أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ما وجه التشابه بين ايران والامبراطورية العثمانية في المنطقة ؟

بقلم : يارا الغزاوي
21-04-2013 09:22 AM


ما وجه التشابه بين ايران والامبراطورية العثمانية في المنطقة ؟
ما هو الحجم الذي تريده إيران لنفسها في المنطقة ؟
ما هي الظروف العربية التي تُمكّن إيران من أخذ هذا الحجم ؟
هل تَخْلُف إيران العثمانيين خلال القرن الحالي والقادم ؟

إن إحدى النظريات عبر التاريخ تقول أنه إذا جابهت أمة لمدة طويلة نسبياً قضايا مصيرية عجزت عن حلّها , أو واجهت قوى أكبر منها , فإنها تمر بمرحلة من الاسترخاء والإحباط , ويميل معها نخبها إلى تجنب أية معارك , حيث تركن تلك الأمة إلى هيمنة دول أجنبية أخرى تتولى حل مشاكلها , وآخذة على عاتقها إدارة الصراع نيابة عن نخبها المتنوعة , وموجهة دفة تلك الإدارة إلى تحقيق مصالحها الخاصة
لم يكن الاحتلال العثماني للبلاد العربية ناتجاً عن قوة الإمبراطورية الناشئة آنذاك بقدر ما كان انكشافاً وضعفاً للدولة العربية التي تركت مواجهة المغول للمماليك وغيرهم . وعندما وصل سليم الأول إلى القاهرة قدم له شريف مكة مفاتيحها ولقبه ( حامي الحرمين الشريفين ) في مشهد يتماهى مع مشهد صلاح الدين عندما فتح القدس

بعد أربعة قرون من هذا الاحتلال اكتشف القوميون العرب أن بلادهم أصبحت مادة لمساومة الغرب عليها كثمن لبقاء السلطنة فخرجت تونس والجزائر ومصر وليبيا والخليج منها دون أن يؤثر ذلك على علاقة تلك الدول مع الإمبراطورية المريضة . وكانت المفارقة أن مؤيدي الاحتلال العثماني من العرب اتهموا القوميين العرب بالتآمر على الإمبراطورية العثمانية في الوقت الذي كان به العثمانيون يُسلَمون الأراضي العربية قطعة تلو القطعة للدول الغربية مقابل استمرار السلطنة المتهالكة . وهكذا تعلق العرب بالعثمانيين ليتخلصوا من المماليك والأوروبيين .. ثم أعادوا الكَرّة بالاستعانة بالغربيين للتخلص من العثمانيين

ولو ألقينا نظرة على الوضع الحالي للأمة العربية لرأينا أن النخب الحاكمة لم تحقق أية نجاحات على كافة الأصعدة , تتيح لها إمكانية تبني سياسات قادرة على الإمساك بزمام المبادرة في المسألة القومية والقضية الأولى ' قضية فلسطين ' أضف إلى ذلك أن استقلالية قرار الدول العربية وخاصة المتاخمة لإيران مفقودة ومرتبطة بشكل وثيق بالدول العظمى .

أما المشهد الداخلي للبلاد العربية فيكاد يكون أشد من التبعية للعالم الغربي . فهناك تغيرات كبيرة تجري على الساحة العربية في أغلب أمصارها , وهذه التغيرات أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد وعلى النسيج الاجتماعي – ولو إلى حين - . وساعد على ذلك أن بعض النخب الحاكمة وبعض الأحزاب اعتبر أن مسألة التحالفات الإقليمية في سبيل مواجهة مد ( الكيان الصهيوني ) أهم بكثير من البناء الداخلي والمؤسسات الديمقراطية القادرة على قيادة التغيير الآتي مع رياح العولمة وثورة الاتصالات . وهذا ما ساعد إيران للدخول في لعبة التوازنات الإقليمية من أوسع الأبواب .

إن إيران تمكنت – على الرغم من الحصار الخانق المفروض عليها – من أن تصبح مركزاً لاستقطاب القوى الراغبة بالتصدي ( لإسرائيل ) , بُغية السيطرة الإقليمية على منطقة الخليج , ومد نفوذها الإقليمي غرباً حتى البحر المتوسط وجنوباً حتى اليمن , مستغلةً الحالة العربية الناشئة والخلافات العميقة بين الدول العربية بكافة اتجاهاتها , وعدم قدرة تلك الدول فرادى ومجتمعة على القيام بأية مبادرة لبناء دور ذاتي أو إقليمي – باستثناء مجلس التعاون الخليجي – بسبب الريبة من مواقف تلك الدول بعضها من بعض , والريبة من مواقف النخب الحاكمة داخل البلد الواحد . فكان لكل منهم حليف يتكل عليه من خارج المنظومة العربية في السياسة والاقتصاد والثقافة والحرب .

هذا الوضع هيأ لإيران إمكانية التحول إلى إمبراطورية جديدة , على الرغم من كل ما تمر به من أزمات سياسية خارجية . ويكفي أن نعلم أن من أتى برجال ' المُلا ' على حد وصف مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر ( زبغنيو بريجنسكي ) هي أمريكا ذاتها , بعد أن تم التخلص من شاه إيران الذي تمرد على الأمريكيين في قضيتي ( بيع طائرات توم كات ف14 ) و ( أجهزة الإنذار المبكر على حدود جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق ) . أضف إلى هذا أن الداخل العربي يعاني من السقوط الثقافي , والتردي العلمي , وانهيار الطبقة الوسطى , وسقوط قيمة العمل , وغياب المجتمع المدني , وعدم استشراف أية بوادر للتخلص من كل تلك الأمور في الأمد القريب , مع كل ما تمثله تلك القضايا من ضعف بنيوي للدولة.

لا أحد ينكر أن هدف إيران هو ترجمة قوتها العسكرية المتصاعدة إلى مكاسب إقليمية على المستويين الاقتصادي والسياسي , والدول العربية عاجزة عن التصدي لهذا المد أو على الأقل الوقوف نداً له , عبر موقف قومي أو موقف جمعي , يمنع إيران من جذبها لكيانات مجزأة ومتنابذة

لن أقول أن الأمة العربية على مفترق طرق خطير , بل يمكن القول أن الأمة العربية الآن باتت على شفا حفرة الانهيار , ولم تعد تملك أي خيار يمكن أن تقرر به مصيرها , وإيران تسير بخطى ثابتة لتكوين إمبراطوريتها التي ستستقطب كل تلك الدول المتصارعة والمتنابذة , وتصبح مركز الثقل واللاعب الأساسي للسنوات القادمة , وسيعيد التاريخ نفسه منذ عهد الخليفة العباسي المعتصم وصولاً إل العثمانيين والفرنسيين والانكليز
لقد أصبح المخططون العرب يهتمون بعدد السيارات اللازمة , ورؤوس الخراف , وأقمشة الجينز ...... في السنوات المقبلة, متناسين التخطيط للمصير والوجود والهوية وسط غابة المصالح الدولية

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
21-04-2013 02:57 PM

مع احترامي لك أخت يارا فإنني أقول لا يمكن في أي حال من الأحوال مقارنة هذه الدولة الصفوية بدولة الخلافة الإسلامية الحقيقييه كدولة العباسيين أو العثمانيين .

صحيح أن الدولة العثمانية في اواخر أيامها أصبحت تتخبط وهذا ما جعلها مكروهة من الناس وليس كل الناس لأن الجند الأتراك عانوا الكثير عندما كانوا في بلاد الشام والحجاز في آخر أيام الدولة بدون إتصال مع قياداتهم أو التزود بالمؤن وخاصةًالطعام مما جعلهم يسلبون وينهبون في سبيل البقاء والعيش ، إلا أنها كانت تصرفات فردية وليس للدولة الضعيفة في ذلك الوقت تلك السلطة عليهم .

أما في أيام مجدها فقد كانت الدولة العثمانيه دولة قوية تنشر العدل والسلام ... حتى أنها كانت تحمي اخواننا المسيحيين وحتى بني يهود الذين إحتموا في دولة الإسلام كانت تحميهم ... وخاصةً بعد خروج المسلمين من الأندلس نتيجة الضعف والبعد عن الدين أيضاً وبعد أحداث محاكم التفتيش في الأندلس عندما بدأ الإسبان بقتل الصغير قبل الكبير إذا لم يرتدوا عن دينهم سواء كان إسلامي أم يهودي ... هذه هي ديمقراطيات الغرب ... فخاف حتى اليهود هناك على أنفسهم وأحتمو بدولة الإسلام

ولا ننسى الخليفة العثماني السلطان عبد الحميد الذي رفض دخول الإنجليز واليهود إلى فلسطين بالرغم مما قدموه له من مغريات بالرغم من أنه كان قد بدأ الضعف يغزو الدولة الإسلامية ... هذه هي دولة الإسلام عندما تكون في قوتها وعزتها .

فلا يمكن مقارنة دولة كهذه بدولة الصفويين الذين يكفرون الصحابة ويتهمون السيدة عائشة بالرغم من أن رب العالمين قد برأها من فوق سبع سماوات وأنزل قرآن في هذا الشأن

على كل حال أنا لست مثقفاً دينياً بشكل كبير ولكن ادعوك لقراءة التاريخ الحقيقي لدول الخلافة الإسلامية لتطلعي على حقائق غائبة عنا جميعاً ولتعرفي كم هو الإسلام دين عظيم

ولكن مسلمي ومتديني هذه الأيام شوهوا كل شيء وأساؤو للإسلام بشكل كبير حتى أنه لا يعلم الواحد منا من هو على حق ومن هو على باطل ... وهناك حديث لسيد الخلق محمد يقول: 'في آخر الزمان يصبح الحليم حيران' أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

فلا بدا أن يكون هذا هو الزمان المقصود من كثرة ما فيه من حيرة ... كلها شيوخ تفتي وأحزاب إسلامية تكيف الدين على هواها وتوظفه كما تشاء بما يخدم مصلحتها فقط .. فلا حول ولا قوة إلا بالله

وشكراً

2) تعليق بواسطة :
21-04-2013 05:35 PM

كلامك منصف وعادل وقد ذكرت الحقيقه التي شوهها الاستغمار والعلمانيين . ةلكن هناك اناس يكتبون ولا يعرفون ما يكتبون ! فقط ترديد جمل ومفردات منقوله او محفوظه . ولا تنسى اننا في عصر الرويبضات .

3) تعليق بواسطة :
21-04-2013 05:51 PM

Thank you so much. Excellent essay.

4) تعليق بواسطة :
27-07-2015 09:55 PM

اشكرا قلمك الذي انار لنا الفرق

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012