18-10-2010 07:00 PM
كل الاردن -
في وقت آخر، ومكان آخر أو أمة أخرى، كان عماد مغنية ليحقق نجاحاً كرجل أعمال، بحسب أقوال الضابط دافيد باركاي، خلال عام 1980 وأوائل عام 1990 كان باركاي قائداً للقاعدة الكبيرة في شمال اسرائيل التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية (امان).
باركاي كان مسؤولاً عن ملف عماد مغنية، ضمن أمور أخرى، وقد قدم هذا التقييم للمسؤولين عنه، وقام الصحافي رونين بيرغمان، من صحيفة "يديعوت أحرونوت" بنشره مؤخراً في كتابه المثير للجدل في اسرائيل وهو تحت عنوان: الحرب السرية على ايران، يقول ضابط المخابرات الاسرائيلي: "عماد مغنية، هو واحد من أكثر العقول خلقاً وعبقرية بين من صادفتهم في حياتي، يتمتع بادراك عميق، وفهم ممتاز للتقنيات وقدرات قيادية، لسوء الحظ، فإن مزيجاً من الظروف الجغرافية السياسية والشخصية، قادته ليوجّه مواهبه الرائعة الى طريق الدم والدمار صانعة منه هذا العدو الخطير، على حد وصفه".
يروي الكتاب قصة صعود عماد مغنية في حزب الله بفضل قدرته على استعمال القنبلة الذكية، أي الانتحاريين، ويتطرق الكاتب إلى من هو عماد مغنية بحسب وثائق المخابرات الاسرائيلية؟ وما هي الأعمال المنسوبة إليه في بدايات صعوده، وكيف انتقل من حارس شخصي لصلاح خلف في حركة فتح إلى حارس شخصي للسيد حسين فضل الله في حزب الله فإلى إبرز قيادي في الجناح العسكري لحزب الله.
وبحسب بيرغمان، قام العديد من عملاء المخابرات في كثير من البلدان بدرس الشخصية المعروفة بإسم "الثعلب".
باركاي وموظفوه وخلفاؤهم كرسوا ساعات لا تحصى لمغنية في معركة دهاء ماكرة، وقاسية لسنوات، بقي الاسرائيليون كما الامريكيون غير قادرين على وضع حد لأنشطة الثعلب المبتكرة والدموية، كان مفجراً مراوغاً، فالتقارير التي طالما توافرت لوكالات المخابرات الغربية عن مكان وجوده كانت تتضارب.
في لبنان، اعترف أحد مصادر المخابرات البريطانية وبخجل في عام 2001 أنه على الرغم من الاهتمام الكبير الذي توليه المملكة المتحدة للسيد مغنية، لم تكن لديهم فكرة عن مكان وجوده أو ما قد يكون يخطط له، في الولايات المتحدة، جاء في الكتاب: " كان عماد مغنية على قائمة المطلوبين لمكتب التحقيقات الفدرالي لواحد وعشرين عاماً، في 12 تموز من العام 2006 تمكن عماد مغنية من اختطاف اثنين من الجنود الاسرائيليين. لقد كان محارباً لا يقدر بثمن".
ولد مغنية في السابع من 7 كانون الاول 1962، في قرية طير دبا جنوب لبنان، وهو البكر لثلاثة أشقاء وشقيقة. والداه، أمينة ومحمود جواد، كانا قد تزوجا قبل عام من إنجابه وكان والده ملتزماً توفي في عام 1979، وهو واحد من القلائل بين أفراد الأسرة، مات موتاً طبيعياً، وفقا لملفات المخابرات الاسرائيلية، قضى مغنية معظم طفولته في منطقة بئر العبد، وهي واحدة من الأحياء الفقيرة في جنوب بيروت والتي ازدحمت بالفلسطينيين بعد فرارهم من الأردن عقب اتخاذ الملك حسين اجراءات صارمة هناك ضد منظمة التحرير الفلسطينية في ايلول 1970.
في أواخر عام 1970، ترك مغنية من المدرسة الثانوية، وانضم لحركة فتح، حيث خضع لتدريب على حرب العصابات، في وقت لاحق انضم الى قوات الـ 17، وحدة الامن النخبوية في فتح، وأصبح مغنية حارساً شخصياً لنائب عرفات، صلاح خلف (المعروف باسم ابو اياد). في عام 1982، عندما كانت منظمة التحرير الفلسطينية على وشك مغادرة بيروت لتونس نتيجة لغزو آرييل شارون للبنان، قرر كثر من أعضاء فتح اللبنانين، بمن فيهم عماد وشقيقاه فؤاد وجهاد، البقاء في لبنان. في عام 1983، في ذروة انشغاله بالتخطيط للعمليات الانتحارية ضد أهداف أمريكية، وفرنسية واسرائيلية في لبنان، وجد مغنية الوقت الكافي ليتزوج ابنة عمه، سعدة بدر الدين. ولدت ابنتهما فاطمة في 2 آب (اغسطس) 1984، وابنهما مصطفى في 7 كانون الثاني 1987. رغم أن مغنية خلال تلك الفترة كان أسلوبه في العيش علمانياً بالكامل، فقد انضم واخوته الى حزب الدعوة الاسلامية، وانضم لاحقاً لحزب الله .
في محادثة هاتفية سجلتها المخابرات الاسرائيلية في عام 1999، تحدث الشيخ نعيم قاسم عن مغنية قائلاً: إنه ليس قديساً كبيراً عندما يتعلق الأمر بالدين، ولكن انجازاته العسكرية المجيدة تعوّض عليه وتضمن له مكاناً في الجنة، خلافاً لغيره من قادة حزب الله الشباب، لم يكن مغنية قابضاً على نفوذ سياسي ولم يتمتع بسلطة دينية، كان ببساطة رجل المهمات والعقل المدبر لعمليات منظمته الاكثر جرأة.
وبرأي بيرغمان، الذي قام باجراء لقاءات عديدة مع مسؤولين سابقين في أجهزة المخابرات بـ"إسرائيل"، إنّ حرب لبنان الثانية، في صيف العام 2006، كانت محطة النشوء الثاني لحزب الله، كقوة عسكرية اتجهت من الجبهة الحدودية الى الجبهة الداخلية، على حد تعبيره، ويشار الى أنّه على الرغم من هذا، فانّ إسرائيل لم تُعلن حتى اليوم مسؤوليتها عن اغتيال مغنية في دمشق!!.
(دي برس)