أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


انطولوجية الكرك

بقلم : ابراهيم ارشيد النوايسة
28-02-2013 10:52 AM


تبعد مدينة الكرك عن العاصمة عمان (130)كم جنوباً، وتقع بين خطي عرض 18-31 إلى 12-31شمالاً وتمتد طولاً من 40-35 إلى 30-45-35 ومحيطها من الغرب البحر الميت ومن الشرق البادية الأردنية، وشمالاً الطريق الملوكي، وجنوباً وادي الحسا ،وتسمى بالمأثور الشعبي (خشم العقاب): أي أنف النسر الأسمر نضراً لموقعها الجغرافي المرتفع وقلعتها التاريخية الحصينة المشرفة على مدينة القدس العربية ولتي كانت تشكل خط الدفاع الأول عنها في العصور الغابرة، نظراً لموقعها الاستراتيجي المميز.
والتي تبلغ مساحتها الكلية (3451200) دونم ويصل ارتفاعها عن سطح البحر ما يقارب (1000) م من الحافه الغربية وتنحدر بشدة إتجاه البحر الميت لتصل ما دون سطح البحر (419) م التي تعتبر اخفض بقعة في العالم.
كما تنحدر شرقاً ليصل معدل الإنحدار من 6 % إلى 12% لتكون سهلاً متموجاً تتخلله
بعض التلال والجبال التي يزيد إرتفاعها عن (1300) م و(1054) مثل جبل الضباب الواقع جنوبي غرب المزار وجبل شيحان.
وتمتاز بمناخ لطيف صيفاً وماطر وبارد شتاءً وتتفاوت كميات هطول الأمطار من عام إلى أخر وتتساقط الثلوج عليها بنسبة ثلاثة مرات سنويا، كما تعتمد على مصادر المياه الجوفية المتمثلة بعين الإفرنج الواقعة إلى الجنوب الغربي من المدينة وهي ذات مياه عذبة وغزيرة، وعين بوابة القريبة منها وعين الست جنوب المحافظة وعين تينة، وعين العقبة،وعين الكرك والصفصافة، وعين البحاج والبندقية، وعين سارة دائمة الجريان..وغيرها...
وتشتهر الكرك بغاباتها الساحرة كغابة اليوبيل وعينون وإحراج وادي حماد التي تتوفر فيها المياه المعدنية للسياحة العلاجية ، والعينا والموجب والجرة والشقيف. وجبل الظويهره الذي يعتبر من أكثر المناطق ارتفاعاً وجمالا في محافظة الكرك وخصوصا لقربها من غابة اليوبيل ولو ربط الموقعان وحدثت فيهما الخدمات اللازمة ، لشكلتا منتجعا سياحيا مترامي الأطراف بإطلالته على مدينة الكرك وقلعتها التاريخية وغابة اليوبيل بأشجارها المتشابكة التي تكشف كامل منطقة وادي الكرك بخضاره وكرومه وبساتينها ومياه، كما عين سارة على جزء كبير من الشاطئ الشرقي للبحر الميت حيث تتنوع مظاهر الطبيعة الخلابة .
ويعتبر باب الذراع الذي يقع على بعد 26 كيلومتراً غرب الكرك مكاناً اثري سكنته موجات متلاحقة من الشعوب وجدت فيه الماء والأرض الخصبة والممر السهل للأراضي الفلسطينية ، ويعود تاريخ هذا الموقع للفترة مابين 2850- 2250 قبل الميلاد ووجد في الموقع مقبرة قدمت نموذجا غريباً لدفن الموتى إذ أن الهياكل العظمية وجدت في قبر والجماجم في قبور أخرى.
بالإضافة إلى محميتها التي تمثل غابات ساحرة، مثل محمية أبو ركبة وتغطي جزاءً من سهول منطقة الكرك، ومحمية الموجب وتقع على طول البحر الميت وترتفع إلى جبال الكرك بنسبة (800)م وفيها مواقع أثرية تمتد من العصور القديمة الى العصور الإسلامية كما تقدم المحمية للسياح رحلة المغامرات في نهر الموجب وتسلق الجبال الشاهقة ومشاهدة الطبيعة الخلابة كما يعيش فيها العديد من الحيوانات البرية مثل الضبع والوشق والماعز والغزال والذئب و(150)نوع من أنواع الطيور المختلفة ، ومن أثار وادي الموجب التي لا تزال شاهدة للعيان بقايا أثار نبطية وقلعة رومانية تسمى محطة الحج ويحيط بها سور ارتفعت منه أبراج للمراقبة ، ويقف أمامه جبل شيحان الشامخ الذي يحمل اسم شيحون ملك الاموريين.
ولا بد من الإشارة إلى أن أصول مدينة الكرك تعود الى العصر الحجري الأسفل وهو من أقدم العصور وتبين ذالك من خلال المسوحات الأثرية التي جرت في وادي عيسال وفج العسيكر ، وقد تبين من خلال المسوحات في الأغوار الجنوبية – حوض الذراع العثور على مستوطنة زراعية يعود تاريخها إلى (8000 ق- م) العصر الحجري الحديث من قِبل العالم.( raikes) وذالك عام (1976) م.
ومن خلال دراستي للمنطقة ، تبين بأن أرض الكرك الحالية كانت مأهولة بالسكان على امتداد العصور النحاسية ، البرونزية ، الحديدية (المملكة المؤابية) النبطية (332ق- م) ، والرومية (106)م، البيزنطية (336)م والإسلامية المبكرة من (634-749)م التي ازدهرت فيها المنطقة وبقيت دائمة ألاستقرار لمدة أربعة قرون من الحكم العباسي الذي انتهى عام (1142-1092)م .
وبقيت الكرك في أيدي الصلبين الذين استعمروها من عام (1188- 1250)م ثم الفترة المؤابية (1340- 1382)م ومملكة الكرك في عهد المماليك الجراكسة (1382-1516)م
وعلى أثر هزيمة قانصوى الغوري في معركة ( مرج دابق )وما تبع احتلالها من لحق البلاد وسوء الحال لكثرة الاضطرابات والفوضى , وفرض الضرائب , والتجنيد الإجباري .
خضعت الكرك تحت السيطرة العثمانية لمدة قرن ونصف تقريباً وفي( تشرين ثاني 2833) تم احتلال مدينة الكرك من قبل إبراهيم باشا ، وأدى هذا الاحتلال العسكري الى سوء معاملة أهل الكرك وسوقهم إلى الأعمال الشاقة ونهب أموالهم ، مما استدعى ، الشيخ عبد القدر شيخ مشايخ الكرك إلى دعوة شيوخ الكرك وتذاكر فيما بينهم إلى ما آلت إليه ظروف ،وتم الاتفاق على جمع السلاح والرجال لمهاجمة القلعة وباقي الجنود المصرين في منطقة الكرك وطردهم وتم ذلك بمهاجمة القلعة وقتل أربعين شخصاً من الجنود المتحصنين في القلعة واستسلام باقي الجنود وتم ترحيلهم إلى مصر عن طريق غزة ولقد ذكرت المصادر القديمة بأنه تم تجريدهم من ملابسهم وإرسال دليل معهم ليرشدهم الطريق .
في ظل هذه الثورات المتزامنة مع ثورة الكرك في غزة وعكا ويافا والخليل ونابلس وموقف انجلترا واغلب الدول الأوربية في مساعدة العثمانيين في اعادت بسط نفوذها على بلاد الشام ، انسحبت القوات المصرية من بلاد الشام في (9 كانون ثاني 1941).
وفي هذه الفترة وبعد الانسحاب المصري من الكرك ولمدة ما يقارب العشرين عاماً إلى تنازع القبائل فقد استحكم العداء بين منطقة الكرك وقبائل العمرو وعشائر بني حميدة من جهة ثانية.......................... تحت السيطرة العثمانية واعتقد إن تمسك بهذه المدينة من قبل الحضارات المتعاقبة جاءت نتاج ظروف جغرافية و إستراتيجية هامة ، الشاهد على ذلك بقيا تراث الحضارات البائدة والتي تزيد في مدينة الكرك عن (400) موقع أثري ، في قرى متعددة باختلاف الحضارات القديمة والحديثة نذكر منها أم العدول‘ والبليدة، ونخل ، وخربة رمانة ، أم علندة ، النميرة ، خربة نشيش ، وقصر العال ، وقصر نعمان ، وكهف لوط قرب البحر الميت ولواء المزار الجنوبي ومؤتة الذين يحتويان على أضرحة الصحابة رضوان الله عليهم وهم جعفر بن ابي طالب ‘ وزيد بن حارثة ، وعبدا لله بن رواحه ، وذلك أثناء استشهادهم في معركة مؤتة عام (629)م ، زحوم ، الثنية ، مجدولين ، بواب، سكاية ، أدر ، أبو ترابه ، أريحا ، سمرا ، سيل الكرك ، محنا(العدنانية)
سكا ، مشيرفة ، الغوير ، جديدة ، راكين ، بذان ، فقوع ، امرع ، صرفا ، الطيبة ، محي ، مدين ، العزيزة ، المريغا ، مجرا ، ام صرار ، جحرا ، سمر، عيزرا ، حمود ، العراق ، جدعا الجبور ، جدعة السيايدة ، الربة ، بيتير ، الوسية ، عينون ، أبو حمور ، الذراع ، عيسال ، مرد ، ياروت ، القصر ، الهاشمية ، أم رمانة ، المنشية ، دليقة ، رجم ، موميا ، شقير ، ذات راس ، العينا ، رجم العلندا ، المأمونية ، الحسينية ، خربة البترا ، الصخري ، أم حماط ، سول ، الثنية ، عي ، كثربا ، جوزا .
كما أود هنا أن أنوه أن أغلب المناطق الأثرية غير مخدومة بشبكة مواصلات وغير مدرجة في مكاتب السياحة والسفر وذلك لصعوبة الوصول لها والتعرف عليها من قبل السياح مما يجعلهم غير طولي الزيارة ولا يمكث سوى ساعات قليلة في قلعة الكرك وربما المزارات فقط ، وهذا مما يسهم في ازدياد نسبة البطالة في المنطقة والتي تقدر ب (25%) من قاطنيها البالغ (250.000) أف نسمة حسب إحصاء (2004)م كما تعتبر صناعة السياحة رافداً من روافد التنمية المهمة للملكة الأردنية الهاشمية ، وذلك من خلال وزراة السياحة والأثار لوضع خطط وبرامج تنموية وبناء فنادق تليق بتاريخ المكان العريق .
كما أعتقد بأن منطقة اللجون وما كشفت عنه البعثات الألمانية وغيرها من إكتشاف مادة الصخر الزيتي التي قدرت ب (40) مليار طن من احتياطي المملكة، والتي تحتوي على (4) مليار من النفط الخام التي تكفي المملكة لمئات السنين، سيما وأن مادة الصخر الزيتي الأردني تعتبر من اجود أنواع الصخور على المستوى العالمي ، كما أن منطقة اللجون الواقعة على الطريق الرئيسي بين منطقة القطرانة ومدينة الكرك ترفد العاصمة ومدينة الكرك ب (20) مليون متر مكعب من المياه مما تساعد المملكة من
شح المياه و ستسهم في الحد من نسبة البطالة في مدينة الكرك كما أسهمت في الحد منها مدينة الحسن الصناعية ، وجامعة مؤتة ، وشركة البوتاس الأردنية .
فتحية حب وإكبار لعاصمة مصر وبلاد الشام في عهد الملك الأشرف خليل بن قلاوون عام (1341)م.
ومنها تحرر المسجد الأقصى في عهد ملكها الناصر داواد عام (1239)م بعد عشر سنوات من الاحتلال الصليبي .
ومنها ثار الكركيون ضد الاستعمار العثماني المتعارف عليها (بالهية ) وكان ذالك عام (1910)م ومن قلعتها استشهد العشرات من النشامى الذين رفضوا ذل الاستعمار ومضوا في سبيل الله رؤسوهم مرفوعة للواحد القهار .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
28-02-2013 02:18 PM

لك التحية يا أستاذنا الفاضل إبراهيم
والله إنك أفدتنا ومنك تعلمنا اليوم الكثير عن محافظتنا.
الكرك يا أستاذنا الفاضل تختصر في مقولة العامة من أبناءها :(الكرك زينه).
شكرا اخي الكاتب وأنت ابن بلدي فلماذا لم ألتقي بك سابقا؟!.
إنه سوء حظنا....شكرا.

2) تعليق بواسطة :
28-02-2013 06:46 PM

شكرا ابو النوايسه افدتنا والله جزاك الله خير ا

3) تعليق بواسطة :
01-03-2013 05:03 AM

مقال رائع شكرا للكاتب

4) تعليق بواسطة :
01-03-2013 04:30 PM

أبدعت أستاذ ابراهيم باختزال هذا التاريخ وتسليط الضوء على جغرافيا
محافظتنا الجميلة ولكن تمنيت أن تكتب عن الحرمان والب}س والإهمال لدرة الأردن عاصمة مصر والشام سابقا والمنفى ومركز التدريب لموظفي الدولة الاردنية حديثا.
شكرا لك على وفائك لهذه الأرض الغالية
عليبنا جميعا.

5) تعليق بواسطة :
01-03-2013 06:54 PM

من ابدع ما قرأت مند مده,
كل التقدير للأستاذ إبراهيم النوايسه,ونتمنى عليه أن يكتب عن باقي ارجاء الوطن بنفس الاسلوب المختصرالوافي الممتع.

6) تعليق بواسطة :
02-03-2013 12:17 AM

شكرااستاذابراهيم مقالك رائع وانت رائع اتمنى لك التوفيق .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012