلد يرجو ويناشد أصحاب القرار في البلد ان يتم اخراج الفاسدين من تحت عباءتهم التي يحتمون بها وأن يبقى الملك واقفا في صف دعاة الاصلاح والتغيير ومحاربة الفساد بكل وضوح وعزم وتصميم وحصر الفاسدين وقوى الشد العكسي ومحاصرتهم ومحاسبتهم واسترداد الاموال التي قاموا بنهبها واخراج البلاد والعباد من قبضتهم الغاشمة,لأنه وبهذة الطريقة فقط سوف يكون خلاص البلد في هذه الظروف الصعبة من الضائقة الاقتصادية السياسية المركبة.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
05-12-2012 01:33 PM

للكاتب:

اتفف معك في كثير مما ذهبت إليه إلا ما استهللت به مقالتك : فلم يكن يوما الحراك في الأردن " امتدادا وجدانيا لما حدث في دول عربية مثل تونس ومصر وغيرهما" كما تقول أنت !!!

الأردنيين انطلقوا في مسيرات الإصلاح قبل ما يسمى الربيع العربي بعدة أشهر ",وليس كما تقول أنت أو ما يقوله ساستنا وعلى اعلى المستويات وفي جميع المحافل الدولية حيث يسوّقون للآخرين أن ما يجرى في الأردن ما هو إلا عدوى الربيع العربي أو امتداد لما يحدث في المنطقة وكأننا في الأردن ليس لدينا واقع مرير ثرنا عليه!!!!!
ما يحدث في الأردن ,يا صديقي, ليس ربيعا عربيا بل هي حالة أردنية بإمتياز.

2) تعليق بواسطة :
05-12-2012 01:37 PM

من اجل الأجيال القادمة.
احد كتاب الظلام ادعى أن مشكلة قادة الحراك تكمن في عزلتهم في المجتمع وعدم وجود عمق اجتماعي يساندهم !
الغبي لم يفهم بعد أن الحراك الشعبي بات يشكل بعبعا للمفسدين ووسيلة ضغط عالي على أجهزة الدولة المعنية في المحاسبة, وان الأسلوب البوليسي الجديد هو الدليل على ذلك.
وهو لم يفهم بعد أن خطوات الإصلاح بالرغم من تواضعها هي نتيجة حتمية لحراك الشارع الأردني.
الغبي لم يفهم أنهم يعملون من اجل الأجيال القادمة.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012