08-08-2010 02:58 PM
كل الاردن -
منصور: مبالغة الحكومة بفرض قيود على تدفق المعلومات يتعارض مع الاتجاه العالمي باعتبار الإنترنت حق من حقوق الإنسان
ندعو الحكومة للعدول عن هذه التشريعات والحوار مع المؤسسات الإعلامية للوصول إلى تفاهمات تكفل حرية الإعلام
أعرب مركز حماية وحرية الصحفيين عن مخاوفه من أن يتسبب تطبيق قانون جرائم أنظمة المعلومات والذي أقرته الحكومة مؤخراً في التضييق على حرية الإعلام الإلكتروني بما يتعارض مع الدستور والمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن.
وقال المركز في بيان صادر عنه أن القانون الجديد لا يشكل قيداً على حرية الرأي والتعبير فقط وإنما يمس الحريات الشخصية.
وحذر المركز من استخدام القانون لعبارات مطاطية فضفاضة وغير منضبطة قد تستخدم للنيل من حرية الإعلام الإلكتروني مثل عبارة "مناف للحياء".
وأكد مركز حماية وحرية الصحفيين أن المادة 13/ أ والتي تعطي لموظفي الضابطة العدلية الحق بدخول الأماكن وتفتيش الأجهزة والأدوات والبرامج لمجرد "الاشتباه" هي الأكثر خطورة على الحريات الإعلامية والشخصية لأنها تتم دون إذن المدعي العام والقضاء.
وأشار إلى أن هذه المادة مخالفة صريحة لعهد الحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه الأردن لأنها ترتب قيوداً غير محدودة.
وأوضح المركز في بيانه أن هذا القانون سيخلق تعارضاً وارتباكاً قانونياً سوف ينعكس على التطبيقات القضائية، فعلى سبيل المثال فإن جريمة الذم والقدح معالجة بقانون العقوبات، أما جريمة التحقير فلا تتحقق بقانون العقوبات إلا إذا كانت وجهاً لوجه، في حين يجيز هذا القانون قيامها عبر شبكة الإنترنت.
وبين المركز أن مشكلة التطبيقات القضائية ستمتد وتنسحب إلى المحكمة المختصة بين محكمة البداية ومحكمة الصلح وما يترتب عليها من اختلاف في الإجراءات والجهة التي تباشر دعوى الحق العام وتتابعها أمام المحاكم واختلاف مدد الطعون والجهات التي تنظرها.
ونوه بأن هناك إشكالية أخرى ستنتجها النصوص القانونية الواجبة التطبيق في الجرائم المرتكبة بواسطة المواقع الإلكترونية وما يترتب عليها من اختلاف في العقوبات، وما يزيد من تعقيد هذه الإشكالية قرار محكمة التمييز والذي أخضع المواقع الإخبارية الإلكترونية لقانون المطبوعات والنشر.
وقال الزميل نضال منصور الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين أن القلق والمخاوف على حرية الإعلام الإلكتروني تتزايد بصدور هذا القانون لتزامنه مع إجراءات الحكومة بحجب المواقع الإخبارية الإلكترونية عن موظفي الدولة، وصدور التعليمات التي تحظر على الموظفين الإدلاء بأي معلومات تحت طائلة قانون أسرار ووثائق الدولة الذي يشكل قيداً صارخاً على حرية الإعلام ويتناقض حتى مع قانون ضمان حق الوصول للمعلومات.
وأضاف منصور أن مبالغة الحكومة بفرض قيود على تدفق المعلومات وحق الموظفين في الوصول للمواقع الإخبارية يتعارض مع الاتجاه العالمي باعتبار الإنترنت حق من حقوق الإنسان.
وأوضح منصور أن الإجراءات الحكومية التي تضعها لضمان إنتاج عمل موظفي الدولة يجب أن لا تشكل إرهاقاً لأي من الحقوق الأساسية للإنسان ولا تتعارض مع حقوق دستورية أو معاهدات دولية صادق عليها الأردن.
ونوه بأن الإجراءات الحكومية بحجب المواقع الإخبارية لا تكفل وحدها إنتاجية وانضباط الموظفين، فهناك استخدامات أخرى للكمبيوتر والإنترنت ما تزال متاحة للموظفين وتشكل إضاعة للوقت ويمكن الوصول إليها والاستمرار بها.
ودعا منصور الحكومة إلى اتخاذ التدابير التي تكفل إنتاجية الموظفين خلال ساعات عملهم دون التعسف بحق المواطنين في الاطلاع على المعلومات من كل المصادر فهذا حق أجدر بالرعاية، خاصة وأن خدمات الإنترنت غير متاحة لكل المواطنين في منازلهم بسبب الأعباء الاقتصادية عليهم وصعوبة خدمات الاتصال في كثير من المناطق، وفي الوقت نفسه لا يمكن مقارنة الأردن مع الدول الديمقراطية التي تحدد استخدامات الإنترنت لموظفي الدولة لأنه متاح ومتوفر لهم جميعاً في منازلهم.
وناشد منصور رئيس الحكومة سمير الرفاعي العدول عن هذه التشريعات والقرارات والتعليمات التي تفرض قيوداً حتى لو كانت محدودة على حرية الإعلام بكافة أنواعه، حتى لا تفسر بأنها توجهات وإجراءات سياسية للحد من حرية الإعلام والتي يطالب جلالة الملك أن تكون سقفها السماء، داعياً الحكومة إلى البدء بحوار مع المؤسسات الإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني للوصول إلى تفاهمات تكفل حرية الإعلام وفي الوقت ذاته تتوائم مع توجه الحكومة للحفاظ على إنتاجية الموظفين وضمان أمن التعاملات الإلكترونية من القرصنة والجرائم.
مطالعة قانونية حول قانون جرائم أنظمة المعلومات المؤقت
إعداد: المحامي محمد قطيشات مدير وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد" ـ مركز حماية وحرية الصحفيين
لقد جاء هذا القانون ليجرم أفعال يعتقد المشرع الأردني أنها جرائم خاصة بالانترنت، وقد ورد في هذا القانون ثلاثة عشر جريمة في المواد من 3 ـ 12.
على أي حال يمكن اعتبار جريمتين منها متعلقة بالنشر الالكتروني عبر الإعلام الالكتروني وهي على النحو التالي وسنسلط الضوء على تلك الجرائم بالتحليل القانوني لبيان أثرها على المواقع الالكترونية:
أولاً: جريمة الذم وجريمة القدح وجريمة التحقير:
حيث نصت المادة (8) من هذا القانون على الآتي:
(كل من قام قصداً بإرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص يعاقب بغرامة لا تقل عن (100) مائة دينار ولا تزيد على (2000) ألفي دينار).
وحقيقة إن تنظيم هذه الجرائم الثلاث في هذا القانون لم يكن موفقا على الإطلاق ولن يكون له أي أثر بالنسبة للمواقع الالكترونية وذلك للأسباب التالية:
أ) عالج قانون العقوبات الأردني في المواد 188 و189 تعريف الذم والقدح والتحقير والصور التي يمكن أن يقع عليها، ومن خلال ذلك يمكن القول أن إضافة هذا النص القانوني هو لزوم ما لا يلزم في التشريع وهو عبارة عن مزيد في اللغو في التشريع، لان القواعد العامة في التشريع العقابي الأردني تعالج جرائم الذم والقدح بواسطة الإنترنت.
ب) إن القانون نفسه عاد وقال في المادة 16/ أ بأنه:
(يراعى عند تطبيق أحكام هذا القانون عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ورد النص عليها في أي قانون آخر).
بمعنى أن نصوص قانون العقوبات التي نظمت تلك الجرائم هي التي ستطبق من حيث العقوبة فبالتالي لا يوجد أي أهمية أو أثر للعقوبة الواردة في المادة 8 من قانون جرائم أنظمة المعلومات. لأن العقوبات الواردة في قانون العقوبات هي عقوبات أشد وتتضمن عقوبات سالبة للحرية وعقوبات مالية أيضاً.
ج) للأسف تدلل هذه المادة على ضعف قانوني عميق لدى المشرع الأردني حيث أورد جريمة التحقير في المادة الثامنة السابقة. فالتحقير وفقا لتعريف قانون العقوبات له يجب أن يكون وجها لوجه، أما هذا القانون فقد اعتبر أن التحقير من الممكن قيامه عبر شبكة المعلومات "الانترنت". وهذا عيب تشريعي خطير.
ثانياً: جريمة إرسال أو نشر كل ما هو مرئي ومسموع أو مقروء مناف للحياء موجه إلى أو يمس شخصا لم يبلغ الثامنة عشر من العمر:
حيث نصت المادة 9/أ:
(كل من أرسل أو نشر عن طريق نظام معلومات أو الشبكة المعلوماتية قصداً كل ما هو مسموع أو مقروء أو مرئي مناف للحياء موجه إلى أو يمس شخصا لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن (300) ثلاثمائة دينار ولا تزيد على (5000) خمسة ألاف دينار).
وفي هذه المادة يتجلى مأخذ كبير على المشرع الأردني، والذي يتمثل في الآتي:
من المعروف فقها وقضاء وقانونا انه عندما يتم صياغة قاعدة تجريمية معينة يؤخذ بعين الاعتبار عمومية القاعدة وتجريدها واستقرارها وبحيث لا تخضع للتأويلات والتفسيرات. بمعنى أن تصل هذا القاعدة القانونية التجريمية إلى الحد الذي يمكن أن تحقق فيه العدالة الاجتماعية.
والمطلع بعين الفاحص القانوني على المادة 9 من هذا القانون سيجد أن الفعل المجرم هو نشر كل ما هو مقروء أو مسموع أو مرئي مناف للحياء الموجه أو الذي يمس شخص لم يبلغ 18 سنة.
وهنا لابد أن نطرح بعض الأسئلة:
1. هل هناك ضابط لمفهوم الحياء؟
2. هل الحياء لدى أبناء العائلة المحافظة ممن لم يبلغوا سن 18 هو نفسه لغيرهم من العائلات غير المحافظة.
3. هل يشمل هذا الحظر المواد الإعلامية التربوية؟
4. هل ستتحقق العدالة بتجريم فعل من هذا النوع إذا لم يكن مخلا بالحياء بالنسبة للبالغين؟
إن الإجابة على هذه الأسئلة من شانها النيل من شرف النص القانوني السابق وهو شرفه الدستوري.
ونعتقد أن العديد من المواقع الالكترونية سيتم مقاضاتها استنادا لهذه المادة، وستكون مدعاة لتطبيق نص المادة 13/ أ من هذا القانون وهي المادة الأخطر فيه والتي سنأتي على ذكرها الآن. والتي تجيز لرجال الضابطة العدلية بالدخول إلى الأماكن وتفتيشها لمجرد الاشتباه بوقوع جرائم بواسطة تلك الأجهزة والأدوات الموجودة في تلك الأماكن.
لقد نصت المادة 13/ أ على الآتي:
(مع مراعاة الشروط والأحكام المقررة في التشريعات ذات العلاقة، يجوز لموظفي الضابطة العدلية الدخول إلى أي مكان يشتبه باستخدامه لارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، كما يجوز لهم تفتيش الأجهزة والأدوات والبرامج والأنظمة والوسائل المشتبه في استخدامها لارتكاب أي من تلك الجرائم، باستثناء بيوت السكن إلا بإذن من المدعي العام المختص قبل الدخول إليها، وفي جميع الأحوال على الموظف الذي قام بالتفتيش أن ينظم محضرا بذلك ويقدمه إلى المدعي العام المختص).
ومن أهم الملاحظات التي يمكن إبداءها على هذه المادة الآتي:
1. استخدام لفظ مطاطي وفضفاض ومرن لا يوجد له ضابط محدد ومعيار منضبط وهو لفظ (يشتبه)، فمصطلح الاشتباه أساسا مخالف للدستور ولنصوصه التي كفلت الحرية الشخصية وحرمة المساكن والأماكن وحق الخصوصية.
ونعتقد أن هذا النص القانوني هو الأخطر في نصوص قانون جرائم أنظمة المعلومات لأنه يعطي الحق لأي موظف من موظفي الضابطة العدلية بالدخول إلى أي مكتب خاص بأي موقع الكتروني أو أي مؤسسة إعلامية أو أي مؤسسة خاصة أو عامة أو حتى مؤسسة مجتمع مدني تملك موقعا الكترونيا وتفتيشه والدخول إلى أنظمتها المعلوماتية وبرامجها ومن الممكن أيضا أن تحصل على رمز الدخول واسم الاستخدام أيضاً بحجة التفتيش. والأخطر من ذلك انه يمكن القيام بذلك دون الحصول على إذن من المدعي العام.
2. المخالفة الصارخة للمعايير الدولية لحرية الإعلام والتي تتمثل بالمعاهدات الدولية التي وقع وصادق عليها الأردن مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق العربي لحقوق الإنسان.
وتظهر مخالفة هذا القانون للمعاير الدولية لحرية الرأي والتعبير من انه ووفقا للمعاهدات الدولية التي صادق عليها الأردن، على الدول ألا تفرض قيوداً على حرية التعبير إلا إذا كانت محددة بنص قانوني وأن يكون الغرض منها هو حماية حقوق الآخرين أو سمعتهم أو الأمن الوطني أو الصحة العامة وأن تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي لحماية هذه المصالح ويعني هذا أن تلك القيود :
أ. يجب أن تكون محددة بوضوح وتلبي حاجة اجتماعية ملحة .
ب. يجب أن تكون أقل الوسائل المتوفرة تقيداً بمعنى عدم وجود أي وسيلة أخرى فعالة وتؤدي إلى فرض قيود أقل على حرية التعبير.
ج. يجب أن لا تكون القيود العامة فضفاضة أي أن لا يتم تقييد الخطابات بطريقة واسعة وغير محددة كما يجب أن تقتصر القيود على الخطابات المؤذية وألا تتجاوز لتقييد أشكال التعبير المشروعة.
د. يجب أن تراعي القيود مبدأ التناسب بما معناه أن تكون الفائدة التي تنتج عنها للفئات المستهدفة تفوق الضرر الذي قد يلحق حرية التعبير بما في ذلك فيما يتعلق بالعقوبات التي تجيزها هذه القيود .
هـ. على الدول أن تعيد النظر بإطارها القانوني لضمان أن جميع القيود على حرية التعبير تتلائم مع ما هو مذكور أعلاه.
وهذا ما لم يراعيه المشرع في نص المادة 13 من هذا القانون.
ومن الجدير بالذكر أن نصوص هذا القانون سوف تنعكس على التطبيقات القضائية، والتي تبدأ من مرحلة التحقيق التي تقوم بها النيابة العامة وتنتهي بمرحلة التقاضي على درجتيه. الأمر الذي سيؤدي إلى المزيد من الإشكاليات القانونية على صعيدين:
الأول: المحكمة المختصة بين محكمة البداية ومحكمة الصلح وما يترتب عليها من اختلاف في الإجراءات والجهة التي تباشر دعوى الحق العام وتتابعها أمام المحكمة واختلاف أيضا في مدد الطعون والجهات التي تنظر الطعون.
أما الثاني: النصوص القانونية الواجبة التطبيق الجرائم المرتكبة بواسطة المواقع الالكترونية وما يترتب عليها من اختلافات في العقوبات.
والسبب في ذلك ورود أن واضع هذا القانون لم يراعي وجود نصوص قانونية متعددة لذات الفعل، فهذا القانون عاقب على الذم والقدح بواسطة الانترنت في المادة 8 منه، وكذلك قانون العقوبات في المادة 188 و189، وكذلك قانون المطبوعات والنشر في المادة 38/د إذا ما طبق قرار المحكمة التمييز المشار إليه أعلاه .
وما يزيد الأمر اضطرابا هو كيفية تطبيق هذا القانون في ظل قرار محكمة التمييز الأردنية (جزاء) رقم 1729/2009 (هيئة خماسية) تاريخ 10/1/2010 والذي أخضع المواقع الإخبارية الالكترونية لقانون المطبوعات والنشر.
والسؤال الذي يثير إشكالية قانونية حقيقية والذي يجب أن يجيب عليه وضع هذا القانون المؤقت:
من هو القانون الأولى بالتطبيق على المواقع الالكترونية باعتباره قانون خاص به؟
هل قانون قانون المطبوعات والنشر بعد صدور قرار محكمة التمييز الأردنية المشار إليه أعلاه؟
أم قانون جرائم أنظمة المعلومات؟
وإذا كان الأخير هو الأولى في التطبيق باعتباره قانون خاص، فما هي حال الجرائم الأخرى التي من الممكن أن تقع بواسطة الانترنت ولم يتعالج في هذا القانون؟ هل سيطبق عليه قاعدة (لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص قانوني) وأن القانون الخاص بجرائم أنظمة المعلومات لم يأتي على تجريم تلك الأفعال؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة: لا يجوز النشر أو الاقتباس دون الإشارة إلى المصدر (وحدة المساعدة القانونية للإعلاميين "ميلاد") التابعة لمركز حماية وحرية الصحفيين.