أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


مرشح يشتري القطيع ويبيع أولاده!!!

بقلم : أ د.تيسير صبحي يامين
24-12-2012 11:22 AM

ونحن على أعتاب الانتخابات النيابيّة، نرصد بالبصيرة والباصرة ما يدور في ربوع الأردن، ونحاول من خلال هذه المعالجة القصيرة تسليط الضوء على جملة ملاحظات، ومنها:
(1) بعضهم يظن أننا القطيع، وبعض العلف (كالمنسف، أو الكنافة) تكفي لجلبنا إلى صناديق الاقتراع؛
(2) يقدمون لنا الوعود البراقة، ويراهنون على درجة الذكاء لدينا. وقليل من التفكير يكشف لك أن بعضهم يقدم وعودًا لا تستطيع الدول الكبرى الوفاء بها، فكيف يستطيع هذا المرشح أو ذاك الوفاء بها. كثيرة هي الوعود البراقة التي تبخرت عند عتبة البرلمان، وفي زحمة احتفالات المرشح بفوزه بالمقعد النيابي؛
(3) يغدقون على الناخبين بأوراق نقدية من فئة الخمسة دنانير، وعشرة، وحتى الخمسين، ولكل ناخب ثمنه! وهؤلاء على يقين أنّ 'استثماراتهم' هذه ستؤتي أكلها، وستعود عليهم بالملايين. يقول هؤلاء: 'كلها أربع سنوات، ومن بعدي الطوفان'. إنّها حقا تجارة رابحة؛ نشتري الأب بخمسين، ونبيع الابن (العجل) بألف دينار.
(4) أقرأ شعاراتهم وأظن للوهلة الأولى أن 'قلوبهم على وطن أعطى ولم يبخل، واحتضن بدفء وحنان، وبنى فأعلى البنيان' إلا أن هذه الشعارات اقترنت بأنانية مفرطة، وأخرجت ما في الجيب ودفعته ثمنا للوجبات الجاهزة وأطباق الحلويات والمناسف التي لا تعد ولا تحصى. وإن سألتهم دعما أو ضريبة ثارت ثائرتهم، وانتفخت أوداجهم، وشبعت الدنيا من ثرثرتهم. لم لا؟ فدعم الخزينة لا يستطيع جرها إلى صندوق الاقتراع؛ فالخزينة لا تباع ولا تشترى؛
(5) الديموقراطية حليب يرضعه المولود، ويتربى عليها، وتشكل جوهر التنشئة الاجتماعية بمفهومها الواسع. فأنا أعرف التنشئة الاجتماعية على أنها حصيلة الأفعال المجتمعية، في إطار مؤسسات المجتمع، التي تهدف إلى تحويل الكائن البيولوجي إلى كائن اجتماعي. وحده الكائن البيولوجي الذي يباع ويشترى؛ أما الكائن الاجتماعي فلا؛
(6) السؤال المحير دائمًا؛ إنْ كان كل هؤلاء يحرصون حقًا على هذا الوطن الجميل، ويرغبون في خدمته، فلماذا لا يقومون بذلك قبل دخول البرلمان، وأثناء تواجدهم تحت قبة البرلمان، وبعد الخروج من الحالة النيابية؟ وباعتقادي أن من يشهد تاريخه أنه لا يخدم إلا نفسه لن يخرج من جلده ويصبح بين ليلة وضحاها من المعنيين بالشأن العام؛
(7) كثيرة هي الشعارات المطروحة، وبعضها يحتاج إلى عقود وربما إلى قرون كي يتحقق، وليس في مقدور فرد واحد أن يحققها، فهي تتحقق بفعل جماعي مدروس ومخطط؛ فلا داعي للشعارات البراقة. هذا يريد إصلاح الاقتصاد ولو تركت له مسؤولية إدارة بقالة لتسبب في إفلاسها؛ وذاك يريد إصلاح التعليم وهو لا يعرف الفرق بين الألف وكوز الذرة (على رأي المصريين)؛ وتلك تريد الارتقاء بمكانة المرأة وهي لا تقرأ إلى مجلات الموضة وأحدث تسريحات الشعر؛ ورابع يريد القضاء على الفساد، وهو يبيع ويشتري كل شيء وبأي ثمن حتى تكرّش وانتفخت جيوبه؛ وخامس يريد محاربة صندوق النقد الدولي وهو يأخذ الإذن من زوجته متى شعر بضرورة قضاء حاجته؛ وسادس ينقد الوضع القائم وينظر إلى النصف الفارغ من الكأس وهو لم يضف ولو قطرة واحدة إلى النصف الملآن من الكأس؛ وثامن يرى أن الحل يكمن في منهجية شمولية وهو يتلقى التعليمات من راعي الجماعة الذي يسيره بالريموت كنترول (أي بالتحكم عن بعد). أتوقف عند هذا الحد؛ لأن النماذج كثيرة، ولا تستطيع هذه المعالجة عرضها جميعها؛
(8) وختامًا، أرسل إلى هؤلاء رسائل قصير، قد يلتقطها الناخب الذكي، فيحول بين هؤلاء وبين البرلمان، وهي:
الرسالة الأولى: لا تكن من القطيع، واحرص على ممارسة حققك في الترشح والانتخاب، ولا تقبل أنْ يتاجر هؤلاء بالأبناء والبنات في سوق النخاسين. والأردن لن يكون أبدًا مسرحا ومرتعا للنخاسين والانتهازيين؛
الرسالة الثانية: لا تقبل أن تكون سلعة تباع وتشترى في بورصة الانتخابات؛ بل يجب أن تكون رقما صعبا تقوده المواطنة الأردنية الحقيقية والضمير الحي؛ والوفاء للوطن وإنجازاته؛ والرغبة الحقيقية في التقدم والنماء والتغلب على كل المعوقات، ومقاومة كل الآفات؛
الرسالة الثالثة: من وجهة نظري أنّ النيابة تكليف وليست تشريف؛ وفاقد الشيء لا يعطيه حتى لو امتلك مال الدنيا. فلا تغرنكم المظاهر الزائفة؛
الرسالة الرابعة: لا تنتخب من يريد أن يكون في دائرة صنع القرار على حساب الوطن والمواطن، ومن أجل استعادة ما انفقه في الانتخابات، ومن ثم تعظيم مكتسباته، وتنفيع أتباعه؛
الرسالة الأخيرة: الانتخابات مهمة وضرورية واستحقاق، ولا تسمح لأي كان بحرمانك من هذا الحق. مارس حقك بالترشح – إن كانت لديك المؤهلات لذلك – والانتخاب، ولا تسمح بوصول من لا يمثلك حق التمثيل تحت قبة البرلمان؛ ولا تبخل على وطنك بضريبة المواطنة، واذهب إلى صندوق الاقتراع في الوعد المحدد، فالوطن بحاجة إليك. ولا تنخبني إنْ كان اسمي بين أسماء المترشحين!!
حكم ضميرك؛ واستشر عقلك؛ وفكر في مستقبل وطنك وشعبك؛ ثم انتخب. وأرجو الساعة لكم التوفيق، والمستقبل الآمن والمزيد من التقدم والازدهار.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012