18-10-2010 05:00 PM
كل الاردن -
ما زالت قرارات القمة العربية الاستثنائية التي استضافتها مدينة سرت الليبية الاسبوع الماضي، تلقي بظلالها القاتمة على أجواء العلاقات العربية العربية، في ظل حالة الانقسام الذي خلفته تلك القرارات، وما أعقبه من خلافات بين الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى وعدد من الدول الخليجية، وهو الأمر الذي حدا بموسى الى التهديد بالاستقالة من منصبه وعدم الانتظار لنهاية ولايته الحالية.
وكانت قرارات القمة قد فجرت خلافات حادة بين موسى وعدد من الدول بسبب ما اعتبرته هذه الدول تجاوزا من موسى لصلاحياته بتغيير جدول أعمال قمة سرت بالتعاون مع ليبيا رئيسة القمة, خاصة فيما يتعلق بقضية العمل العربي المشترك ورابطة دول الجوار العربي.
وذكرت تقارير صحفية في وقت سابق أن سبع دول عربية قدمت مذكرات إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية, للاعتراض على أحد بنود مشروع قرار تطوير منظومة العمل العربي المشترك, الذي تم تمريره في الجلسة الختامية لقمة سرت الاستثنائية.
وتضمنت المذكرات وجهة نظر هذه الدول حيال مشروع القرار, وعددا من الاعتراضات والملاحظات الجوهرية التي لم تتم مراعاتها وأخذها في الحسبان عند إعداد صيغة القرار, رغم أنها كانت تصب في إطار تطوير وإثراء منظومة العمل العربي المشترك, بشكل يحقق الغاية المنشودة التي يتطلع إليها القادة العرب.
في غضون ذلك، نقلت صحيفة "العرب" القطرية عن مصادر دبلوماسية عربية قولها، أن موسى أبدى أسفه الشديد لما اعتبره مواقف تسيء لتاريخه الدبلوماسي والوطني, مؤكداً أنه لم يتجاوز أحدا في تحديد جدول أعمال القمة العربية في سرت، وأنه هدد بالاستقالة دون الانتظار إلى نهاية ولايته الحالية, حيث يصر على عدم التجديد له, مكتفيا بالسنوات التي أمضاها في الجامعة وحقق فيها إنجازات ملموسة, خاصة على الصعيد الاقتصادي.
هجوم خليجي
كانت صحيفة "القبس" الكويتية نقلت الجمعة عن مصادر وصفتها برفيعة المستوى، قولها، ان الدول الخليجية استغربت ما اعتبرته "جرأة" عمرو موسى في طرحه قضيتي منظومة العمل العربي المشترك ورابطة دول الجوار، والإصرار على تمرير هذين المقترحين خلال انعقاد القمة العربية الاستثنائية في سرت.
اضافت المصادر أن موسى بلغ شخصيا بتحفظ دول الخليج ومصر وسوريا على المقترحين، إذ ان إقرارهما يحتاج إلى دراسة وتعمق وتأن.
وأشارت إلى أن أسلوب موسى لم يكن سليما، وبعيدا عن الأخلاق البروتوكولية أيضا، وأعربت عن خشيتها من ترتيب أو ربما صفقة تمت بين موسى ودولة الرئاسة، أي ليبيا، بحكم العلاقة الخاصة التي تجمع موسى والزعيم الليبي معمر القذافي لتمرير هذين المقترحين.
وقالت المصادر: هذا الترتيب أو الصفقة فيه مصادرة لآراء الدول، لكن من الواضح، استنادا للمصادر العربية الرفيعة، أن موسى يسعى لإقرار منظومة العمل العربي الجديدة لأنها تجعل منه "مفوضا" للاتحاد العربي الذي كان يسعى لإقراره على حطام الجامعة العربية، ومنصب المفوض من شأنه أن يرقي موسى إلى مصاف رؤساء الدول من حيث المعاملة والصلاحيات.
واعتبرت المصادر، التي لم تسمها الصحيفة، أن أسلوب موسى كان كمن يعالج التردي العربي بأسلوب مترد، وأكدت المصادر أن الدول الخليجية حسمت، لهذه الأسباب، موقفها من التمديد لموسى الذي تنتهي ولايته العام المقبل، وأضافت ان أولى خطوات إصلاح المنظومة العربية تكون بتغيير الطاقم والعقلية اللذين يتم بهما العمل.
وعن الدول السبع التي تحفظت على قرارات القمة الاستثنائية قالت المصادر انها تشمل دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء قطر الى جانب سوريا ومصر.
ولاية موسى
وكان موسى "72 عاما"، الذي تنتهي ولايته الثانية على رأس جامعة الدول العربية في مايو/ آيار للعام 2011، اعلن نهاية العام الماضي انه لن يترشح لفترة جديدة.
وذكرت تقارير إخبارية في وقت سابق أن موسى لن يقبل اقتراحات، أو حتى ضغوط، لتمديد مدة منصبه التي تنتهي فى مايو 2011 ولو لمدة عامين، بينما أكد مصدر رسمى مصرى أن تقدير القاهرة هو "أن موسى ليس منفتحا على فكرة التمديد وأنه يرى أنه فعل ما بوسعه منذ أن قبل بمنصبه والذى تولاه فى مايو 2001".
أسباب موسى، حسبما قالت مصادر دبلوماسية لصحيفة "الشروق" المستقلة، نقلا عما أشاروا إليه من قول الأمين العام لجامعة الدول العربية لعواصمهم وعواصم عربية أخرى، إنه غير راغب وغير قادر فى ظل حالة التشرذم العربى التى طالما تحدث عنها بصراحة ــ فى أن يستمر فى مهام منصبه.
يقول المؤيدون لتمديد ولاية موسى، انه لم يعرف عنه المداهنة رغم أنه شيخ الدبلوماسيين العرب – لديه أكثر من خمسين سنة في الدبلوماسية منذ أن عمل ملحقا في وزارة الخارجية المصرية عام 1958 – لدرجة أن مادلين أولبرايت وزيرة خارجية أمريكا السابقة، كانت تضيق به ذرعا عندما كان وزيرا لخارجية مصر .
ويرى مؤيدو موسى، أنه يتمتع بكاريزما كبيرة ويمتلك شعبية كاسحة سواء داخل مصر أو في البلاد العربية جاءت نتيجة عدة مواقف وتصريحات اضافة الى سيرته الذاتية , حيث يندر وجود سياسي عربي بمثل هذه الأخلاق الرفيعة، الا أنه يبدو غامضا إيديولوجيا فلا يعرف عنه انتماء يساري أو يميني أو إسلامي أو ليبرالي.
ويؤكدون أنه أدار الجامعة العربية خلال السنوات التسع الماضية باقتدار رغم شح الموارد لايمتلك الأمين العام طائرة خاصة كما صرح بذلك أثناء قمة دمشق العربية في مارس/آذار 2008 – اضافة الى التعالي والاستهزاء الذي تتعامل به القيادات العربية مع تلك المؤسسة وهنا نذكر تصريحات رئيس مجلس الأمة الكويتي الذي وصف الأمين العام لجامعة الدول العربية بالموظف وان كانت تلك الكلمة غير معيبة الا أنها تعبر عن استهزاء بمنصب الأمين العام.
اجتماع طارئ
في هذه الأثناء، أعلن موسى أن قطر طلبت رسمياً عقد اجتماع غير عادي لوزراء الخارجية العرب لمناقشة التكليفات الصادرة عن القمة العربية الاستثنائية في سرت لتطوير منظومة العمل العربي المشترك، خاصة ما يتعلق بتشكيل اللجنة الوزارية المصغرة لإعادة صياغة مشروع البرتوكول الخاص بتطوير منظومة العمل العربي المشترك.
وقالت مصادر دبلوماسية عربية بالقاهرة إن دولة قطر طلبت عقد الوزاري العربي لبحث مقررات قمة سرت الاستثنائية المثيرة للجدل, والتي فجرت الخلاف بين موسى وعدد من الدول بسبب ما اعتبرته هذه الدول تجاوزا من موسى لصلاحياته بتغيير جدول أعمال قمة سرت بالتعاون مع ليبيا رئيسة القمة, خاصة ما يتعلق بقضية العمل العربي المشترك ورابطة دول الجوار العربي.
وأيد الأمين العام لجامعة الدول العربية في تصريحات له أمس بالقاهرة طلب دولة قطر عقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب للتشاور بشأن قرارات قمة سرت ووصفه بأنه طلب سليم وجاء في وقته.
وقلل موسى, المعروف بدبلوماسيته الشديدة من حجم الخلافات بين الدول العربية بشأن قرارات القمة العربية في سرت, موضحا أنه سوف تجرى مشاورات مع الدول العربية, وبناء عليها سوف يتم اتخاذ قرار بشأن عقد الاجتماع وموعده.
وقال في رده على أسئلة بشأن ملاحظات الدول العربية السبع على قرارات القمة العربية الاستثنائية، إن من حق الدول أن تتقدم بملاحظات ولا بد من مناقشتها، وإنه لا شيء خارج عن العادة في هذا.
وردا على سؤال حول, هل سيكون الاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية في إطار تنفيذ قرارات القمة العربية الاستثنائية بعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب خلال ثلاثة أشهر من أجل صياغة القرارات الصادرة عن قمة سرت, قال موسى: إن هذه قرارات قمة، ولا بد من البناء عليها ومناقشتها وأخذ وجهات النظر المختلفة في الاعتبار. وقد توجه موسى إلى الكويت أمس في زيارة تستمر عدة أيام للمشاركة في إطلاق "صندوق دعم وتمويل مشاريع القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي".